Top

تجميع أجزاء الذرّة لحل الغز الكبير

الدكتور ستيفان أرولد

انضم الدكتور ستيفان أرولد لجامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية كأستاذ مشارك منذ أكثر من سنة حيث كان يعمل على بناء مختبره الذي يعتبر أول مختبر للبيولوجيا التركيبية في الجامعة يتخصص في دراسة البنية الذرية ثلاثية الأبعاد للبروتينات وغيرها من الجزيئات البيولوجية الأخرى.

وقال أرولد عند سؤاله عن تجربته في تحويل هذه المساحة الفارغة إلى مختبر بحثي متطور: " لقد كان أمراً مثيراً وفرصة عظيمة أن أتمكن من إنشاء مختبر للبيولوجيا التركيبة في الجامعة. حيث كان تحديا كبيراً، ففي البداية كان علينا اختيار وتجميع الأدوات والمواد في أسرع وقت ممكن. ولم نكن نواجه مشاكل كبيرة في اختيار الأجهزة الأساسية الضخمة مثل جهاز قياس الأشعة السينية أو الأدوات الفيزيائية الحيوية الدقيقة الحديثة. الا أن تجميع الأدوات الصغيرة اللازمة هو الأمر الصعب مثل الموازين وأنابيب الاختبار والفلاتر والقوارير وغيرها. ففي كثير من الأحيان، عدم توفر الأدوات الصغيرة يجعلك غير قادر على استخدام الآلات الكبيرة".

ويضيف أرولد : " لقد كان تحديا آخر أن نواصل تحقيق نتائج علمية أثناء إعداد المختبر. حيث استغرق التخطيط مدة تتراوح بين أربعة إلى خمسة شهور ومن ثم بدأنا في إنشاء وتشغيل المختبر. ولكن خلال تلك المدة، كان لا يزال لدينا القدرة على مواصلة أبحاثنا وذلك بفضل مختبر العلوم الحيوية الأساسي بالجامعة الذي يضم كافة التجهيزات والأدوات والمرافق الضرورية التي نحتاجها لإجراء أبحاثنا. كما أن المساحة الواسعة لمختبر العلوم الحيوية الأساسي بالجامعة ساعدت فريقنا على إجراء الأبحاث أثناء فترة انشاء مختبرنا. وأنا ممتن جداً لكل الدعم والترحيب الذي تلقيته من زملائي في مختبر العلوم الحيوية الأساسي، من حيث سماحهم لنا بمشاركتهم العمل بالمختبرات والمرافق، واستخدام أجهزتهم".

البروتين داخل جسم الانسان

تخصص بحث د. أرولد في علم الأحياء التركيبي والفيزياء الحيوية الجزيئية، لذا يستخدم الطرق الفيزيائية لدراسة النظم البيولوجية على المستوى الجزيئي. كما يقوم باتباع منهج متكامل لإجراء تحليل ثلاثي الأبعاد لبنية البروتينات ووظائفها. ويقول أرولد: " البروتينات هي الحقول الحياتية المنتجة للجزيئيات، حيث تقوم بتشكيل مصانع نانوية، وأنظمة نقل، وبوابات للجزيئيات ونظم للاتصالات داخل أجسامنا. ويمثل تفاعل البروتينات مع الأنواع الأخرى من البروتينات أو الجزيئات الحيوية محور جميع الوظائف البيولوجية. فهي أساس عملية الهضم، التفكير، الدفاع المناعي، فالبروتينات في الحقيقة هي أساس كل شيء، فهي ضرورية أيضا لمواجهة أمراض مثل السرطان، الزهايمر، السكري وغيرها. إن العالم النانوي الذي تمثله البروتينات والجزيئات الحيوية الأخرى هو معجزة بحق. لذا نريد أن نفهم كيف تعمل البروتينات لدعم الحياة، ولذا تعد دراسة البنية ثلاثية الأبعاد للبروتينات وتفاعلاتها أمراً ضروريا".

الدكتور ستيفان أرولد

التعمق في البحث

ويشرح البروفيسور أرولد أن ما يجعل بحثه مختلفا عن معظم الأبحاث الأخرى في العلوم البيولوجية هو قدرة فريقه على فهم كيفية تطور الحياة ووظائفها على المستوى الذري. ويوضح أرولد ذلك قائلا: " إذا أردت استخدام السيارة للذهاب للتسوق، فكل ما تحتاجه فقط هو أن تعرف كيفية القيادة وبعض المعلومات الاساسية مثل أن السيارة لها محرك واحد وأربعة اطارات. ولكن في حالتنا ، نحن نهتم بأن نعرف ماذا يحدث بالتحديد داخل المحرك عندما تضغط على دواسة الوقود. وتظهر الحاجة الى هذا القدر من المعرفة إذا أردت فهم حقيقة مشاكل النظام وتطوير أدائه. لذلك نريد من خلال البحث تحديد كيف تتواصل الخلايا مع بعضها البعض وطريقة اتخاذها للقرارات".

ويحاول البروفيسور أرولد الحصول على فهم أعمق للبنية الذرية واستخدامه كوسيلة لإلهام التطوير الهندسي المفيد لبعض النظم. ويوضح ذلك قائلا: " على سبيل المثال، فان التعاون مع د. هيربرت هيرت من مركز أبحاث الزراعة الصحراوية قد يسمح لنا بوصف كيف تستشعر النباتات وتتواصل مع بعض عوامل الإجهاد مثل الجفاف أو الملوحة العالية وذلك على المستوى الجزيئي. وقد يسهم هذا الفهم في اكتشاف طرق جديدة لتطوير مقاومة النباتات لهذه العوامل. وبالمثل، فان التعاون مع مركز أبحاث العلوم البيولوجية الحاسوبية قد يساهم في فهم وهندسة الميكروبات اللازمة لمصانع الخلايا الجرثومية ".

التعاون لإثراء المعرفة

ويصف الدكتور أرولد بحثه بالبحث التعاوني الذي يعتمد على تضافر الجهود بقدر كبير ، ويصف ما يقومون به "تجميع أجزاء الذرّة لفهم الغز الكبير."

ويوضح ذلك قائلا" إن المبادئ الخاصة بكيفية دعم بنية البروتينات وتفاعلاتها للوظائف البيولوجية تتشابه في جميع أشكال الحياة شاملاً حياة الانسان والنبات والبكتيريا. وتساهم جهودنا في تعميق الفهم واثراء المعرفة في هذا المجال بحيث تضيف حلولاً أعظم لجميع مجالات العلوم البيولوجية وتوفر فرص التعاون الابتكارية مدعومة ببيئة جامعة الملك عبدالله الفريدة وهيئة تدريس وطلبة على أعلى المستويات. ومن أمثلة هذا التعاون بحث فريق الدكتور مارك تستر بمختبر الملح الذي يهدف حاليا إلى انتاج جهاز لاستشعار الملح. وأيضاً التعاون بين فريقنا وفريق الدكتور فلاديمير باجيك والدكتور أكسين غاو ومركز أبحاث العلوم البيولوجية الحاسوبية للجمع بين علم البيولوجيا التركيبية وبين أحدث الخوارزميات الحسابية في دراسة البروتينات بصورة موسعة".

بداية الاكتشافات الجديدة

يضم مختبر الدكتور أرولد حاليا ثمانية باحثين من مختلف الجنسيات، بينهم ثلاثة من طلبه الدكتوراه، وثلاثة من زملاء ما بعد الدكتوراه وعالم أبحاث ومدير المختبر. وقد أسفرت جهود الدكتور أرولد خلال هذا الوقت القصير منذ انضمامه لجامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية بمجموعة من الابحاث التعاونية بين فريقه البحثي وبين الزملاء بقسمي العلوم والهندسة البيولوجية والبيئية و مركز أبحاث العلوم البيولوجية الحاسوبية. وتم فعلاُ نشر بحثين منها، وآخرين تم تقديمهما وفي انتظار النشر بالإضافة إلى مطبوعتين يتم حاليا إجراء التعديلات النهائية عليها لتقديمها للنشر. ونتوقع المزيد مع بداية تشغيل المختبر الجديد.