Top

توثيق مستقبل طيور "الدودو"

في 23 أكتوبر، شارك الدكتور غوستاف بولاي، القيّم على قسم اللافقاريات في متحف فلوريدا للتاريخ الطبيعي، في برنامج الإثراء في الخريف 2018 في كاوست. الصورة بعدسة أندريا باشوفين-إخت.

-بقلم ديفيد مورفي، من أخبار جامعة الملك عبدالله

في 23 أكتوبر، شارك الدكتور غوستاف باولي، القيّم على قسم اللافقاريات في متحف فلوريدا للتاريخ الطبيعي، في برنامج الإثراء في الخريف 2018 في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (كاوست)، حيث ألقى محاضرة مهمّة وممتعة حول مسائل التنوع البيولوجي البحري، واستند فيها على سنوات خبرته الطويلة في ميدان الرخويات البحرية.

وقدّم للمحاضرة البروفيسور مايكل بيرومين، القائم بأعمال مدير مركز أبحاث البحر الأحمر في كاوست، وأستاذ العلوم البحرية، الذي وصف بولاي بـ "موسوعة حية عن المعارف اللافقارية".

وقال بيرومين: "يهدف بولاي إلى جعل التنوع البيولوجي علماً في متناول قطاعات مختلفة من الجمهور، وفي شتّى التطبيقات. وعموماً، فإن عمله مهم للغاية. إنه يقدّم لنا جميعاً مساعدةً كبرى تساعدنا على فهم آليات ظهور التنوع في الحياة البحرية، وكيفية توزّعها".

أوضح الدكتور غوستاف بولاي خلال محاضرته التي ألقاها ضمن برنامج الإثراء في الخريف في الجامعة للعام 2018 أن "عدد الأنواع البحرية يقدّر بالملايين". الصورة تقدمة شاترستوك.

توثيق آلاف ملايين الأنواع

في محاضرته بعنوان: "كم هي قليلة معارفنا عن التنوع البيولوجي الساحلي وسبل تغيير ذلك"، ناقش بولاي كيف أن البشر على مازالوا لا يعرفون حجم التنوّع البحري في كوكبنا، على الرغم من تطوّر معارفنا الحالية عن محيطات كوكبنا وبحاره. حيث يُعتقد أن هناك ما يقرب 250 ألف نوع فقط من الكائنات البحرية الموصوفة عالمياً، حوالي 75 بالمئة منها لافقاريات.

قال بولاي: "إنّ العدد التقديري للكائنات [البحرية] يبلغ الملايين... وما نعرفه هو ليس سوى جزء ضئيل مما هو موجود. بالطبع، إذا كنت مهتماً بالتنوع، فالكثير من هذا التنوع موجود في البيئات البحرية- كالشعاب المرجانية- وهي الموائل الأكثر تنوعاً".

وأضاف: "حين تجري مسوحات واسعة النطاق عن التنوع البيولوجي،  تلاحظ كيف أنّ هذه المسوحات فعالة بشكل لا يصدق؛ إذ يمكن لمسح واحد أن يوثق فعلياً آلاف الأنواع. والتكنولوجيا تسرع بالفعل من قدرتك على توثيق الأشياء وتحديد ماهيّتها. وهذا يشمل أخذ عينات جماعية وتصوير رقمي واستخدام الحمض النووي للمساعدة في تحديد الأنواع".

ناقش الدكتور غوستاف بولاي التنوع البيولوجي البحري خلال محاضرة رئيسية في 23 أكتوبر ضمن برنامج الإثراء في الخريف 2018 في كاوست. الصور بعدسة أندريا باشوفين-إخت.


تحدث بولاي عن سبب دراسة الناس للتنوع البيولوجي، مشيراً إلى أن "التنوع البيولوجي علم رائع بالفعل، dتقابل فيه الكثير من الشخصيات المثيرة للاهتمام، ولكن الأهم من ذلك أنّ التنوع البيولوجي هو ما يجعل الكوكب ينبض، وهو ما يجعل النظم الإيكولوجية تعمل. هناك رابط لا يصدق بين عمل النظم البيئية والتنوع البيولوجي. إن قياس التنوع البيولوجي يخبرك بما تفعله مع نظامك الإيكولوجي".

التعاون من أجل الاكتشاف

كما تطرق بولاي إلى مسيرته المهنيّة البحثية الطويلة التي قضاها في إجراء مسوحات توثّق عشرات آلاف الأنواع البحرية في جميع أنحاء العالم. وتحدث أيضاً عن دراساته الميدانية في المنطقة والتي ركزت على توثيق الكائنات الحية البحرية المتنوعة - وفي بعض الأحيان الفريدة من نوعها- في شبه الجزيرة العربية، ووصف الرحلات البحثية المشتركة بين كاوست ومتحف فلوريدا للتاريخ الطبيعي في البحر الأحمر، بدءاً من العام 2012 إلى العام 2016؛  حيث أدت هذه الرحلات البحرية إلى اكتشاف بعض الأنواع النادرة وغير المصنفة من قبل في الحياة البحرية.

وأشار: "في بعثاتنا الاستكشافية يوجد في كل فريق عادة شخص إلى أربعة أشخاص متخصصين في التصنيف. حصلنا على حوالي 7000 عينة، وحوالي 30 ألف صورة، و200 نوع. كما لدينا الكثير من المواد التي حصلنا عليها من خلال الدراسات المقارنة المتعلقة بجيبوتي وسلطنة عمان".

تحدث الدكتور غوستاف بولاي من متحف التاريخ الطبيعي في فلوريدا عن مشاركته في دراسات ميدانية لتوثيق الأنواع البحرية، وذلك خلال محاضرة ضمن برنامج الإثراء في الخريف 2018 في كاوست. الصورة بعدسة أندريا باشوفين-إخت.

وقال بولاي: "يمكنك أن تعثر على الكثير من الحيوانات اللافتة، بما في ذلك اللوباتولامبيا تيتراغونا [إحدى أكثر الهلاميات غرابة في الوجود]. يعتقد البعض أنها أول فرع للمملكة الحيوانية- حتى في درجة أقل من الإسفنج. لقد بحثنا أيضاً عن خيار البحر في البحر الأحمر، وهناك ما مجموعه 63 نوعاً من خياريات البحر الأحمر المسجلة في الأدبيات العلمية. حصلنا على 42 منها- 14 منها كان تسجيلاً جديداً و16 منها كانت أنواع جديدة. و38 بالمئة من تلك الأنواع التي نمتلك معلومات كافية عنها مستوطنة في البحر الأحمر".

مشاركة المعرفة

وأشار بولاي: "مع التغيّر السريع الذي يشهده العالم اليوم، تغدو دراسة وتوثيق التنوع البيولوجي البحري أيضاً مسألةً ملحة حقاً، لأننا سنفقد الكثير من التنوع البيولوجي عما قريب، الناتج عن تغير النظم البيئية تحت وطأة جميع التغييرات التي جلبناها كبشر لهذا الكوكب".

وأضاف: "إنّ ما يدفعني- وما أشعر أنه أحد أكثر الأسباب التي تدفعني إلى إجراء مسوحاتنا- هو أن علينا معرفة ماهيّة الحياة على هذه الشعاب، اليوم، إن كنا فعلاً نريد معرفة المعلومات اللازمة لإدارتها على أفضل وجه، غداً".

أشار الدكتور غوستاف بولاي إلى أنّنا "لا نعرف سوى جزء ضئيل مما هو موجود في البيئة البحرية"، وذلك خلال محاضرة ضمن برنامج الإثراء في الخريف 2018 في كاوست. الضورة بعدسة أندريا باشوفين-إخت.

 ​
وخلص بولاي إلى القول: "اليوم هو وقت طيور الدودو التي ستختفي غداً، إذ أنه من الضروري جمع معرفة كافية، تمكّن الأجيال القادمة من إدارة المحيط الحيوي إلى أقصى حد ممكن، وإعطائها فكرة عن ما تبدو عليه الأنظمة البيئية السليمة، وكيف تبدو عليه العديد من الأنواع والكائنات الحيّة".