Top

تحقيق الاقتصاد الأزرق من خلال أبحاث ودراسات قاع البحر

أتاحت التقنيات الجديدة للعلماء فرصة التعرف على كائنات حية فريدة تعيش في أعماق البحار، وباتت تثير زخماً كبيراً للجهات الصناعية التي تتطلع الى التنقيب في قاع البحر.

 
استضافت جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية الدكتورة سيندي لي فان دوفر، أستاذة بيولوجيا المحيطات ورئيسة قسم علوم البحار والمحافظة عليها في جامعة ديوك الأمريكية، ضمن فعاليات برنامج الإثراء الشتوي  (ويب) لعام 2017. وتعتبر الدكتورة سيندي من العلماء البارزين في مجال علوم البحار حيث استطاعت إجراء دراساتها وابحاثها تحت أعماق كبير تصل الى 4000 م. وتصف سيندي نفسها بالمستكشفة وقائدة غواصة وعالمة متخصصة في بيئة أعماق البحار، فضلاً عن كونها كاتبة أيضاً. وتقول في هذا السياق:" أنا بطبعي أحب الاستكشاف، وغالباً ما أنظر الى الخريطة وأحاول تحديد الأماكن التي لم يسبق أن زرتها. لقد نشأت في منطقة ساحلية، وأعتدت رؤية الكائنات البحرية مثل سرطان البحر وكان يتملكني الفضول دوماً كل ما رأيت هذه الكائنات وتركيبها العجيب. واليوم ما يزال الفضول يدفعني للتعرف ودراسة المخلوقات الأخرى التي تعيش في المياه العميقة."


من الظلمات الى الينابيع الساخنة


حتى قبل بضعة عقود، كان الباحثون ينظرون الى قاع البحر بأنه مكان مظلم وبارد ولا حياة فيه. وبفضل التقنيات الجديدة، تمكن العلماء من أمثال الدكتورة سيندي فان دوفر من إثبات أن قاع البحر يضم عالماً جديداً يزخر بالحياة. وتشرح سيندي ذلك: "اكتشف الباحثون ينابيع ساخنة في قاع البحر يتراوح حجمها ما بين غرفة صغيرة الى ملعب كرة القدم، تعمل على رفع درجة حرارة المياه وتساهم في جعل قاع البحر بيئة ملائمة للعديد من الكائنات الحية والتي تتميز باختلاف طرق تكيفها مع هذه البيئات الصعبة والتي تشتمل أحياناً على مواد كيميائية ضارة. ومن أشهر هذه الكائنات البحرية الديدان الانبوبية الكبيرة التي تنتشر في هذه الينابيع الساخنة وهي كائنات ليس لها فم أو جهاز هضمي ولكنها تعيش على مقربة من البكتيريا التي تزودها بالغذاء اللازم لبقائها."


 


صعود الاقتصاد الأزرق

يقصد بالاقتصاد الأزرق التنمية الاقتصادية البحرية التي تؤدي إلى تحسين حياة الناس من ناحية، وتساهم في الحفاظ على البيئة وتطويرها من ناحية أخرى. ولا شك أن التقنيات الجديدة تلعب دوراً كبيراً في ازدهار أبحاث أعماق البحار حيث مكنت الباحثين من الوصول الى قاع البحر باستخدام الغواصات، والروبوتات وأجهزة التحكم عن بعد والتعرف على الكائنات الحية الفريدة التي تعيش فيها. كما أحدثت فكرة البحث في أعماق البحار زخماً كبيراً حتى في الأوساط غير العلمية خصوصاً الصناعية منها والتي تتطلع الى التنقيب في قاع البحر وتطوير الاقتصاد الأزرق. تقول الدكتورة سيندي:" تحاول الصناعة في الوقت الحالي زيادة استثمارها في الاقتصاد الأزرق من خلال التنقيب عن الفلزات والمعادن على عمق 4000 أو 5000 متر تحت سطح البحر".

التنقيب في الأعماق

صناعة استخراج المعادن هي محور اهتمام الصناعة حالياً في هذا الاقتصاد الجديد ولكنها لا تقتصر عليها فقط بل تسعى ايضاً الى الاستثمار في الموارد الأخرى التي يزخر بها قاع البحر. ولكن السؤال الكبير هنا هو: هل نحن بحاجة الى هذه الموارد في الوقت الذي لا يزال لدينا موارد متوفرة على الأرض؟ تقول سيندي:" لا يزال هذا السؤال يحتاج إلى المزيد من البحث والدراسات خصوصاً من ناحية تحديد مدى استدامت ذلك بيئياً وتأثيره على البيئة البحرية والحيوانات التي تعيش هناك."

أشهر معادن المياه العميقة التي تحضي في الوقت الحاضر باهتمام بالغ من قبل الصناعة هي: تجمعات المنغنيز والكوبالت، ورواسب الكبريتيد الضخمة الناتجة عن الأدخنة السوداء في قاع البحر. وتعد هذه مصادراً لبعض من أندر العناصر الأرضية مثل الإيتريوم، الديسبروسيوم والتيربيوم، والتي تستخدم في أجهزة تقنية المعلومات والاتصالات وتقنيات الطاقة المتجددة. أما المعدن الأكثر طلباً فهو النحاس. ومن الجدير بالذكر أن التنقيب والتعدين في أعماق البحار لم يبدأ بعد، ولكن تم إصدار رخصتين للتنقيب في كل من البحرالأحمر وبابوا في غينيا الجديدة.​