التحق بالجامعة
الانتقال إلى الجامعة
انضم إلينا
وظائف أعضاء هيئة التدريس
رؤيتنا
المجلة العلمية
علماء كاوست يدرسون استخدام الشعاب المرجانية (الميزوفوتيك) لحماية تدهور الشعاب المرجانية السطحية
تتعرض الشعاب المرجانية في كوكبنا حالياً الى تدهور واضح قد يؤدي لنفوقها جميعاً في المستقبل. وتقدر مؤسسة العدالة البيئية (EJF) أن ثلاثة من كل أربعة شعاب مرجانية في العالم مهددة بالزوال نتيجة مجموعة من الضغوط المختلفة التي تشمل تغير المناخ، والصيد الجائر، ومشاريع التنمية الساحلية، والتلوث وغيرها.
ولكن ظاهرة تغير المناخ وتبعاتها التدميرية على البيئة هي الآن الشاغل الرئيسي. حيث حذر تقرير مهم صادر عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ والتابعة للأمم المتحدة (IPCC) ، والذي نُشر في أغسطس 2021 ، من أن الزيادة في ارتفاع درجة الحرارة العالمية قد تصل إلى عتبة 1,5 درجة مئوية في وقت قريب من عام 2030. وقبل هذا التقرير ، في عام 2018 ، قدرت نفس الهيئة أن ما بين 70 و 90٪ من الشعاب المرجانية سوف تموت عند هذه العتبة، و 99٪ منها إذا وصلت زيادة الحرارة العالمية إلى درجتين مئوية.
وهذا يشكل خطراً حقيقياً ورئيسياً للشعاب المرجانية التي تعيش في المياه الضحلة، والتي بدأت تأثيراته بصورة موجات حرارة بحرية، أي فترات ارتفاع في درجات الحرارة تتسبب في اختلال التعايش التكافلي بين الشعاب المرجانية وطحالبها. وهذه الموجات الحرارية في البحار هي السبب الرئيسي في ظاهرة ابيضاض المرجان ، حيث يتحول لون العديد من الشعاب المرجانية إلى لون شاحب وتتدهور صحتها مما يؤدي الى نفوقها بعد ذلك بفترة وجيزة.
وفي هذا السياق، يستكشف فريق بحثي من علماء البحار في مركز أبحاث البحر الأحمر التابع لجامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (كاوست) استخدام الشعاب المرجانية التي تعيش في أعماق متوسطة (الميزوفوتيك) للحد من تدهور الشعاب المرجانية السطحية. تقول د. شانون كلاين ، عالمة الأبحاث في مركز أبحاث البحر الأحمر: " تعتمد الشعاب المرجانية في المياه الضحلة على الضوء لأنها تحتوي على طحالب تكافلية داخل أنسجتها. وتوفر هذه الطحالب الصبغات التي تعطي الشعاب المرجانية لونها الجميل ، كما تساعدها على جمع اشعة الشمس لعملية التمثيل الضوئي اللازمة للغذاء والأكسجين".
وتفيد كلاين أن الشعاب المرجانية التي تعيش في أعماق متوسطة والتي تعرف علمياً بالميزوفوتيك تقع عمومًا على عمق يتراوح بين 40 و 150 مترًا تحت سطح البحر، حيث يصبح الضوء محدودًا للغاية ، وهذا يكسبها خصائص وقدرات مختلفة،خصوصاً في عملية جمع الضوء من أشعة الشمس.
وعلى ضوء ذلك، يستكشف باحثو كاوست فكرة أن شعاب الميزوفوتيك يمكن أن تكون قارب نجاة للشعاب المرجانية المتلاشية في العالم، وأن تعمل كملاذ مناخي يسمح للشعاب المرجانية بالازدهار من خلال تجنب الآثار المترتبة على التهديدات التي تواجهها الشعاب المرجانية التي تعيش بالقرب من سطح البحر.
وتشرح كلاين: "السببان الرئيسيان لابيضاض المرجان هما الحرارة وإختلال الضوء، لكن تأثيرهما قليل جداً عند الأعماق التي تنمو فيها شعاب الميزوفوتيك والتي غالباً تكون عند عمق يصل لحوالي 40 مترًا تحت سطح البحر وتكون بعيدة جداً عن موجات الحرارة التي تؤثر على الشعاب المرجانية السطحية، لذا فإن هذه الضغوطات لن تخترق عادة هذه الأعماق ".
لا توجد دراسات كافية حول شعاب الميزوفوتيك المرجانية حتى في الآونة الأخيرة. حيث تحتاج مثل هذه الدراسات لأدوات متطورة ومتخصصة لاجراء الأبحاث عند أعماق كبيرة، مما يجعل دراستها أمراً معقداً للغاية. ولحسن الحظ، فقد تطورت التقنيات ، وأصبحت الغواصات والروبوتات ومعدات الغوص التقنية متطورة بما يكفي للسماح لفريق من الباحثين في كاوست باستكشافها بسهولة أكبر.
جدير بالذكر أن فريق باحثي مركز أبحاث البحر الأحمر في كاوست سيستفيد من خدمات أوشن أكسبلور (OceanXplore) وتجهيزاتها المتطورة للغاية، وهي سفينة أبحاث تتمتع بقدرات استكشافية وبحثية متقدمة ، بما في ذلك الغواصات القادرة على الغوص في المياه العميقة ، وقوارب المياه الضحلة لمراقبة النظم البيئية عن كثب.
يهدف الفريق لمراقبة التكاثر المرجاني في أعمق المستويات المسجلة على الإطلاق ، الأمر الذي يسمح لهم بالإجابة على العديد من الأسئلة الحاسمة التي يمكن أن تكون مفتاحًا لفهم كيفية الاستفادة من شعاب الميزوفوتيك في استعادة الشعاب المرجانية في المياه السطحية والضحلة على مستوى العالم.
يقول سيباستيان شميدت-روتش ، عالم أبحاث آخر في فريق مركز أبحاث البحر الأحمر: "لدينا القدرة الآن على الوصول لهذه الشعاب المرجانية ودراستها بصورة شخصية، ونتوقع حدوث تكاثر لهذا المرجان بين 18 مارس و 16 أبريل 2022. ونأمل أن يتمكن فريق د.شانون في سفينة أوشن أكسبلور من دراسة ظاهرة تكاثرها، وأخذ العينات اللازمة ".
سيكون شميدت روتش على القارب المعني بدراسة المياه الضحلة ، حيث يقوم بالغوص واستكشاف الشعاب المرجانية في هذه المياه لمساعدة الفريق على تحديد الأنواع المشتركة بين الشعاب المرجانية الضحلة والعميقة ، وما إذا كان تكاثرها يحدث في نفس الوقت.
يقول شميت روتش: "إذا وجدنا أنواعًا مشتركة بين هذه الشعاب، فسيمنحنا هذا الأمل في استخدام شعاب الميزوفوتيك كملاذ يمكن التزود منها لدعم الشعاب المرجانية السطحية بعد أي موجة حرارة قاسية".
كما هو الحال في مثل هذه الرحلات الاستكشافية ، تعتمد النتائج البحثية على جودة الظروف البيئية كأحول الطقس والتواجد في المكان والوقت المناسبين لمراقبة عملية التكاثر. وهي تحديات كبيرة شكلت عقبة لمثل هذا النوع من الدراسات الاستكشافية الميدانية. ولكن كلاين وشميت-روش مصممان على تخطي هذه العقبة والتوجه نحو عمل المزيد من الدراسات في هذا المجال لسنوات قادمة.
تقول كلاين: "مع أي اكتشاف جديد لنا هنا ، سيكون مقابله بلا شك العديد من الأسئلة الجديدة التي لم تخطر على بالنا ، أسئلة من نوع هل تحدث مثل هذه الظاهرة في أماكن أخرى حول العالم؟ ما هي الحالة الصحية لشعاب الميزوفوتيك؟ هل هناك تهديدات إضافية غير معروفة حتى الآن يمكننا حمايتها منها؟"
ويضيف شميدت-روتش:" أظهرت ورقة بحثية منشورة حديثاً حول تأثير التلوث الضوئي من المدن على إنتاج المرجان. لذلك ربما تقدم لنا شعاب الميزوفوتيك حلولاً لتأثيرات تغير المناخ والتلوث الضوئي أيضًا ".
وبالنظر إلى الآثار الحالية لتغير المناخ على الشعاب المرجانية والافتقار إلى الدراسات حول المرونة المحتملة للشعاب المرجانية حتى الآن ، فإن مثل هذه الأبحاث مؤثرة وحاسمة لفهم كيفية حماية الشعاب المرجانية بشكل أفضل في المستقبل.