Top

فك شيفرة مستقبل البيولوجيا

 
استضاف مركز أبحاث العلوم الحيوية الحاسوبية في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، في الفترة من 5 إلى 7 ديسمبر 2016، مؤتمراً عن نظم البيولوجيا الحاسوبية في الطب الحيوي. حيث أتاح هذا الحدث، الذي عُقد في حرم الجامعة، الفرصة لبعض من كبار الباحثين في مجال بيولوجيا النظم لمناقشة وتحليل أحدث التطبيقات والتطورات والاتجاهات في ميدان الطب الحيوي.

شارك في رئاسة المؤتمر كلٌّ من فلاديمير بايتش، مدير عام مركز أبحاث العلوم الحيوية الحاسوبية في جامعة الملك عبدالله، وتاكاشي قوجوبوري، المدير المساعد للمركز، وضمّ باقة من المتحدثين العالميين الذين دعتهم جامعة الملك عبدالله، وقدموا من الصين وألمانيا واليابان ونيوزيلندا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة. حيث دعّم الباحثون عبر هذا الحدث التواجد القوي والراسخ أساساً داخل المملكة.
وفي هذا الصدد، أشار معتز النزهي، عميد قسم العلوم والهندسة الحاسوبية والكهربائية والحسابية، إلى "مقدار التغيّر الذي حققه مركز أبحاث العلوم الحيوية الحاسوبية في هذا الوقت القصير. فمن خلال هذه المؤتمرات، نظل على اتصال مع المجتمع العلمي العالمي الأوسع".

نظم البيولوجيا الحاسوبية

يتعلق جزء كبير من عمل مركز أبحاث العلوم الحيوية الحاسوبية بنظم البيولوجيا الحاسوبية، وطوال فترة المؤتمر الذي تميز بالجهود الجماعية والمحفزة للتفكير، والحوارات والنقاشات التي تتعلق بالدور الذي تضطلع به نظم البيولوجيا الحاسوبية على نطاق أوسع. وأكد المشاركون في المؤتمر على أن بمقدور الأبحاث والتطبيقات الطبية الحيوية أن تُفيد العالم كلّه، وليس فقط المجتمع العلمي.

أبحاث تغيّر العالم

لقد بات الدور الذي يلعبه تحليل الأنماط يحظى بأهمية متزايدة في الطب الحيوي على مدى السنوات القليلة الماضية. وقد تناول هذا الموضوع مايكل وترمان، أحد أبرز متحدثي المؤتمر، وأستاذ العلوم البيولوجية وعلوم الحاسوب والرياضيات في جامعة جنوب كاليفورنيا، الذي حاز على لقب "أبو علم الأحياء الحسابي"، بفضل أبحاثه واكتشافاته التي حققها في هذا الميدان.

سلّط وترمان الضوء في محاضرة الافتتاح بعنوان "قضايا إحصائية في مقارنة التسلسلات: التحليل القائم على الوضعية والتحليل القائم على النمط" على أعماله التي أسهمت في توفير أدوات باتت تستخدم بكثرة وعلى نطاق واسع في هذا المجال، متناولاً باختصار القضايا الإحصائية للمحاذاة الشاملة والموضعية، وخوارزمية سميث وترمان (التي شارك في وضعها) ومحرك بحث المحاذاة الموضعية الأساسية BLAST.

كما قدّمت وي وانغ ، مديرة معهد Scalable Analytics Institute، بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس UCLA، عرضاً تقديمياً خلال المؤتمر، أكّدت فيه على الحاجة إلى تحقيق نتائج واضحة وسريعة في مجال تخصصها البحثي.

وأضافت: "نرغب في عملنا أن نتجنّب النتائج الغامضة. وتقوم فلسفة فريقي على أن لا ننتظر. بل نبحث على وسيلة لتسريع الأمور".
أما أمينة بودليوة، طالبة الدكتوراه من مركز أبحاث العلوم الحيوية الحاسوبية، والتي تركز أبحاثها على تطبيقات التعلم الآلي وخوارزميات استخراج البيانات لأغراض الشرح الوظيفي لمختلف الكيانات البيولوجية، فقد ناقشت أيضاً كيف أن استخراج البيانات والخوارزميات يمكن أن يساعد في فك أسرار الأمراض التنكسية.

وقالت: "إنّها حقاً حقبة الطب الشخصي. فحين يمتلك الفرد ما بين 100 و300 تميزاً جينياً فريداً، يصبح علينا أن نحاول وأن نتكهّن بالآثار المؤذية لهذه التميّزات. ونحن نريد توسيع أبحاثنا لتشمل الأمراض المعقدة".

الفيزيولوجيا والبيولوجيا هما أساسا الطب

في كلمته الرئيسية في هذا المؤتمر، تحدث بيتر هنتر، مدير معهد أوكلاند للهندسة الحيوية بجامعة أوكلاند في نيوزيلندا، وناقش بيولوجيا النظم متعددة النطاقات ومشروع "فيزيوم".
وقال: "يمكننا خلال بحثنا أن نحاول فهم سبب فشل أعضاء الجسم. لدينا جميع المعلومات على المستوى الجزيئي، ولكننا بحاجة إلى توسيع نطاقها لتصل إلى مستوى العضو برمّته، ومن ثم إلى مستوى الجسم كله".

وأضاف هنتر: "إنّ الفيزيولوجيا (علم وظائف الأعضاء) والبيولوجيا (العلوم الحيوية) هما أساسا الطب. ويتعيّن على البيولوجيا في النهاية أن توصف رياضياً. إذا استوردت نموذجاً، عليك أن تعرف علاقته مع النماذج الأخرى".

وفي اليوم الثاني من المؤتمر ألقت شارلوت هاوزر، أستاذة العلوم البيولوجية في جامعة الملك عبدالله، محاضرة عن الداء النشواني (amyloidosis) والعوامل الدافعة لعملية التجميع الذاتي. وأشارت إلى أن التجميع الذاتي ضروري لتطوير عقاقير علاجية لمنع  الداء النشواني.
قالت هاوزر: "إنّ الحمض النووي هو رمز الحياة، فهو يتضمّن شيفرة المعلومات التي تصنع البروتينات". وأضافت: "تركيب البروتين يشرح الحياة كلّها. ونحن البشر أفضل مثال على التجميع الذاتي في الطبيعة".
أما مارتن نوبل، أستاذ البيولوجيا البنيوية واكتشاف الأدوية المضادة للسرطان في جامعة نيوكاسل، فقد تحدث عن "عاصفة البيانات" التي تواجه علماء الأحياء في اكتشاف العقاقير والمجهر الإلكتروني. 
حيث قال: "إنّ الحاجة إلى عقاقير جديدة آخذة في التزايد، ولكن معدل إنتاجها لا ينمو. تلعب العلوم الحيوية الحاسوبية إلى جانب علم الأحياء البنيوي دوراً كبيراً في اكتشاف العقاقير، ويمكنها أن تتوقّع قضايا أخرى سنواجهها لاحقاً خلال تطوير العقاقير".

واختتم قائلاً: "إن اكتشاف العقاقير يمضي قدماً، لكنه يواجه تحدي البيانات، كما أنه يولد الكثير من البيانات. نحن بحاجة إلى تجميع كل بيانات البيولوجيا البنيوية وغيرها من البيانات لإنتاج مثبطات وأدوية مفيدة".

مخطط الحياة

وخلال المؤتمر، ناقش ستيفان ناب، أستاذ الكيمياء الصيدلانية في جامعة غوته بفرانكفورت وجامعة أكسفورد، التصميم الرشيد للمثبطات الانتقائية.

وقال: "يمنحنا الجينوم خطة لحياتنا، فيما تمنحنا التأثيرات القادمة من البيئة بصمة على الجينوم. ويشارك نحو 300 بروتين بشري في قراءة الشيفرات الجينية والتعبير عنها".

وركّز جيسو لي، مدير المختبر الرئيسي للحوسبة الفائقة في جامعة الملك عبدالله، على دور الأعضاء المتخصصين، والموهوبين في مختبر الحوسبة الفائقة في جامعة الملك عبدالله، في تسهيل الأبحاث التي تركزت عليها الندوة. وقال: "أنا فخور بخبرتنا وبالكوادر المخلصة لدينا في مختبر الحوسبة الفائقة".

التعاون المستمر

وفي كلمة الختام قال بايتش: "تتماشى أبحاثنا مع التوجهات البحثية في جامعة الملك عبدالله، ومصدر فخرنا هنا في جامعة الملك عبدالله هو المعيار الأكاديمي المرتفع لدينا".
ثمّ أعرب عن شكره للذين حضروا المؤتمر، وخاصة أولئك الذين جاؤوا من خارج البلاد. قائلاً: "الضيوف الأجانب، نقدر حقاً حضوركم ومساهمتكم خلال الأيام القليلة الماضية". وأضاف: "إلى جميع من جعلوا من هذا اللقاء ممكناً، نشكركم جزيل الشكر، ونأمل استمرار التعاون معكم بما يعزّز مكانة جامعة الملك عبدالله".

وجدير بالذكر أن الجهة المنظّمة للمؤتمر هي مركز أبحاث العلوم الحيوية الحاسوبية، بدعم مالي من مكتب رعاية الأبحاث في جامعة الملك عبدالله.​