Top

ما وراء القيادة الذاتية: تمكين الآلات من التعلّم

من الممكن أن يساعد تدريب واختبار السيارات ذاتية القيادة على نشر مركبات أكثر أمانًا. صورة الملف.

-بقلم سونيا توروسينسكي ، جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية

إن خوارزميات تعليم الآلة سمحت للسيارات أن تستغني عن السائقين البشريين في المستقبل القريب، و لكن هذا الموضوع يطرح العديد من الأسئلة حول حدود معرفتنا عن الدماغ و كيفية التعلّم.

قام برنارد غانم، البروفيسور في الهندسة الكهربائية في مركز الحوسبة المرئية في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (كاوست)، والباحث الرئيسي في مختبر إدراك الصور والفيديو (Image and Video Understanding Lab (IVUL)) ، بتطبيق تقنيات  تعلّم الآلة على الكمبيوتر وذلك لتمكينه من الملاحة الآلية، مثل السيارات ذاتية القيادة والطائرات ذاتية الطيران بدون طيار، ومحركات البحث ومحركات التعرّف ومواضيع أخرى.

اختبر فريق من مختبر إدراك الصور والفيديو التابع للجامعة خوارزمايتهم على طرق كاوست.

يشرح غانم: "تقوم ادمغتنا بمهام معقدة مثل التحرك والتعرف على الأشياء باستهلاك منخفض للطاقة، ونحن  نجري أبحاثًا لفهم كيفية وضع هذه الوظيفة في الآلة، ومن المثير أننا نسعى لتقليد نظام موجود بداخلنا، مما يعني أننا في الحقيقة لا نفهم فعلاً كيف تعمل أدمغتنا".

رجل مقابل آلة

ويقول غانم: " الإبداع هو نوع ذكاء محدد يميزنا كبشر، لذا فإن أي خوارزمية إبداعية، يمكن أن تكوّن ذكاءً اصطناعياً حقيقياً، بمتلك القدرة على الإبداع. ويستطيع البشر الانتقال من مهمة إلى أخرى وتطوير معرفتهم دون التدرب على ذلك. هذا هو الابداع بعينه: امكانية تعلّم شيء دون أن تدرسه،  وهذا ما نحاول الوصول اليه في تعلّم  الآلة و لكننا لم نصل لهذه المرحلة حتى الآن".

إن تطوير خوارزميات التعليم الآلي مع استحداث قدرة الآلة على الإبداع ، يحتّم على الباحثين أولاً أن يفهموا آلية  نقل المعرفة عند الانتقال من مهمة إلى ما يليها. وهناك مجموعة متنوعة من التحديات التي يجب التغلب عليها ، لكن غانم يفترض أنه ربما يحتاج الباحثون أولاً إلى تحديد ما هو أساسي،- هل التقنية الصحيحة تقوم على التعليم العميق؟ ما هو نوع التعليم الذي تتطلبه هذه المهارة؟ ولو افترضنا أن الشبكات العصبية المعقدة هي الطريقة الأمثل ، فكيف يمكننا تعليم نقل المعلومات في الواقع ؟

أصبحت السلامة مؤخراً مصدر قلق و اهتمام كبيرين للمبرمجين والمصنّعين.

على الرغم من أن الخوارزميات بدأت بالتفوق على البشر، إلا أن التعليم الآلي لا يزال يتم تحت إشراف الإنسان. حيث أن اختيار النتيجة المطلوبة هو جانب هام في برمجة الخوارزميات.
ويقول غانم: " علينا أن نبدأ بالسؤال عن النتيجة المرجوة من هذه البرمجة؟ و يمكن أن يكون هذا السؤال معقداً للغاية ويصعب الإجابة عليه".

على الرغم من كون التعليم الآلي مستوحى من قدرة الدماغ على أداء المهام المعقدة ، إلا أن غانم لا يعتقد أن آلية وطريقة عمل الدماغ هي الطريقة الوحيدة – أو الأكثر فعالية – للتعلّم الآلي. إذ يعابر غانم أنه"صحيح أن الدماغ يعدّ مثالاً لأحد النماذج الناجحة التي يريد التعلّم الآلي تقليدها، ولكن يمكننا الوصول إلى قمة الجبل من خلال طرق عدة، فالمهم هو الوصول إلى القمة".

اختبار القيادة للسيارات ذاتية القيادة

شهد مجال السيارات الذاتية القيادة اهتماماً من ناحية الاستثمار والاهتمام والابتكار التكنولوجي، منذ أن بدأت غوغل وشركات أخرى في تحقيق قفزات هائلة في هذا المجال. ولكن حادثاً نتج عنه حالة موت في ولاية أريزونا شمل سيارة اوبر ذاتية القيادة جلب قضية السلامة إلى الصدارة. وأوضح غانم أن هناك تساؤل الآن، حول لزوم فرض اختبار قيادة ميداني للسيارات الذاتية. ويعتبر أنه وفريقه على استعداد تام لتقديم العون في هذا الموضوع.

طالب الدكتوراة في كاوست ماثياس مولر من مختبر إدراك الصور والفيديو التابع للجامعة.

 ولقد أمضى الفريق عاماً كاملاً في تطوير خوارزميات الملاحة الآلية الذكية، مستندين على المحاكاة المستخدمة في السيارات ذاتية القيادة على سبيل المثال، التي تعلّم المركبة أن تتفاعل كما ينبغي عند مواقف خطرة أو غير عادية، قبل أن يتم استخدامها. وتم تطوير بعض هذا العمل بالتعاون مع معامل إنتل في ألمانيا. كما تم اختباره على الطرق القريبة من مركز أبحاث الشركة في ميونيخ، وتم اختبار نفس السيارة المتحكم بها عن بعد على طرق كاوست.

فريق من مختبر إدراك الصور والفيديو التابع لكاوست. قاموا باستخدام لعبة فيديو “unreal engine” لإنشاء محاكاة واقعية عالية الدقة للسيارات ذاتية القيادة.