Top

عقول ملهمة تجتمع معاً في تيد إكس كاوست

عقدت الجامعة مؤخراً فعّالية تيد إكس كاوست (TEDx - KAUST) الثانية، التي ضمّت ستة متحدثين ملهمين من مجتمع كاوست ناقشوا فيها موضوع "القوة الدافعة". الصورة بعدسة خلود معاذ.

بقلم: ديفيد مورفي  وكايتلين كلارك، أخبار جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية

أقامت جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (كاوست) في 31 أغسطس الماضي، فعّالية TEDx الثانية التي ركّزت على موضوع "القوة الدافعة"، برعاية مكتب برامج الإثراء في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية. وشارك في الحدث ستة متحدثين من أعضاء هيئة تدريس وموظفي وطلبة كاوست، وألقوا فيه كلمات شجعت الحاضرين على إطلاق عنان قدراتهم لتحسين العالم.

وتحدث ضيوف TEDxKAUST عن تجاربهم في النجاح والفشل والتغلب على العقبات، وكيف أنه يمكن في بعض الأحيان للأفعال غير المهمة، أن تغير مسار حياة الفرد على الصعيدين الشخصيّ والمهنيّ.

وأوضحت ميراي حنتوش، طالبة الدكتوراه في كاوست ومؤسِّسة فعاليات TEDx في الجامعة: "أن تيد إكس كاوست حدثٌ يقوده الطلبة، إذ يمنح طلبة الدراسات العليا في الجامعة الفرصة لأن ينظّموا ويقدّموا لكلّ مجتمع كاوست، لمحة عن تجاربهم على غرار فعاليات TED، عبر قصص ملهمة يقدّمها أعضاء هيئة التدريس والموظفون والطلبة، وباقي أعضاء المجتمع".

يذكر أنّ حنتوش أنشأت في ديسمبر 2015 مجموعة طلابية في إطار شؤون الخريجين بالجامعة، تحت عنوان "علّم.. إستكشف.. توسّع"، حيث يناقش الطلبة فيها مواضيع خارج مجالات أبحاثهم أثناء مشاهدتهم الكلمات التي تُلقى في TED.

وقد أبدى بعض أعضاء المجموعة اهتمامهم باستضافة حدث TEDx الأول لكاوست، مما حفز حنتوش على الحصول على ترخيصٍ جامعيّ لفعالية تيد إكس كاوست TEDxKAUST. وتم تنظيم فعّالية TEDxKAUST الأولى في العام 2017 تحت عنوان "عامل التأثير"، مع الأستاذ المساعد في كاوست، البروفيسور ماني ساراثي، كعضو في هيئة التدريس ومستشاراً للفعالية. وفي فعالية العام 2019، تولت الدكتورة ديريا باران، الأستاذة المساعدة في كاوست، دور عضو هيئة التدريس المستشار.

فريق من طلبة كاوست، منهم طالبة الدكتوراه ميراي حنتوش (الصف الأمامي، الثانية من اليسار)، ومستشار هيئة التدريس البروفيسور ماني ساراثي (الصف الأمامي، الأول على اليسار)، الذين نظّموا أول فعالية TEDx للجامعة في 2017. مصدر الصورة: كاوست.

تقول حنتوش: "تلقينا ردود فعل إيجابية رائعة على فعالية 2017، لذا وبدعم من مكتب نائب رئيس الشؤون الأكاديمية ومكتب برامج الإثراء، عملت مع فريق آخر من طلبة الدراسات العليا على فعالية تيد إكس كاوست لهذا العام. في قلب كل حدث في TEDx، يوجد فريق من المتطوعين المتفانين الذين يعملون بجد، ما يجعله مجهوداً جماعياً. آمل أن أكون قد وجهت ودربت الآخرين لقيادة فعّاليات تيد إكس كاوست المستقبلية".

وفيما يلي نبذة مختصرة عن الكلمات الست التي ألقيت خلال تيد إكس كاوست للعام 2019.

عمار عيدروس الصبان، عضو مجتمع كاوست، ومحرّك دمى العرائس، يتحدث في تيد إكس كاوست عن تحويل شغفه إلى قوة دافعة لحياته المهنية. الصورة بعدسة خلود معاذ.

ستة وعشرون ألفاً، كلمة عمّار عيدروس الصبّان، عضو مجتمع كاوست، محرّك دمى العرائس

في حديثه، ناقش الصبان شغفه للناس والمعرفة، وكيف تحوّل هذا الشغف إلى قوة دافعة وراء مسيرته.

نحن نعيش مرة واحدة فقط، أليس كذلك؟ والحياة قصيرة! نحن نعيش في المتوسط ستةً وعشرين ألف يوم. ستة وعشرين ألفاً! ليست مدّة قصيرة. في العام 2013، أدركت أنني كنت في اليوم 12500. وعلى الرغم من أنني كنت أمتلك كل ما قيل لي إنّ عليّ أن أمتلكه: تعليم، وظيفة رائعة، زوجة رائعة، طفل جميل، إلا أنّ نصف حياتي ولّى قبل أن أحقق نصف الأشياء التي أردتها... بالنظر إلى الوراء، لم يعجبني الأمر. لم أكن أنا. لقد كان شخصاً آخر! كانت تلك هي قوّتي المحركة، وهذا ما أريد أن أتحدث عنه اليوم. لا أريد أن أكون آسفاً لخيارات حياتي حين يحلّ اليوم 26000.

نحن نتعلم عن طريق التجربة والخطأ، لذلك عندما نظرت إلى أفعالي عندما كنت صغيراً، وجدت خمسة أشياء كانت مصدر سعادتي: أوّلها أنني خربشت ورسمت في جميع كتبي الدراسية، بل وغيرت كل ممتلكاتي؛ الثاني أنني كنت أحلم أحلام يقظة، وأمضيت الكثير من الوقت في التفكير؛ الثالث أنني شاهدت التلفزيون والرسوم المتحركة كل الوقت؛ الرابع أنني أحببت المزاح وأن أجعل الناس يضحكون؛ والخامس أن أنظر إلى الأشياء من وجهات نظر مختلفة، ودائماً ما جادلت وجهة نظري. لكنّني اليوم تعلمت من خلال التجربة والخطأ كيفية تحويلها جميعاً إلى مهنة.

الخربشة والرسم تعني التصميم، وأحلام اليقظة تعني إنشاء المحتوى، والتلفزيون يعني الدّمى، التمثيل الصوتي والمزاح يعني الكوميديا،  والكلام يعني البودكاستينغ.

عمار عيدروس الصبان، المتحدث في تيد إكس كاوست، (يساراً) يعرض إحدى الدُّمى لماني ساراثي، عضو هيئة تدريس مستشار فعالية تيد إكس للعام 2019. الصورة بعدسة خلود معاذ.

وها أنا اليوم أتقاضى دخلاً عن القيام بكل الأشياء التي قيل لي سابقاً أن لا أسعى لتحقيقها. عودوا في ذاكرتكم وفكّروا مرة أخرى في ذاتكم حين كنتم في الخامسة من العمر، هل سيشعر ذلك الطفل أو تلك الطفلة بالسعادة إذا ما وجدوا أنفسهم مكانكم اليوم؟ إذا كانت الإجابة نعم، فتهانينا! إذا لم يكن الأمر كذلك، فحاولوا إعطاء فرصة لأحلام طفولتكم. أنا فعلتها، وآخر 2000 يوم من حياتي هي الأفضل والأكثر إنتاجية من بين 14700 يوم في حياتي!

لم يكن الأمر سهلاً؛ كان محرجاً في بعض الأحيان. فلقد فشلت كثيراً واضطررت إلى تعكير صفو راحتي، لكن هذا ثمن ضئيل يجب أن يدفعه المرء لتحقيق أحلامه وسعادته، وعدم الشعور بأي ندم حين يصل إلى اليوم 26000 من حياته.

براء لوحيد، عضوة مجتمع كاوست ورائدة الأعمال، متحدثةً في تيد إكس كاوست 2019 عن شغفها بركوب الدراجات وتحويله إلى رحلة ريادة أعمال. الصورة بعدسة خلود معاذ .

"عجلات التغيير"، كلمة براء لوحيد، عضوة مجتمع كاوست ورائدة أعمال.

في كلمتها، تحدثت براء لوحيد عن عدم اليقين والحاجة إلى التغيير المستمر، بوصفهما عنصرين أساسيين للشعور بالحياة الحقيقية. خلال حديثها، شاركت براء قصتها عن عثرات حياتها، التي كانت تحول دون اتّباع شغفها، وكيف تغلبت عليها. وهي تأمل في إلهام فتيات المملكة والعالم لمتابعة أحلامهن.

كان الخوف يكمن في كل مكان: الخوف من خسارة المال؛ الخوف مما سيحمله المستقبل؛ الخوف من العمل في مجال لا فرصة فيه على التألق والتميز، باستثناء النساء السعوديات.

لم أتوقف وشقيقي عن رحلة الريادة. استأنفنا رحلتنا في بيع الدراجات، وحوّلنا حلمنا إلى شركة ناشئة ثم إلى علامة تجارية، ثم إلى متجر دراجات. وفي الواقع حوّلنا الحلم إلى عمل قابل للاستثمار.

وكسيدة أعمال، أردت أن أشارك جميع النساء هذا الشغف بركوب الدراجات - لولا أن ركوب الدراجات ذلك الوقت بالعباءة التقليدية كان شبه مستحيلاً. لغير المطّلعين منكم على العباءة، إنه الزي التقليدي الذي ترتديه النساء في العالم العربي، إنها أشبه بفستان، ومن المحتمل 99.9 بالمئة أن يلتقطه سير الدرّاجة الهوائية أو دواليبها عند مسيرها.

لذلك اعتقدت أنّ عليّ أن أفعل شيئاً. أردت أن أحوّل شغفي صوب تصميمٍ معيّن يسمح لجميع النساء المسلمات، وليس فقط السعوديات، بركوب الدراجة الهوائية، والشعور بالحرية التي شعرت بها عند ركوبي للدراجة. لكنني لست مصممة أزياء، فأنا رائدة أعمال. لكنّ هذا بالضبط ما تعنيه ريادة الأعمال.

ثم حققت اكتشافاً رائعاً، حين تبيّن لي أن أمي خياطة ماهرة. فساعدتني في وضع التصميم الأول. لم يكن رائعاً في البداية، لكنه كان جيداً بدرجة كافية. وهكذا كنت محظوظةً بعرض التصميم في أسبوع التصميم السعودي 2018.

طلبت براء لوحيد، المتحدثة في تيد إكس كاوست 2019، من الجمهور دراسة مخاوفهم وتحويلها إلى "عجلات تغيير". الصورة بعدسة خلود معاذ.

وما كان في السابق عملاً مخيفاً أصبح الآن أحد مشاريع Nike النسائية.

عباية ركوب الدراجات الرياضية التي صممتها باتت موجودة، لكن من الصعب على جميع النساء ركوب الدراجات في الأماكن العامة. لذلك اعتقدت أنّ عليّ أن أفعل شيئاً حيال ذلك. ما هو يا ترى؟ أردت تغيير هذا الواقع، والشيء الوحيد الذي يمكنني فعله هو أن أكون أحد اللاعبين الأساسيين في لعبة التغيير.

لذلك عملت مع الاتحاد السعودي لركوب الدراجات وبدأت من الصفر وساعدت في إتاحة الفرص للنساء في عالم ركوب الدراجات؛ ليس فقط من خلال بناء مركزين للتدريب في الرياض، لكنني أنشأت أيضاً أول فريق نسائي وطني. وأصبحت أيضاً أول عضوة في مجلس إدارة الاتحاد السعودي للدراجات.

واليوم تنظم المرأة الواقفة أمامكم والتي كانت في السابق خائفة من ركوب الدراجة، إلى حملة عالمية لتمثيل الشرق الأوسط كواحدة من بين خمسة أشخاص من جميع أنحاء العالم، قاموا بتغيير في مجتمعاتهم.

أنا لست هنا اليوم لأخبركم أن الخوف وهم، أو شيء يمكنكم تدبّره بسهولة. الخوف غريزة إنسانية أساسية لا يمكننا مقاومتها، ولكن يمكننا أن نجعلها تعمل لصالحنا.

ثمّة سؤال واحد أردت أن أطرحه عليكم اليوم: عندما تعودون إلى المنزل، أمسكوا قلماً وورقة وسجّلوا كل ما تخشونه. مخاوفي كانت ركوب دراجة ذات عجلتين، وأنا حولت هذا الخوف من العجلات إلى "عجلاتٍ للتغيير".

إستيبان سانشيز-كانيبا، خريج كاوست والمؤسس المشارك لشركة سديم الناشئة، متحدثاً في فعالية تيد إكس كاوست عن التغلب على الخوف والتوصل إلى النجاح من خلال الشغف والتعددية الثقافية. الصورة بعدسة خلود معاذ.

"القوى البشرية لريادة الأعمال"، كلمة إستيبان سانشيز-كانيبا، خريج كاوست والمؤسس المشارك ورئيس قسم التكنولوجيا في سديم للتكنولوجيا

في حديثه، أوضح سانشيز كانيبا أهمية الشغف والتعددية كعناصر أساسية للنجاح.

من تجربتي، توجد قوتان يمكنهما دفع رواد الأعمال للتغلب على الخوف والوصول إلى حالة من الابتكار المستمر، وبالتالي دفع فرص النجاح. هاتان القوتان هما العاطفة والتعددية!

كانت المسيرة الأكاديمية تهمّني إلى حد، لكنني بالتأكيد كنت تائهاً بشأن مستقبلي. يجب ألا نخجل من أننا نشعر أحياناً بالضياع في بعض لحظات حياتنا لأن للضياع جانباً مشرقاً. عندما تضيع، فأنت حريص على خوض تجارب جديدة. وجمال التجارب الجديدة يكمن في زيادة احتمال العثور على شغفٍ تتبعه في الحياة. لكن في النهاية، لا يهم ما إذا كنت قد ولدت بشغفِ ريادة الأعمال أو أنّك طوّرته لاحقاً في حياتك، فذلك الشغف سيزيد من فرصك في الابتعاد عن الفشل.

ينحدر أعضاء فريقنا من أربع قارات مختلفة. التنوع الثقافي جزء من هويتنا، ونحن نحتضنه ونعززه. أدرك الآن، بعد سنوات من التفاعل اليومي مع أشخاص لديهم رؤية مختلفة تماماً عن حياتي، أن التنوع الثقافي أمرٌ يشبه فعلياً الشغف. إنه قوة مركزية يمكنها أن تدفع روّاد الأعمال إلى التفوق.

إستيبان سانشيز-كانيبا، رائد الأعمال، متحدثاً لجمهور تيد إكس كاوست عن ضرورة التركيز على تجارب جديدة، لأنّه من خلالها يزداد احتمال العثور على شغف متابعة الحياة. الصورة بعدسة خلود معاذ.

يتمثل الجزء المذهل في العمل مع فريق متنوّع ثقافياً لمعالجة مشكلة عالمية، مثل الفيضانات في المدن، في مدى سرعة تكييف حلولك مع الأسواق المحلية في جميع أنحاء العالم. سيتعذّر حقاً على فريق أعمال أن يحقق مشاريع في قارات مختلفة في الوقت نفسه من دون التنوع الثقافي. إنّ تكييف الشركة مع الأسواق الدولية سيكون أسرع وأكثر كفاءة من خلال فريق متنوع.

يمنح الشغف والتعددية فريقنا فرصة للنجاح كشركة ناشئة، لكنّ الأمر بالتأكيد يتجاوز ريادة الأعمال. فكلما حافظنا على شغفنا المتأصل وتعدديتنا، ازداد تأثيرنا على مجتمعاتنا بشكل إيجابي، بغض النظر عن المكان الذي نذهب إليه، أو من نحن، أو ما نفعله.

عالم الأبحاث والمتحدث في تيد إكس كاوست، ماجد سراج، يوضح أهمية العلوم الأساسية في حياة الصغار والكبار. الصورة بعدسة خلود معاذ.

"سر الحياة الخفيّ"، كلمة ماجد سراج، عالم أبحاث في كاوست

في حديثه، ناقش سراج كيف يمكن للعلم الأساسي أن يحول حياتنا ويلهم الأطفال والشباب والباحثين والعلماء لكشف المزيد من النظريات الأساسية للنهوض بالإنسانية.

لماذا يجب أن تهتم بالعلوم الأساسية؟ اسمحوا لي أن أطرح السؤال بطريقة أخرى. ما هو تأثير العلم الذي يهمنا أكثر، ونشعر بالحماسة حياله في حياتنا اليومية؟ أعتقد أن الكثير منا يهتم أكثر بالتطبيقات، لا سيما أحدث التقنيات. هواتفنا الذكية، سماعاتنا البلوتوث؛ وغيرها من الأدوات. في الواقع، إنها تجعل حياتنا أسهل. ولكن، علينا أن نتعلم أن التقنيات في هذه الأجهزة ستموت قريباً جداً وستأتي بدلاً منها تكنولوجيات جديدة.

طور ألبرت أينشتاين النظرية العامة للنسبية منذ أكثر من 100 عام. لم يكن أهل عصره يعرفون ما إذا كان يمكن استخدام هذه النظريّة لصنع شيء مفيد، لكن انظروا الآن. كم عدد التطبيقات التي تستخدم نظريات أينشتاين؟ بدءاً من الهواتف المحمولة ونظام تحديد المواقع العالمي GPS، إلى محطات الفضاء الدولية. ساعدتنا نظرياته في وضع أقمار صناعية حول الأرض والوصول إلى المريخ. العلوم الأساسية حولنا سوف تبقى معنا. ما تعلمناه عن العلوم الأساسية قبل 100 عام هو ما نراه اليوم كتكنولوجيات رائدة.

أشار ماجد سراج، المتحدث في فعالية تيد إكس كاوست، إلى أنه من خلال تعلم "أساسيات أنفسنا وطبيعتنا وكوننا"، قد نكتشف "سر السعادة الخفي". الصورة بعدسة خلود معاذ.

رسالتي إلى طلابنا هي: البدء في فتح المزيد من النوافذ على المعرفة الأساسية لجعل المستقبل أقرب، ولمنح أطفالنا وأحفادنا فرصة العثور على شيء لبناء مستقبلهم. رسالتي إلى الآباء هي: شجعوا أطفالكم على الاستمتاع بالأفلام الوثائقية حول العلوم. هناك العديد من القصص المثيرة للاهتمام مثل Avengers وThe Incredibles، مثل قصة الحركة البراونية (Brownian Motion). عندها سيهتم الأطفال بالعلم كاهتمامهم بمشاهدة الأفلام، وستقفز الحضارة إلى المستوى التالي.

وأخيراً، رسالتي إلى الجميع هي: إذا كان ثمّة معرفة ننقلها إلى الجيل التالي، فستكون في شكل حقيقة أساسية، لا في شكل سيارة لامبورغيني أو هاتف آيفون حديث. وإذا كنا نريد حقاً معرفة السر الخفي للسعادة والحياة والصحة، فعلينا أن نتعلم أساسيات أنفسنا وطبيعتنا وكوننا. عندها فقط سنحصل على الحكمة ومفاتيح المعرفة، التي تمكننا من كشف السر الخفي للحياة.

روبن مارتينز دا كوستا، المتحدث في تيد إكس كاوست وطالب الدكتوراه في كاوست، يناقش قوة المعرفة العلمية في حياة الأطفال والكبار على حد سواء. الصورة بعدسة خلود معاذ.

"الأطفال يولدون علماء"، كلمة روبن مارتينز دا كوستا، طالب دكتوراه في كاوست

في حديثه، شارك دا كوستا وجهات نظره حول الدور الذي يمكن للعلماء والتعليم أن يلعبه في حياة الأطفال وعامة الناس.

قال العالم الفلكي والكاتب كارل ساجان ذات مرة: "يبدأ الأطفال حياتهم في فطرتهم كعلماء، ثم نحوّل لهم مسارهم".

هناك رسالتان مهمتان هنا: أولاً، يولد الأطفال مع سمات يمكنها أن تجعلهم علماءً أفذاذاً. فهم يتساءلون عن كل شيء وغالباً ما يجرّبونه، ويتعلمون من تلك التجارب، ولا يولدون متحيزين تجاه نتيجة معينة. لكنْ ولسوء الحظ، فإن الجزء الثاني من المقولة يظلّ سارياً، وفي رأيي، ما زلنا لا نرعى علماءنا الصغار بأفضل ما نستطيع.

هل سبق لك أن سمعتم مصطلح kidsplaining- شرح الأطفال؟ أن يتعلم الطفل شيئاً جديداً ويحاول شرحه لشخص بالغ يعرف الكثير عن الموضوع أكثر من الطفل؟ حسناً، رؤيتي هي أن هذا المصطلح سيتم نحته مجدداً، وأنه من خلال تعريض أطفالنا في سن مبكرة في حياتهم إلى علوم معاصرة رفيعة المستوى، سيحلّ يوم يأتي فيه طفلي ويخبرني بشيء عن علوم لم أكن أعرفها.

أرى عالماً يلعب فيه العلماء دوراً حثيثاً في التثقيف العلمي للأطفال. وبمجرد حدوث ذلك، سيستفيد كلا الجانبين، لأن المنصات ستضعنا كعلماء يمكننا التأثير على جيل المستقبل في هذا العالم. وسيتيح لنا وضع وجهٍ لعالِم مجهول يعيش في ذاكرة الطفل.

روبن مارتينز دا كوستا، المتحدث في تيد إكس كاوست، يؤمن أن على العلماء الاضطلاع بدور نشط في التثقيف العلمي للأطفال. الصورة بعدسة خلود معاذ.

التثقيف العلمي قويّ! وفوائده يمكن أن تؤثر إيجاباً على مجتمع بأكمله. في يوم من الأيام، قد يغدو ذلك الطفل الذي عملت معه وعرّفته على بحثك، رجل اقتصاد أو سياسة يؤثّر على تمويل العمل العلمي، أو ربّما صحفياً ينشر النتائج بطريقة دقيقة وغير متحيزة.

لذا، زملائي العلماء، اتركوا مختبراتكم المنعزلة، وامضوا بمعاطفكم ونظاراتكم المختبرية إلى مكان آخر، حافظوا على 50 بالمئة من جنونكم وباشروا في الإلهام، لكن كونوا أيضاً مُلهَمين. فبعد كل اعتبار، نحن جميعاً ولدنا علماء.

البروفيسورة شاهيكا إينال، الأستاذة المساعدة في العلوم الحيوية في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، متحدثةً في تيد إكس كاوست عن الخروج من منطقة الراحة في بدايات حياتها المهنية. الصورة بعدسة خلود معاذ.

"الخروج من منطقة الراحة"، كلمة البروفيسورة شاهيكا إينال، أستاذة العلوم البيولوجية في كاوست

في كلمتها، شاركت إينال ما تعتقد أنها العناصر الأساسية للنجاح. ناقشت حياتها المهنية والقدرة على الخروج من منطقة الراحة الخاصة بها، مطالبةً الجمهور بفعل الشيء نفسه.

عندما قررت الذهاب إلى مدرسة الدراسات العليا، اخترتُ بدلاً من معرفة المزيد عما أعرفه بالفعل، أن أفعل ما لم أفعله من قبل. رغبت في استخدام مهاراتي الهندسية لحل مشكلات تبدو غير ذات صلة. كانت تلك نقلةً جيدة لأنّني لولا ابتعادي عن حدود تخصصي واقتحامي مناطق جديدة، لما كنت اليوم أعرف شيئاً على الإطلاق عن البوليمرات الخاصة، التي تشكل جوهر بحثي اليوم.

ولكن كيف نحصل على الشجاعة للقيام بذلك؟ إنّ الانتقال إلى مجال علمي جديد والجرأة على حل مشاكل نظن أنها كبيرة جداً، يبدو أمراً مخيفاً، لأنه يعني الخروج من منطقة راحتك الخاصة.

ثمّة أمران يتعيّن على المرء فعلهما عند الخروج من منطقة الراحة، فإن أول ما عليك أن تلتزم به هو العمل الجاد. عندما تعمل بجد وفق خطة معدّة جيداً، تدرك أن هناك وقتاً لكل شيء آخر. وأنّ كل شيء آخر، لا يتصل بعملك، من شأنه أن يجعل عقلك أكثر ثراءً. كلما زاد انفتاحك على العالم من حولك، ستجد المزيد من الألعاب التي يمكنك اللعب بها، وهذه الألعاب سوف تنوّع عقلك وتسمح لك بالتفكير بالمشاكل والمسائل من منظورات مختلفة.


البروفيسورة شاهيكا إينال، الأستاذة المساعدة في كاوست، نصحت جمهور تيد إكس كاوست 2019 أن يتذكروا أن "كل واحد منا لديه الكثير للمساهمة". الصورة بعدسة خلود معاذ.

يقودني هذا إلى القاعدة المهمّة الثانية للخروج من منطقة الراحة، ألا وهي احترام الآخرين. بغض النظر عن مهننا أو مدى إتقاننا لما نفعله، فمن المحتمل جداً أن يكون لدى شخص آخر طريقة أفضل لفعل ذلك. قد يكون هذا الشخص خبيراً في شيء مختلف إلى حد كبير. لكنك لن تعرف ذلك حتى تحترم الصوت الآخر، وترى المشاكل التي نواجهها بوصفها مشاكل عامّة.

بالنسبة لي، البحث المتعدد التخصصات هو نتيجة طبيعية لي للخروج من منطقة راحتي.  ولكن الأهم من ذلك هو التفكير الجماعي. فقط عندما تعمل بجد، ولكن بانفتاح على أراء الآخرين، ستكون قادراً على الخروج من منطقة راحتك وتجرؤ على حل المشاكل الكبيرة.

اليوم أشارككم كيف غادرتُ منطقة راحتي كمهندسة نسيج وتوجّهت لتصميم أجهزة استشعار بيولوجي. أنا وفريقي نطور أجهزة إلكترونية حيوية، يمكنها سماع صوت الجسم وترجمة هذه الأصوات إلى لغة يمكن أن نفهمها نحن البشر. لذلك، إذا كنت ترغبون في الخروج من منطقة راحتكم وتظنّون أنكم تفتقرون إلى "جينات العبقرية" اللازمة للقيام بذلك، أقترح أن تمضوا قدماً ورؤية كيف أنكم ستفاجئون انفسكم. الحياة قصيرة جداً، ولكل واحد منا الكثير للمساهمة فيها. لذلك دعونا لا نبقى عالقين في منطقة واحدة.