التحق بالجامعة
الانتقال إلى الجامعة
انضم إلينا
وظائف أعضاء هيئة التدريس
رؤيتنا
المجلة العلمية
لاعب القفز بالزانة السعودي حسين آل حزام يتنافس في دورة الألعاب الأولمبية في باريس 2024. مصدر الصورة : @saudiolympic
تسابق جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) الزمن في ابتكارات التدريب الرياضي، وتبني شراكات تعاون هادفة وتبتكر أجهزة استشعار متطورة يمكن ارتداؤها لإحداث ثورة في الأنظمة الرياضية ووقاية اللاعبين من الإصابات. وتوفر هذه الابتكارات رؤى مؤثرة تدعم الأداء الاحترافي المتفوق واللياقة الرياضية العالية، بما يتماشى مع هدف رؤية السعودية 2030 المتمثل في تحقيق التميز الإقليمي والعالمي في الرياضات الاحترافية.
فعلى سبيل المثال، وبالشراكة مع فريق عالمي لسباق السيارات، تستفيد كاوست من أجهزة الاستشعار الكهروكيميائية المتقدمة لمراقبة الاستجابات الحيوية للسائقين. وفي هذا السياق، أشار البروفيسور خالد نبيل سلامة، الأستاذ في كاوست، إلى أن هذا الجهد المشترك يعزز من خفة حركة السائقين وسلامتهم، من خلال تقديم رؤى مفصلة عن معدل سوائل الجسم وتوازن الماء والأملاح وعلامات الإجهاد الأخرى. وهذا يتيح إجراء تدخلات علاجية متخصصة ورفع الأداء.
وقال البروفيسور سلامة "يمكن أن تكون كل هذه المعلومات مفيدة جداً للتنبؤ بما إذا كان بعض المتسابقين سيقدمون أداءً جيداً، وربما تغيير ترتيب السائقين وما إلى ذلك"، مضيفاً أن الاختبار الميداني لهذا المشروع التعاوني سيبدأ قريباً، مع احتمال تطوير أجهزة قابلة للارتداء مصممة خصيصاً على نطاق تجاري في غضون عامين. واستطرد قائلًا " بدأ بحثنا من خلال التحدث مع الأطباء واللاعبين الذين أخبرونا بالمشاكل التي تواجههم".
وتُسلّط الأحداث الرياضية الكبرى مثل دورة الألعاب الأولمبية الصيفية لعام 2024 في باريس وكأس العالم لكرة القدم 2034 في المملكة العربية السعودية الضوء على إمكانات كاوست في مجال الأبحاث الرياضية، كما أشارت الدكتورة نازك الأطب، الباحثة الرئيسية في مختبر أجهزة الذاكرة الذكية والمتقدمة وتطبيقاتها (SAMA) في كاوست.
إن تقنية كاوست القابلة للارتداء المدمجة مع تخزين البيانات الذكية وأنظمة الحوسبة متعددة الاستخدامات يمكن أن تراقب باستمرار المؤشرات البدنية في أثناء التدريب وفي المنافسات، مما يساعد المدربين على التنبؤ بالإصابات والوقاية منها، وتحسين نظم التدريب، وحتى وضع خطط تغذية شخصية للرياضيين.
وتوضح الأطب "أن أبحاثنا في مجال الذاكرة الذكية والأجهزة متعددة الوظائف لديها القدرة على إحداث ثورة في تدريب الرياضيين ومراقبة صحتهم. تخيلوا أجهزة لا تكتفي بتتبع مقاييس الأداء فحسب، بل تحللها أيضًا في الوقت الفعلي، وتوفر ملاحظات فورية للمدربين والرياضيين".
ووفقًا لسلامة، فإن العمل على تطوير "الجلد المغناطيسي" المدمج مباشرة على جسم الرياضي أو ملابسه سيوفر ميزة مهمة في المنافسات عالية المستوى حيث يمكن أن تعني التحسينات الطفيفة الفرق بين الفوز والخسارة. ويمكن لأجهزة الاستشعار المختلفة أن تراقب كل شيء بدءاً من المواد الكيميائية لسوائل الجسم إلى معدل ضربات القلب. كما تعمل كاوست على تطوير المزيد من أجهزة الاستشعار عن بُعد لجمع المعلومات الأساسية من الكاميرات المثبتة والمصادر الأخرى.
وأضاف أن التركيز على فهم البيانات وعرضها بفعالية يعتبر أمرًا حيويًا بغض النظر عما إذا كانت أجهزة الاستشعار تُرْتَدَى أم لا. "يتطلب الأمر استخدام أدوات برمجية لتحليل البيانات وتحديد الأنماط، وبالتالي عرضها حتى يتمكن الخبراء من مراجعتها واتخاذ القرارات المناسبة".
يعتقد البروفيسور طارق النفوري الأستاذ في كاوست ومعه الدكتور محمد محبوب الرحمن، عالم الأبحاث، أن هناك مجالًا كبيرًا للابتكارات في أبحاث علوم الرياضة، وتطوير أجهزة استشعار وتحليلات مدعومة بالذكاء الاصطناعي محليًا في الجامعة. وتعزز أبحاثهما المتطورة استخدام الذكاء الاصطناعي "المتقدم" في تطبيقات الأجهزة المحمولة على الأجهزة القابلة للارتداء والأدوات المساعدة، مما يؤدي إلى تحليلات صحية في المكان والوقت الفعلي.
يمكن لهذه الأجهزة المتطورة أن تسهم في الكشف المبكر عن الأمراض وتوفير التدخل الطبي في الوقت الملائم، مما يعزز الصحة العامة للرياضيين. يقول الدكتور محمد "يعتبر النظام البيئي الرياضي نظامًا مهمًا يشارك فيه العديد من أصحاب المصلحة، ويسهم في تعزيز الاقتصاد الوطني من خلال توليد عوائد مالية ضخمة، وبالتالي يمكن تخصيص الأموال اللازمة للبحوث العلمية في مجال الرياضة".
كاوست تساهم في إيجاد حلول محلية للمشاكل الخاصة بالمملكة العربية السعودية، مثل تطوير تطبيقات جديدة للرصد الحيوي التي يمكن أن تقيس مستوى المياه والأملاح في الجسم وغيرها من المؤشرات الحيوية المهمة للرياضيين في ظل الظروف الجوية القاسية في البلاد (مثل الحرارة والرطوبة الشديدتين)، يقول النفوري "لدينا أبحاث أكاديمية عالية المستوى. ومن المهم الآن أن نبدأ بالبحث عن شركاء في قطاع الرياضة من أجل تقييم فعالية حلولنا على نطاق واسع".
وبحسب النفوري، يدرس الباحثون العديد من الطرق التي لا تستدعي التدخل الجراحي لقياس مستويات الجفاف لدى الرياضيين. على سبيل المثال، طورت كاوست تطبيقًا للهاتف المحمول يحدد مستوى جفاف جسم الرياضي (على مقياس من واحد إلى أربعة) من خلال تحليل مقاطع فيديو قصيرة ملتقطة بكاميرا الهاتف الذكي لأطراف أصابع اليد.
وتشمل نماذج الاستشعار الأخرى انعكاسات الإشارات اللاسلكية المنبعثة من الرادار المثبت على صدر الرياضي، وقياسات سعة الجلد عند لمس الشخص لشاشة الهاتف، وقياسات التخطيط الكهربائي للقلب.
وأضاف النفوري أن هذا البحث، الذي اُخْتُبِر على طلبة كاوست الذين يمارسون رياضات ترفيهية مثل التنس وكرة القدم والفريسبي، يراقب مستويات الترطيب والجفاف لدى الرياضيين، ويوفر رؤى قيمة يمكن أن تعزز الأداء الرياضي. كما يمكن أن تفيد ابتكارات المراقبة هذه الحكام وأطقم الدعم وغيرهم من الموظفين.
"لا حظنا في معرض نقاشاتنا حول الفورمولا 1، على سبيل المثال، أن الأمر لا يقتصر على السائقين فحسب، بل إن طواقم الدعم على الأرض التي تساعد السائقين هم الذين يتعرضون لمستويات عالية من الجفاف، وبالتالي يجب أن تتم أيضًا مراقبتهم من كثب من أجل سلامتهم".
تعتقد الدكتورة نازك الأطب أن التقنيات القابلة للارتداء يجب أن تكون مريحة وغير مزعجة. ولحسن الحظ، فإن أبحاث كاوست في مجال الإلكترونيات منخفضة الطاقة ومتعددة الوظائف والمتوافقة مع متطلبات الجسم تظهر نتائج واعدة للغاية من حيث الشكل والوظيفة. إذ يمكن لهذه الأجهزة أن تحدث ثورة في المراقبة الرياضية من خلال تمكين جمع البيانات على نحو مستمر وسلس دون إعاقة الأداء، تقول " يمكن لهذه الأجهزة أن تتكامل بسلاسة مع جسم الرياضي، مما يوفر مراقبة دقيقة وموثوقة دون تقييد الحركة أو التسبب في عدم الراحة. وهذا أمر بالغ الأهمية للحفاظ على الميكانيكا الحيوية الطبيعية في أثناء التدريب والمنافسة."
تعد أبحاث كاوست في مجال التقنية القابلة للارتداء بتعزيز التدريب الرياضي ورفع مستوى التميز في المنافسات الرياضية في المملكة
وأضافت "يمكن بسهولة تكييف أبحاثنا حول الإلكترونيات المرنة والقابلة للتمدد وأجهزة الذاكرة الذكية والأقطاب الكهربائية المستوحاة من البيولوجيا مع التدريب الرياضي. حيث توفر هذه التقنيات إمكانات مراقبة متقدمة ومعالجة للبيانات في الوقت الفعلي، ومدى راحة محسنة عند ارتدائها، مما يجعلها مناسبة جدًا للتطبيقات الرياضية".
بالنسبة للدكتورة ساهيكا إينال، الأستاذة المشاركة في الهندسة الحيوية في كاوست، فإن تطوير أجهزة إلكترونية حيوية قابلة للارتداء، وتشبه الوشم يمكن للرياضيين استخدامها لتتبع العلامات الحيوية للجسم مثل مستويات الترطيب وتركيزات الأملاح والجلوكوز من العرق، يمثل فرصة رائدة لكاوست للتأثير في مجال علوم الرياضة.
تقول "الأمر كله يتعلق بتحسين رفاهيتنا. ولا يمكننا تحقيق ذلك أو تدريب الرياضيين إذا لم يكن لدينا بيانات كمية. والطريقة الوحيدة للحصول على البيانات الكمية هي فهم طرق العلاج أو أنواع التدريب الذي نحتاج إلى القيام به من خلال مراقبة الحالات. وهذا ما تقدمه هذه الأجهزة."
هذه التقنية تعد بإحداث ثورة في كيفية تدريب الرياضيين والحفاظ على صحتهم. إذ تضمن أجهزة الاستشعار القابلة للارتداء المطورة في كاوست والمثبتة بسلاسة في جلد الرياضيين، مراقبة شاملة وتحسين الأداء الرياضي والسلامة بشكل عام. بالإضافة إلى ذلك، تؤكد إينال أن هذه التقنية المتطورة من شأنها أن تحسن إلى حد بعيد من الصحة العامة لكافة سكان المملكة، تقول "الطريقة الوحيدة لإيجاد توازن معين أو تحديد علاج مخصص أو نمط حياة مناسب لكل شخص، هي برصد أكبر عدد ممكن من العلامات الحيوية".