Top

السباحة مع القروش المفترسة

الدكتور غريغ سكومال ، أحد علماء الأحياء المائية المتخصص بدراسة أسماك القرش ومدير برنامج الصيد الترفيهي، شارك بمحاضرة أساسية عن الحياة الغامضة لأسماك القرش وذلك ضمن فعاليات برنامج الإثراء في الخريف ٢٠١٨ في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية. المصدر: Shutterstock

- بقلم سونيا توروسينسكي، أخبار الجامعة

قد يستغرق الأمر سمكة قرش واحدة تسبح بالقرب من الشاطىء، لنشر حالة من الفوضى والذعر بين مرتادي الشواطىء في المنتجعات السياحية، وبالنسبة لمعظم السائحين فإن ذلك يعني أن الوقت حان لحزم أمتعتهم والعودة إلى منازلهم. ولكن الأمر مختلفٌ تماماً بالنسبة للدكتور غريغ سكومال، فإن مشاهدة سمكة قرش في الماء تعني بداية يوم عمل طبيعي ومثمر.

ضمن فعاليات برنامج الإثراء في الخريف 2018 في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، قدم الدكتور سكومال، وهو أحد علماء الأحياء المائية المتخصص بدراسة أسماك القرش ومدير برنامج الصيد الترفيهي في قسم الصيد البحري في ولاية ماساتشوستس الأمريكية، قدم محاضرة رئيسية بعنوان "الحياة الغامضة للقروش المفترسة"، حيث سلط الضوء على قلة المعلومات المسجلة عن أسماك القرش، وناقش التقنيات الجديدة التي يستخدمها مع فريقه لدراسة سلوك أسماك القرش وتنقلاتها بين محيطات العالم.

يوضح سكومال: "يوجد نقص كبير في المعلومات التي نعرفها عن 49 في المائة من أنواع أسماك القرش الموجودة في محيطاتنا. نحن لا نعرف ما يكفي عن موطنها، أوعن معدل نموها، أو إذا ما كانت مهددة نتيجة الصيد الجائر. ما ينقصنا هو المعلومات الأساسية عن تركيبتها الحيوية وتاريخها الطبيعي، وأعمارها ومعدل نموها وتكاثرها وبيئتها الغذائية. حيث سيقدم لنا ذلك معلومات قيمة عن انتشارها بين البيئات البحرية في المحيطات".

الدكتور غريغ سكومال ، المتخصص بدراسة أسماك القرش يناقش سلوك أسماك القرش وتنقلاتها في محيطات العالم خلال محاضرته الرئيسية التي شارك بها كجزء من فعاليات برنامج الإثراء في الخريف 2018 في الحرم الجامعي. الصورة بعدسة أندريا بوخفين – إيخت.

يمضي سكومال معظم وقته في دراسة أسماك القرش البيضاء الكبيرة قبالة سواحل كيب كود بولاية ماساتشوستس في الولايات المتحدة، حيث يسكن. وعلى الرغم من أن هذه الأسماك سيئة الصيت، إلا أننا نجهل الكثير عن بيئتها وتنقلاتها. وغالباً ما تتجمع بكثرة حول مناطق السباحة خلال موسم تكاثر الفقمات وأسد البحر في الساحل الشرقي للولايات المتحدة.

يقول سكومال: "من خلال معرفتنا للأنماط السلوكية اليومية لأسماك القرش في جميع أنحاء المنطقة، نستطيع تزويد مديري المنتجعات الشاطئية بالمعلومات اللازمة التي تضمن سلامة مرتادي الشواطىء للاستجمام أو السباحة".

تأتي معظم المعلومات التي يعرفها الباحثون والعلماء عن أسماك القرش من حوادث هجوم هذه الأسماك أثناء بحثها عن الغذاء أو عند صيد هذه القروش أو عندما تلقي بنفسها على الشاطىء. وتعتبر هذه نافذة ضيقة عن الحياة اليومية لأسماك القرش، خصوصاً أن أسماك القرش تقضي ما يصل إلى 60 بالمائة من وقتها في أعماق البحر.

ولمعرفة المزيد عن أسماك القرش وسلوكها عندما لا تظهر على سطح الماء، يستخدم سكومال وفريقه أجهزة استشعار ورصد صوتية صغيرة، والغواصات المائية الذاتية (AUVs) التي تغوص في أعماق البحر حيث تسكن أسماك القرش وبالتالي التعرف عن كثب على حياتها الغامضة.


الدكتور غريغ سكومال ، أحد علماء الأحياء المائية المتخصص بدراسة أسماك القرش ومدير برنامج الصيد الترفيهي، شارك بمحاضرة أساسية عن الحياة الغامضة لأسماك القرش وذلك ضمن فعاليات برنامج الإثراء في الخريف 2018 في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية. المصدر: Shutterstock

 ​
يتمتع الدكتور سكومال بخبرة كبيرة في استخدام وتثبيت أجهزة استشعار ورصد أسماك القرش، حيث يعمل مع أحد الطيارين المحليين للتحليق فوق المناطق التي توجد بها هذه القروش لتحديد أماكنها ونمط تنقلاتها بدقة باستخدام الإشارات التي ترسلها المستشعرات المثبتة تحت الزعنفة الظهرية لها وبالتالي ضمان سلامتها وسلامة مرتادي الشواطىء في حال اقتربت أي من هذه الأسماك باتجاه الشاطىء. كما يقوم مع فريقه بتتبع تنقلات أسماك القرش مباشرة والتقاط مقاطع فيديو لها باستخدام الغواصات المائية الذاتية.

وقد تعاون سكومال وفريقه مع معهد وودز هول لعلوم المحيطات (Woods Hole Oceanographic Institution) وقناة ديسكفري لتبني فكرة استخدام الغواصات المائية الذاتية في أبحاث أسماك القرش، وكان من ثمرة هذا التعاون تطوير الغواصة (REMUS SharkCam) التي تمتلك كاميرات مجهزة للتصوير في أعماق البحر. تم استخدام هذه الغواصة الذاتية الجديدة في المياه حول جزيرة غوادالوبي قبالة سواحل المكسيك والتي تقصدها أسماك القرش في بعض الأحيان.  وعندما تم انتشال الغواصة، لاحظ الفريق وجود خدوش وعلامات عليها، وتمكنوا من خلال تحليل لقطات الفيديو التي سجلتها الغواصة من التعرف على أسباب هذه الأضرار.

الدكتور غريغ سكومال، المتخصص بدراسة أسماك القرش يوضح أننا نجهل الكثير من المعلومات عن 49 في المائة من أنواع أسماك القرش الموجودة في محيطاتنا، وذلك خلال فعاليات برنامج الإثراء في الخريف 2018 في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية. صورة من الأرشيف.

يقول سكومال: "كانت علامات لهجمات تقليدية لأسماك القرش المفترسة كالتي نراها عادة على السطح. واستناداً إلى خريطة تنقلات هذه الأسماك التي رسمناها، تمكنا من تحديد المنطقة التي تكثر فيها هجمات أسماك القرش. وحصلنا على بعض المعلومات الرائعة، بما في ذلك اللقطات الأولى لمناطق سكن أسماك القرش البيضاء تحت سطح الماء. نحن بالتأكيد نسير في الاتجاه الصحيح".

الخطوات القادمة للدكتور سكومال وفريقه هي استخدام غواصة ذاتية أكبر تستطيع الغوص إلى أعماق بعيدة وتكثيف الأبحاث في مجال دراسة القرش الحوت. يقول سكومال في ختام محاضرته: "أعتقد أن الوقت بات مناسباً جداً للعودة إلى أسماك قرش الحوت والتي تحظى بشعبية كبيرة بين باحثي الكائنات البحرية وقامت عليها أبحاث ودراسات أساسية كبيرة، لذا أجدها مثالية جداً في أبحاث وتطبيقات التقنيات الجديدة".