Top

نجاح هندسي لتحقيق البطولات

الدكتور مارتن فيشر، رئيس فريق التصميم في "غروباما تيم فرانس"

​​
تحدث الدكتور مارتن فيشر، رئيس فريق التصميم في "غروباما تيم فرانس"، المتحدّي الفرنسي في بطولة "كأس أمريكا" الخامس والثلاثين لسباق اليخوت، إلى مجتمع جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية في إطار برنامج الإثراء الشتوي (ويب) في الجامعة في 17 يناير. وشرح عمله كرئيس لفريق التصميم في "غروباما تيم فرانس" ومستويات العلوم والفيزياء والهندسة والقوة العاملة والمهارة اللازمة لصناعة مركب قادر على المنافسة، وربما الفوز، بلقب "كأس أمريكا".
 

"الكأس القديمة"

تمثل بطولة "كأس أمريكا" لليخوت، التي تعرف ايضاً باسم "الكأس القديمة"، مستوى مرموقاً في سباق الإبحار التنافسي. ونال لقبها للمرة الأولى "أسطول اليخوت الملكي" من بريطانيا العظمى في سباق حول جزيرة ويت في 20 أغسطس 1851. وأصبحت تعرف بـ"كأس أمريكا"، لأن المركب الشراعي "أمريكا" من مدينة نيويورك كان أول مركب يفوز بالسباق. وجرى التبرع بالمركب الشراعي الفائز "أمريكا" إلى نادي اليخوت في نيويورك وفقاً لبنود وثيقة "عقد الهبة" الذي جعل الكأس متوفراً لمسابقة عالمية دائمة.

قال فيشر: "إن عقد كأس أمريكا أو (عقد الهبة) وثيقة مؤلفة من صفحة واحدة. وليس من السهل أن تصمد وثيقة لمدة 150 عاماً، لاسيما إذا كانت عقداً". ويحق لأي نادي يخوت يحقق الشروط المحددة في (عقد الهبة) تحدي نادي اليخوت الذي يحمل الكأس. وإذا ربح النادي المتحدي المباراة، يكسب استضافة الكأس.

تشهد البطولة منافسة بين يختين في مجموعة من السباقات. ويمثل أحد اليخوت الذي يعرف بالمدافع نادي اليخوت حامل الكأس، ويمثل اليخت الثاني نادي اليخوت الذي يتحدى للحصول على الكأس. وتُحدّد مدة كل مباراة عن طريق الاتفاق بين المدافع عن اللقب ومتحديه. ومن المزمع أن تقام الدورة الخامسة والثلاثين من "كأس أمريكا" في مايو ويونيو 2017 في برمودا.
وقال فيشر: "يستلزم إبحار القوارب جهداً بدنياً وذهنياً كبيراً. ولا بد من توّفر أكثر من ألف واط لضمان العمل الكامل للتجهيزات الإلكترونية للقوارب بصورة دائمة. ويأتي توليد طاقة القوارب من البشر عن طريق الجهد البدني. ويستلزم الإبحار لمدة يوم نحو 30 شخصاً".
 

مجهود تقني وبشري

يحمل فيشر شهادة دكتوراه في الجيوفيزياء، وعمل لمدة عشر سنوات في بحوث المناخ في ألمانيا وإيطاليا. وعلى التوازي مع هذا العمل في أبحاث المناخ، عمل فيشر أيضاً في تصميم قوارب السباق، وفي تصميم الهياكل والذيول لعدة مشاريع لـ14 عاماً، بما يشمل القوارب الشاطئية (إف 18، إيه كات، سي كات) والقوراب متعددة الأبدان المخصصة لسباقات المحيط (غروباما 2/3، وسوديبو وبانك بوبيلوير)، وشارك أيضاً في حملة "سباق فولفو في المحيط" (غروباما-4).

إن تطوير قارب للمنافسة في "كأس أمريكا" جهد متعدد المجالات. والامتياز مطلوب في مجالات مختلفة كالأيروديناميك والهيدروديناميك والتحليل الإنشائي والهندسة التركيبية والبناء وتصميم أنظمة التحكم الميكانيكي والهيدروليك والإلكترونيات والتحكم بالطيران.

قال فيشر: "يستلزم إطلاق القارب عشرة أشخاص وطاقماً مؤلفاً من ستة أشخاص، إلى جانب أعضاء آخرين لمراقبة القارب والطقس والتيارات. ومن العسير جمع فريق كهذا خلال فترة زمنية قصيرة. فقد باتت القوارب في أيامنا هذه أشبه بالطائرات، والصيانة اليومية لهذه القوارب مهمّة، وبالتالي حجم الطاقم".

الفوز والخسارة في مسابقة

أضاف فيشر: "يُعدّ تصميم القوارب عملية بالغة التعقيد، ويجب تصميمها خلال فترة قصيرة، لذلك، فطاقمنا مؤلف من مهندسين متعددي الاختصاصات. يوجد معماري بحري واحد في الفريق، أما البقية، فيأتون من مجالات مختلفة. يحمل ثلاثة من أعضاء الطاقم شهادات في الهندسة. ولدينا ثلاثة أشخاص يعملون بدوام كامل على الجوانب الأيروديناميكية للقارب. إنه مجال بالغة الأهمية من شأنه أن يحدد الفائز والخاسر في المسابقة".

وبما أن أنظمة الملاحة الآلية (القبطان الآلي) ممنوعة بحسب قوانين "كأس أمريكا"، يتحتم على الفريق التنسيق بين ممارسي الإبحار والخيارات التقنية التي يجب اتخاذها.

وأضاف: "إن ديناميكية التدفق وديناميكية الطيران والهندسة الإنشائية والميكانيكية حقول هامة في تصميم القارب. ونحن كمهندسين نرغب دائماً في الوصول إلى الهدف بسرعة أكبر، ولكن فريق الإبحار لا يرغب في تصميم يصعب عليه التعامل معه".

وشرح فيشر فيما يتصل بالتحديات المذكورة أعلاه مدى أهمية إدارة الجدول الزمني المضغوط لبناء هيكل القارب والعوارض والمزالق ودفات التوجيه والجناح واصفاً هذه العلمية بعملية بناء معقدة، وسيكون إجرائها يدوياً من دون حواسيب مستحيلاً، فعلى سبيل المثال يستغرق بناء مجموعة واحدة من المزالق ثلاثة أشهر تقريباً.
 ​

احترام الحدود

وعلّق فيشر قائلاً: "يجب احترام الحدود والقيود المرسومة، وينبغي أن يوجد تعاون وثيق جداً بين البحّارة والمهندسين وبناة القارب. وينبغي لهذا التعاون أن يكون وثيقاً، فهذا أمر حاسم. فالقوارب تستلزم سلفاً مجهوداً بدنياً وذهنياً كبيراً كي تبحر، ولا نرغب، كمهندسين، في أن نصنع شيئاً يشكل خطراً على حياة البحارة."
 
بيّنت محاضرة فيشر المقدار الهائل من المجهود البشري والتقني اللازم لتطوير وتجهيز قارب وطاقم لمسابقة "كأس أمريكا". ويمثل فيشر وزملاؤه في "غروباما تيم فرانس" نموذجاً مثالياً لما هو ممكن لتخطي أفاق وحدود الهندسة والعلوم.