Top

بحث تعاوني في كاوست لدراسة جودة الهواء في المملكة العربية السعودية

يعتبر الغبار وتلوث الهواء من العوامل الرئيسية لأمراض الجهاز التنفسي في المملكة العربية السعودية. المصدر: جونفينغ زانغ.

تشرفت مبادرة الصحة الذكية في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (كاوست) باستضافة البروفيسور جونفنغ (جيم) زانغ ، أستاذ الصحة البيئية والعالمية من كلية نيكولاس للبيئة ومعهد ديوك للصحة العالمية التابعين لجامعة ديوك الأمريكية. وخلال وجوده في كاوست في إجازة التفرغ ، أجرى زانغ دراسات متعددة لتلوث الهواء بالتعاون مع أعضاء هيئة التدريس والموظفين في كاوست.

وكعالم في مجال الصحة البيئية ، يستخدم زانغ مناهج علم الأوبئة والسموم لتقييم الآثار الصحية للضغوطات البيئية مثل الحرارة التي تعتبر على رأس هذه الضغوطات نظراً لتأثيرها الواضح في تفاقم تلوث الهواء، يقول: " تعتمد خبرتي على استخدام علم السموم داخل المختبر ، وكذلك علم الأوبئة في عملي الميداني، حيث أقوم بدمج النهجين لفهم كيفية استجابة الناس للضغوط البيئية أو عوامل الخطورة على النتائج السريرية والمستويات الجزيئية". 

الآثار الصحية لتلوث الهواء

وفقًا لتقرير "العبء العالمي للأمراض" المنشور في مجلة "ذا لانسيت" الطبية لعام 2020 ، يتسبب تلوث الهواء الخارجي بحدوث 4,5 مليون حالة وفاة مبكرة سنويّاً على مستوى العالم ، منها 274 ألف حالة في الشرق الأوسط و 18600حالة في المملكة العربية السعودية. كما أنه المسؤول عن خسارة 2,34 سنة من متوسط العمر المتوقع في الشرق الأوسط ، و 2,04 سنة في المملكة.

وفي نفس السياق، يتوقع أحدث تقرير للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC) أن يكون تأثير الاحتباس الحراري أكبر بنسبة 30٪ في المملكة والمنطقة من متوسط التأثير العالمي. علاوة على ذلك ، فإن ارتفاع درجة حرارة المناخ يعزز موجات الحر وغيرها من الظواهر الجوية الشديدة، والتي قد تدفع بالعواصف الترابية وتؤدي إلى تردي جودة الهواء.

يقول زانغ: "إن فهم التأثير الصحي المحتمل يساعد كثيراً في سن السياسات والممارسات القائمة على الأدلة للتخفيف من المخاطر الصحية. ويسعدني جداً أن أتعاون مع أعضاء هيئة التدريس الموقرين في كاوست في إجراء بعض الدراسات حول هذا الموضوع والتي تعتبر الأولى من نوعها في المملكة العربية السعودية". 

كما يشرح أستاذ العلوم الحيوية والمدير المشارك وكبير مسؤولي العمليات في مبادرة الصحة الذكية في كاوست ، البروفيسور عماد غالوزي أن الدراسات التي يجريها زانغ في تقييم تأثير تلوث الهواء على صحة الناس وثيقة الصلة برؤية الجامعة ورسالتها التي تدعم مفهم الصحة الذكية، وتساهم في تسليط الضوء على تأثير تلوث الهواء على صحة السكان في المملكة العربية السعودية، يقول :"ستساهم أبحاث البروفيسور زانغ في تحديد تأثير تلوث الهواء على انتشار أمراض الجهاز التنفسي في البلاد وكذلك تحديد الطريقة التي تتفاقم بها هذه المخاطر الصحية. إن سد هذه الفجوة المعرفية خطوة أساسية نحو تصميم استراتيجيات علاج فعالة وشخصية لمكافحة هذه الأمراض التنفسية في المملكة بصورة خاصة والمنطقة بصورة عامة". 

جودة الهواء داخل المساكن في المملكة

يخطط زانغ لإجراء دراسة تعاونية مع عدد من منسوبي كاوست وهم البروفيسور خورخي ستنتشيكوف ، أستاذ هندسة وعلوم الأرض، والدكتورة آنا كوستا ، رئيس استدامة كاوست ، وإريك تالي ، مدير الصحة والسلامة والبيئة. وتهدف هذه الدراسة لتوصيف الهواء داخل البنايات والمساكن في المملكة، ومدى تأثره بغبار الصحراء والتلوث الناتج عن الأنشطة البشرية وأشعة الشمس الشديدة ودرجة الحرارة المرتفعة.

المصدر: زاوزينغ كوي، طالب دكتوراه سابق في مجموعة جونفينغ زانغ.

يتزايد استخدام أجهزة استشعار جودة الهواء منخفضة التكلفة من قبل الباحثين الأكاديميين والمتطوعين في الأبحاث من المواطنين لمراقبة تركيز ملوثات الهواء في الأماكن الداخلية والخارجية. يظهر في الصورة غرفة نوم جامعية مجهزة بمجموعة من أجهزة الرصد، التي تتضمن مستشعرات درجة الحرارة والرطوبة النسبية.


ستكون هذه أول دراسة كيميائية للهواء الداخلي تجرى في المملكة العربية السعودية ، والأولى من نوعها التي تجرى في منطقة ذات مناخ صحراوي. ومن المتوقع أن تسفر الدراسة التجريبية عن نتائج قابلة للنشر يمكن استخدامها لدعم دراسات واسعة النطاق لوصف تلوث الهواء ومخاطره الصحية على السكان في المملكة. وسيخرج عنها بيانات مهمة تدعم الدراسات الصحية المستقبلية التي تربط الأعراض المرضية على المستوى الفردي (على سبيل المثال ، أعراض الجهاز التنفسي وضغط الدم والمؤشرات الحيوية المرضية الاخرى) بعوامل التلوث المحيطة والمحددة.



تفاعلات الأوزون

الأوزون هو من ملوثات الهواء الشائعة التي تتخذ معظم الدول في العالم ، بما فيها المملكة العربية السعودية، إجراءات حاسمة لضبطه والسيطرة عليه. وعلى الرغم من الدراسات المتعددة عن التأثيرات البيولوجية للأوزون التي أُجريت خلال العقود السابقة، إلا أن القليل منها تطرق لتفاعلاته الكيميائية مع الجزيئات البيولوجية. ومن بين هذه الدراسات أبحاث البروفيسور هيمانشو ميشرا ، الأستاذ المشارك لعلوم وهندسة البيئة في كاوست ، التي تناولت موضوع الكيمياء السطحية المحفزة لقطرات الماء والأوزون.

يخطط ميشرا وزانغ لإجراء تجارب في مختبر ميشرا لدراسة التفاعل الكيميائي بين الأوزون ومكون رئيسي من الغشاء الرئوي البشري. يعد فهم هذا التفاعل أمرًا مهمًا لأن المواد الخافضة للتوتر السطحي في الجهاز التنفسي البشري تلعب دورًا كبيراً في الحفاظ على التنفس السلس، إضافة الى أن نواتج مثل هذا التفاعل قد تكون أكثر ضررًا على الانسان من الأوزون نفسه. يمكن أن تساعدنا النتائج في التأكد من بعض التأثيرات البيولوجية للأوزون التي يصعب تفسيرها والتي تم التطرق لها بإجاز في دراسات سابقة.

تعمل نيارا موسكوف، العالمة في مختبر البروفيسور هيمانشو ميشرا في كاوست، على محاكاة التلوث ودراسة التفاعلات الكيميائية على الأسطح المائية البيئية أو المبنية، باستخدام حجرة بيئية خاضعة للضبط يمكنها تنويع الغازات. المصدر: كاوست

علاقة أجهزة تنقية الهواء بمرض السكري

كما سيتعاون الدكتور زانغ في دراسة مهمة حول تنقية الهواء مع الدكتورة بولا موراغو ، أستاذ الإحصاء المساعد في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية ، والدكتورة علياء فاروق إبراهيم ، الأستاذة المساعدة في التمريض وصحة المجتمع بالاشتراك مع مركز الملك عبدالله العالمي للأبحاث الطبية وجامعة الملك سعود بن عبد العزيز للعلوم الصحية. وستكون هذه الدراسة الأولى من نوعها في المملكة والشرق الأوسط لتقييم ما إذا كان استخدام أجهزة تنقية الهواء المحمولة منخفضة التكلفة داخل المنازل السعودية يمكن أن يؤدي إلى تحسينات قابلة للقياس في نتائج استقلاب القلب لدى البالغين المعرضين لخطر الإصابة بمرض السكري من النوع 2.

ويخطط الفريق نفسه لعمل دراسة أخرى باستخدام سجلات المستشفيات في المملكة لفحص الارتباطات المحتملة بين تركيزات ملوثات الهواء اليومية والمعدلات اليومية للوفيات والاعتلالات الصحية في جميع أنحاء البلاد.

أجهزة استشعار الصحة الذكية والعلامات الحيوية الجزيئية

بالنسبة لدراسات الأوزون وأجهزة تنقية الهواء ، يخطط البروفيسور زانغ والمتعاونون معه استخدام أجهزة استشعار منخفضة التكلفة لمراقبة تلوث الهواء ومستويات درجة الحرارة والرطوبة داخل وخارج المنازل والمباني.

وسيجري الفريق أيضًا تقييمات سريرية ، وقياس ضغط الدم ووظائف الرئة ، وجمع عينات الدم والبول لقياس المؤشرات الحيوية الجزيئية بما في ذلك التنميط الأيضي والجيني. وعلق زانغ على ذلك قائلاً: "تندرج هذه القياسات في إطار الصحة الدقيقة ، أو الصحة الذكية . وستساعدنا البيانات المستنبطة في فهم قابلية الفرد للتعرض لتلوث الهواء وبالتالي تطوير استراتيجيات وقائية للحد من مخاطر الأمراض ، وهو مبدأ أساسي للصحة الذكية ".