شارك ممثلون عن جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) في المؤتمر السابع والعشرين للأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP27)، الذي عقد في مدينة شرم الشيخ في جمهورية مصر العربية في الفترة من 6 إلى 18 نوفمبر 2022. ويعتبر هذا المؤتمر أكبر تجمع سنوي حول العمل المناخي في العالم يشارك به رؤساء الدول والوزراء والمفاوضون، سويًا مع نشطاء في مجال المناخ ورؤساء البلديات وممثلي المجتمع المدني والرؤساء التنفيذيين.

قُسمت فعاليات المؤتمر على ثلاث مناطق محددة وهي المنطقة الزرقاء، والمنطقة الخضراء، ومنطقة الابتكار في العمل المناخي. واشتملت كل منطقة على أنشطة وفعاليات مختلفة للتواصل ومشاركة وجهات النظر المستدامة مع شخصيات من مختلف قطاعات المجتمع المهتمة بالعمل المناخي - من رؤساء الدول والصناعة ونشطاء المناخ والنظراء الأكاديميين.

وجاءت مشاركة أعضاء هيئة التدريس والطلبة والموظفين وقيادات الجامعة في هذا المحفل الدولي الكبير ترسيخًا للدور الكبير الذي تلعبه كاوست في مجال أبحاث الاستدامة التي هي في صميم رسالتها. وكان حضور ممثلو الجامعة لافتًا في حلقات النقاش والعروض التقديمية والمعارض والأنشطة ذات الصلة بالاستدامة والعمل المناخي والبيئي عبر المناطق الثلاث وأيضًا في منتدى مبادرة السعودية الخضراء الذي كان منصة رائعة للترويج لكاوست ومشاريعها الحديثة، والاستفادة من الخبرات واستكشاف فرص جديدة للتعاون في مجالات مثل عزل الكربون وتخزينه، والأمن الغذائي، والزراعة الصحراوية، والحفاظ على المياه، وحلول الكربون الأزرق، وترميم الشعاب المرجانية.

وشملت قائمة خبراء كاوست الذين شاركوا في مؤتمر هذا العام كل من البروفيسور مايكل بيرومين، والبروفيسور كارلوس دوارتي من مركز أبحاث البحر الأحمر ومنصة تطوير أبحاث المرجان وتسريعها في كاوست، والبروفيسور حسين حطيط من مركز علي النعيمي لأبحاث وهندسة البترول، والدكتور روري جوردان من منصة تطوير أبحاث المرجان وتسريعها في كاوست، والبروفيسورة راكيل بيكسوتو من مركز أبحاث البحر الأحمر، والبروفيسور ماثيو مكابي والبروفيسور هيمانشو ميشرا من مركز أبحاث تحلية وإعادة استخدام المياه، والبروفيسور ويليام روبرتس من مركز أبحاث الاحتراق النظيف، والبروفيسور ألكسندر روسادو من قسم العلوم البيولوجية، والبروفيسور مارك تيستر ورود وينغ من مركز الزراعة الصحراوية.

ومن بين المحطات الفاصلة لكاوست في هذا المحفل العالمي كانت حلقة نقاش "القيادة الجريئة: احتضان التعاون والمنافسة" التي شارك فيها رئيس الجامعة البروفيسور توني تشان، والتي عقدت في منطقة الابتكار في العاشر من نوفمبر. حيث أكد تشان على أهمية التعاون بين الأشخاص والهيئات والمؤسسات لكبح جماح ظاهرة تغيّر المناخ، وقال " مع وجود تحدٍ عالمي مثل تغير المناخ، لا يمكن أن نعمل في عزلة عن بعضنا البعض. فالأمر هنا لا يتعلق بالمنافسة، بل بالتعاون بين الدول والجامعات والقطاعات الأخرى. ويجب أن نتعلم بعض الدروس من جائحة فيروس كورونا (كوفيد)، وهي لا تُقارن بما يخبئه لنا تغير المناخ من تبعات على المدى الطويل. نحن اليوم في أمس الحاجة لأن نصل إلى اتفاق جماعي حاسم".

واستطرد الرئيس تشان قائلاً "ينبغي علينا أولاً أن نمارس ما ندعو إليه الآخرين"، واستشهد بأمثلة لشراكات كاوست مع الحكومات المحلية والإقليمية والوطنية والعالمية التي تهدف إلى تطبيق الحلول التقنية لدعم أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة (SDGs) في المجالات الرئيسية مثل البيئة، والطاقة، والغذاء، والصحة، والمياه، والمجال الرقمي. يكمن مفتاح الحل، وفقًا للرئيس تشان، في المبادرة الفورية في تطبيق الحلول والابتكارات على نطاق واسع، وهو ما لم تكن الجامعات التقليدية مستعدة للقيام به.

أنشطة كاوست في مختلف المناطق

شاركت الجامعة في استضافة عدد من الفعاليات التعليمية خلال المؤتمر بهدف تعريف الجمهور وأصحاب المصلحة من مختلف القطاعات والمؤسسات في العالم بالتطورات المستدامة التي أطلقتها كاوست.

المنطقة الزرقاء

تعد المنطقة الزرقاء المساحة الرسمية للمؤتمر، وهي المنطقة التي جمعت خبراء الجامعة بممثلي الصحافة وقادة العالم والنظراء في اجتماعات فردية وحلقات نقاش وعروض تقديمية مختلفة.

ومن بين المشاركات المتميزة لكاوست في هذه المنطقة كان عرض البروفيسورة راكيل بيكسوتو، أستاذة علوم البحار في مركز أبحاث البحر الأحمر في الجامعة، عن استخدام المعززات الحيوية (البروبيوتيك) لحماية الشعاب المرجانية ومنع نفوقها والحد من ظاهرة ابيضاض المرجان. ومن ناحية أخرى، شاركت بيكسوتو في قمة المناخ بصفتها زميلة في الجمعية الدولية للشعاب المرجانية (ICRS) وعبرت عن سعادتها في مؤتمر هذا العام الذي اشتمل لأول مرة على جناح مخصص للمحيطات من تنظيم معهد "سكريبس" للأبحاث ومعهد "وودز هول" لعلوم المحيطات، وقالت "توضيح المنظور العلمي لأصحاب المصلحة وصانعي السياسات هو أمر بالغ الأهمية لمساعدتهم على فهم مدى إلحاح وخطورة المشاكل التي تواجهها الشعاب المرجانية والنظم البيئية الأخرى".

كما استضافت منصة تطوير أبحاث المرجان وتسريعها في كاوست ضمن الجناح السعودي في المؤتمر بالشراكة مع وزارة الطاقة في المملكة العربية السعودية ومركز الملك عبد الله للدراسات والبحوث البترولية (كابسارك)فعالية بعنوان "الحلول المستندة إلى الطبيعة ودور الشعاب المرجانية: فرص العمل الطموح في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وما وراءها". يشار إلى أن منصة تطوير أبحاث المرجان وتسريعها في كاوست، تهدف إلى حماية الشعاب المرجانية وترميمها في جميع أنحاء العالم. وتضم نخبة من الخبراء الدوليين في هذا المجال مثل البروفيسور كارلوس دوارتي، المدير التنفيذي للمنصة الذي شارك في عدة أنشطة وحلقات نقاش متميزة في هذا المؤتمر.

عرضت كاوست ثلاثة مشاريع بحثية في الجناح السعودي، جذبت حشودًا كبيرة من الجماهير طوال فترة الحدث. وسلط كل مشروع الضوء على التقنيات والأساليب الجديدة المستخدمة في كاوست لتطوير حلول الطاقة النظيفة التي تساهم في دعم مبادرات العمل المناخي في المملكة العربية السعودية. وكانت المشاريع على النحو الآتي:

استخدام الأمونيا كناقل للهيدروجين، مستقبل اقتصاد الهيدروجين (خورخي جاسكوين) – من خلال دمج عمليتي التحلل التحفيزي للأمونيا وفصل الهيدروجين ، والنتيجة كفاءة طاقة غير مسبوقة وخفض كبير في التكلفة.

استخدام الأطر المعدنية العضوية ثلاثية الأبعاد لالتقاط وتخزين ثاني أكسيد الكربون (محمد الداودي) - يستخدم المشروع مادة ماصة شديدة الانتقائية طورها باحثو كاوست ، وهي هياكل ثلاثية الأبعاد مسامية تسمى الأطر المعدنية العضوية ، لالتقاط ثاني أكسيد الكربون من الهواء وعزله بكفاءة عالية وبتكلفة منخفضة.

استخلاص الكربون وتمعدنه تحت الارض عن طريق كربنة الصخور البازلتية والصخور "فوق المافية" (حسين حطيط) - يتم كربنة الصخور البازلتية والصخور "فوق المافية" النارية شديدة الكثافة للعزل الآمن لثاني أكسيد الكربون، مع تطبيقات أخرى محتملة لهذه العلمية خصوصًا أن الصخور البازلتية وفيرة في الحقول البركانية في المناطق الغربية والشمالية من المملكة العربية السعودية.

ومثّل الجامعة في الجناح السعودي بالمؤتمر اثنان من شباب الوطن ومنسوبي الجامعة وهما: طالب الدكتوراه في مجال مصادر الطاقة فراس رويحي وطالب الدكتوراه في الهندسة الكيميائية عبد الهادي الحاجي، بينما شارك الطالب فراس في جلسة نقاش حوارية تهتم بمستقبل الطاقة ضمن أنشطة الجناح السعودي.

منطقة الابتكار في العمل المناخي

اشتمل جناح الجامعة في منطقة الابتكار في العمل المناخي على شاشة عرض تفاعلية تعمل باللمس للزوار للتعرف على أبحاث كاوست في خمسة مجالات أساسية 1) العمل المناخي 2) الطاقة المتجددة ومنخفضة الكربون 3) الإدارة المستدامة للمياه 4) تعزيز النظم البيئية 5) الغذاء المستدام وإدارة الموارد.

أنطونيوس فولوديس، مدير الاستدامة والإشراف في جامعة نيويورك أبو ظبي الذي عبر عن إعجابه بجناح كاوست وسعادته بالتواصل مع العديد من ممثلي الجامعة في قمة المناخ. تصوير: جولي ويست/كاوست

وزار جناح كاوست فيمؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ لعام 2022 العديد من الشخصيات البارزة مثل أنطونيوس فولوديس، مدير الاستدامة والإشراف في جامعة نيويورك أبو ظبي الذي عبر عن إعجابه بالجناح وسعادته بالتواصل مع العديد من ممثلي الجامعة.

ومن بين زوار جناح الجامعة كان السيد ريتشارد بوش، كبير مسؤولي البيئة في نيوم، الذي توقف للحديث عن مشاريع نيوم والعلاقة مع كاوست وقال "نحن متحمسون جدًا للتعاون مع كاوست في تطوير مشتل المرجان، وجميع الأبحاث الأخرى المتعلقة بتعزيز مرونة الشعاب المرجانية لدينا. ونحن (أيضًا) نعمل مع الجامعة على نمذجة المناخ، لا سيما في تتبع الكربون. وهو أمر مهم جدًا لجهودنا في إزالة البصمة الكربونية عن مشاريع التنمية في نيوم".

 

المنطقة الخضراء

 يشار إلى أن موظفي إدارة التقدم الوطني الاستراتيجي وطلبة الجامعة ساهموا إلى حد بعيد في إدارة جناح كاوست في المنطقة الخضراء - وهي مساحة تتيح للباحثين تقديم عروض قصيرة عن مشاريعهم البحثية والتفاعل مع الجمهور. وتم فيها أيضًا عرض فيلم وثائقي عن كاوست على شاشة كبيرة من إعداد ناشيونال جيوغرافيك.

طالبة الدكتوراه في كاوست ناتاليا أودنوليتكوفا، تتحدث مع البروفيسور تاديوس باتزيك، عن اهتماماتها بالعمل المناخي في مقابلة في فيلم وثائقي عن كاوست تم عرضه في جناح الجامعة في مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ 2022. تصوير: إيمان الحاجي

كما قام طاقم إنتاج من "منتدى شباب العالم" بتصوير فيلم وثائقي عن مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ لعام 2022، تخلله مقابلة مع خريجة كاوست إيمان الحاجي وطالبة الدكتوراه ناتاليا أودنوليتكوفا حول الاستدامة في كاوست وتجربة المؤتمر. يشار إلى أن إيمان وناتاليا لعبتا دورًا نشطًا في تأسيس مجموعة طلبة كاوست للاستدامة، وهي مجموعة تشارك في العديد من الحملات عن البيئية والاستدامة في الحرم الجامعي وداخل المملكة، وبتوجيه من مكتب الاستدامة في الجامعة.

وبالتزامن مع مؤتمر شرم الشيخ ومنتدى مبادرة السعودية الخضراء 2022، نظم مجموعة "طلبة كاوست للاستدامة" ندوة عبر الإنترنت حول تغير المناخ، كجزء من المحادثات الخاصة لمجموعة "الشباب السعودي من أجل الاستدامة (SYS)"، وهي هيئة وطنية نشأت من طلبة كاوست للاستدامة، تهدف إلى تمكين القادة من الشباب السعودي لدفع التغيير نحو مستقبل مزدهر ومستدام.

منتدى مبادرة السعودية الخضراء

 عُقد منتدى مبادرة السعودية الخضراء 2022 كجزء من فعاليات مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ لعام 2022 في شرم الشيخ. وهو منتدى سنوي يقدم مساحة لقادة الفكر وصناع القرار لمناقشة أفضل ممارسات العمل المناخي، وتسليط الضوء على الابتكار، وتقييم التقدم في مشاريع المناخ، ودعم الجهود الفاعلة إلى الأمام في السباق ضد تغير المناخ. وفي صباح افتتاح المنتدى وخلال جلسة الأسئلة والأجوبة مع الصحفيين، ألهم صاحب السمو الملكي الأمير عبد العزيز بن سلمان آل سعود، وزير الطاقة السعودي، الجمهور بحديثه عن جهود المملكة في العمل المناخي، وكيف انتقلت المملكة من "الطموح إلى العمل الجاد".

وفيما اعتبر أحد أكبر المشاريع التوضيحية لتقنية الاستخلاص المبرد للكربون (CCC) حتى اليوم، جرى خلال منتدى مبادرة السعودية الخضراء 2022، مراسم توقيع اتفاقية بين كاوست، وشركة الطاقة والمياه "إينووا"، والشركة السعودية للكهرباء، لإنشاء محطة تجريبية لاستخلاص 30 طنًا من ثاني أكسيد الكربون يوميًا من محطة ضبا الخضراء التابعة للشركة السعودية للكهرباء، والتي تعمل بنظام دمج الطاقة الشمسية مع الدورة المركبة (ISCC) في نيوم.

يُذكر أن الرئيس توني تشان وأعضاء هيئة تدريس وطلبة كاوست شاركوا في العديد من الندوات في منتدى مبادرة السعودية الخضراء 2022. حيث شارك الرئيس في جلسة نقاش بعنوان "كيف نأخذ مساراً مهنياً في مجال حماية الكوكب"، ناقش خلالها أهم الوظائف التي تشهد نمواً، وتعتبر متاحة في مجال الطاقة الخضراء في منطقة الشرق الأوسط. كما شاركت بلقيس الشريف، طالبة الدكتوراه في علوم وهندسة البيئة في حلقتي نقاش، الأولى بعنوان " مستقبلي"، والثانية بعنوان "مسؤوليتنا: ما يريده الشباب من الشركات"، وكان من ضمن المشاركين صاحبة السمو الملكي الأميرة نورة بنت فيصل آل سعود، المؤسس المشارك لمؤسسة الاستدامة (أيون كوليكتيف)، التي تعتبر شريكاً لكاوست في دعم مشاريع الاستدامة في المملكة العربية السعودية وفي العالم.

شارك الأستاذ المتميز في علوم البحار في كاوست البروفيسور كارلوس دوارتي، في أكثر من عشرين نقاشًا وعرضًا تقديميًا نيابة عن كل من كاوست ومنصة تطوير أبحاث المرجان وتسريعها. وقال إنه من المهم أن تأتي قمة المناخ إلى الدول النامية؛ لأنها "الجزء الأكبر من المجتمع العالمي الذي يكافح ويعاني أكثر من غيره جراء تبعات تغير المناخ - وهي مشكلة لم تسببها الدول النامية، بل المتقدمة". 

وأكد دوارتي أن مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ يعد "فرصة للتفاعل مع جماهير مختلفة، ومشاركين من إفريقيا والشرق الأوسط الذين يطرحون مجموعة من وجهات النظر الجديدة التي تثري النقاش، وتدفعنا للتفكير في الإنصاف والعدالة، وكيف يمكننا مساعدة الدول النامية على إيجاد مخرج لها من مأزق المناخ". 

أكد الجهد الجماعي في مشاركة كاوست في قمة المناخ لهذا العام، على التزامها منقطع النظير في التعاون مع الحكومات المحلية والإقليمية والعالمية لتحديد المعوقات، وتطوير الأدوات والاستراتيجيات، وبناء الشراكات اللازمة لمعالجة المسائل المناخية الحرجة المتعلقة بالمياه، والأمن الغذائي، وتقنيات الطاقة النظيفة، وحماية أنظمة الأرض، وتحسين جودة الحياة.