التحق بالجامعة
الانتقال إلى الجامعة
انضم إلينا
وظائف أعضاء هيئة التدريس
رؤيتنا
المجلة العلمية
سفينة البحث “العزيزي” في مرفأ جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية بعد إتمام أسبوعين في دراسة أعماق البحر الأحمر. تصوير نك ديميل.
في رحلة استمرت 16 يوماً في البحر الأحمر، قام فريق من 11 باحثاً من تخصصات متعددة من جامعتي الملك عبدالله للعلوم والتقنية وجامعة الملك عبدالعزيز بدراسة صحة النظام الإيكولوجي والتنوّع البيولوجي على طول المنطقة الاقتصادية الخالصة للبحر.
وقد أبحر الباحثون، وهم ثمانية من جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية وثلاثة من جامعة الملك عبد العزيز بجدة، في مياه البحر الأحمر من الشمال إلى الجنوب، وقاموا بدراسة البارامترات الفيزيائية والبيولوجي، على متن السفينة البحثية الخاصة بجامعة الملك عبد العزيز وتُدعى "العزيزي" خلال الفترة بين ١ إلى ١٧ أغسطس. الهدف الأول من الرحلة البحثية هو إبراز التدرجات البيئية بين الشمال والجنوب على طول البحر التي ترتكز على النظم الإيكولوجية وقدرتها على مقاومة التغيرات. أما الهدف الآخر هو وصف تأثير التغييرات الطُولية في درجة حرارة المياه وكمية ونوعية المادة العضوية الذائبة على توزيع الخصائص الفيسيولوجية للكائنات النخالية المتغايرة من بكتيريا وعوالق، والتي تعتبر الكتلة الحيوية الأكبر في المحيطات.
يهتم د. محمد بن حمدي الجحدلي، أستاذ مساعد في تخصص الأحافير الدقيقة بجامعة الملك عبد العزيز، بدراسة أنواع من العوالق النباتية (الفايتوبلانكتون) وهي المكوّرات والتي تبني لها أصداف كلسية وتتكاثر في مياه البحر شديدة العمق. ويقول إن تواجدها في البحر الأحمر من الشمال إلى الجنوب له دلالات بيئية نفهمها من خلال التجارب حيث أنه توصل إلى أن مياه البحر الأحمر هي أكثر ملوحة وأقل وفرة بالمغذيّات في شمال البحر مقارنة بجنوبه، فبالتالي التنوع البحري في الشمال يختلف عن الجنوب.
"نرغب في معرفة الآثار البيئية على هذه العوالق التي تمثل الأساس للتركيبة الغذائية. العوالق النباتية تحمي البيئة البحرية وتعطي الغذاء وبالتالي تتكاثر منها الأسماك، كثرتها أو قلتها تعطي دلالة على غنى البيئة البحرية بالموارد من عدمه. وفي حال كانت غنية، ما هي أسبابها ولماذا تختلف من منطقة لأخرى. حتى اليوم، يعد البحر الأحمر من البحار القليلة التي لم يكتشف فيها الفايتوبلانكتون بصفة دورية موسمية."
وقام الجحدلي وفريقه بتجميع عينات من لترين من المياه قبل فلترتها بفلاتر دقيقة جداً تدعى المرشحات الغشائية (membrane filter). هذه الفلاتر تحفظ وتجفف ومن ثم تؤخذ إلى المعمل وتستخدم في المجهر الإلكتروني (scanning electron microscope).
النتائج لن تكون فردية ولكن ستكون نتيجة عدة أشهر من البحث، أي موسمية، للتوصل إلى نمط تكاثر العوالق النباتية. فعلى سبيل المثال قد تتكاثر في الصيف والعكس في فصل الشتاء. ومن المخطط أن يجري البحث بصفة دورية مرتين كل عام لتكون المرة القادمة في شهر يناير.
ويجري هذا البحث كجزء من مساهمة المملكة العربية السعودية في البعثة الثانية للجنة اليونيسكو الدولية الحكومية لعلوم المحيطات في المحيط الهندي، وهي مبادرة متعددة الجنسيات تتم على مدار عدة السنوات، بدأتها اللجنة الأوقيانوغرافية الحكومية الدولية واليونسكو لزيادة فهم المحيط الهندي.
فريق من الباحثين متعددي التخصصات من جامعتي الملك عبدالله للعلوم والتقنية وجامعة الملك عبدالعزيز يقضون أسبوعين مي مياه البحر الأحمر خلال دراسة بحثية. تصوير ليليت هوفانيسيان
هذا التعاون بين الجامعتين الرائدتين في مجال علوم البحار، الذي تم في أعماق البحر الأحمر الذي يبلغ عرضه نحو ١٧٨ ميلاً بحرياً و١١٨٧ ميلاً بحرياً، يعد ضمن نطاق المساهمة السعودية في الدراسة الإقليمية للبحر الأحمر. وقامت جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية بتمويل جزء من الرحلة وتوفير الدعم اللوجستي والتقني الذي قدمه مختبر الموارد الساحلية والبحرية الذي اهتم بتسهيل إجراءات إبحار السفينة ومنها التأكد من خضوع السفينة للإجراءات الأمنية والتنسيق مع خفر السواحل حتى عودتها إلى مرفأ الجامعة.
يقول لويد سميث مدير مختبر الموارد الساحلية والبحرية إن المشروع هو تجسيد لمفهوم التعاون بين الجامعات السعودية. "في ظل البيئة الاقتصادية، يبدو من الحكمة أن تتعاون جامعتان معاً وتتشاركان مواردهما بدلاً من تكرارها. لقد كانت فكرة التعاون المشترك ناجحة للغاية بعمل أفراد من طاقم الجامعة واستخدامهم السفينة والمعدات التي على متنها. فالجميع كان سعيداً بالعمل سوياً وبالطريقة التي سارت عليها الأمور."
عن "التعاون المثمر" كما وصفه الجحدلي يقول: "هذه السفينة هي حلقة الوصل بيننا وهي سفينة العزيزي. سفينة كبيرة فيها من المعدات والأجهزة التي تتيح لنا الاجتماع على فكرة واحدة لنصل إلى هدف واحد. التعاون مثمر جداً. وجدنا أن هناك شراكة كبيرة في أبحاث البحر الأحمر."
يصف كارلوس دوارتي، رئيس مركز أبحاث البحر الأحمر في الجامعة وأستاذ كرسي أبحاث مؤسسة طارق أحمد الجفالي الخيرية لعلوم الأحياء البحرية بقسم العلوم والهندسة البيولوجية والبيئية، التعاون بين الجامعتين "بالطبيعي" كون جامعة الملك عبدالعزيز تحوي الكلية الوحيدة لعلوم البحار في المملكة ولها باع طويل في أبحاث البحر الأحمر. وقال إن التعاون ساعد في تعميق العلاقات بينهما. وأضاف: "هناك أواصر قوية تربط بين الجامعتين وهي جليّة في الأبحاث المشتركة. وبالإضافة إلى ذلك، باستطاعتنا تقديم القدرات التقنية المتقدمة لدعم البحوث البحرية، من خلال المختبر الأساسي للموارد الساحلية والبحرية بالجامعة، وتشغيل جامعة الملك عبد العزيز لأكبر وأحدث سفينة بحثية في البحر الأحمر. كانت قد بدأت مفاوضات التعاون البحثي في عام 2014 قبل انضمامي إلى جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، وكنت أستاذاً فخريا بجامعة الملك عبدالعزيز، وحققت ثمارها مع مشروع مركز أبحاث البحر الأحمر ووحدة تمويل الأبحاث التنافسية الذي بدأ في يوليو 2016."
وأضاف إن مساهمة البحر الأحمر في تحقيق رؤية المملكة يعتمد على توفر نظام بيئي صحي للبحر الأحمر.
يقول الأستاذ المشارك بقسم العلوم والهندسة الحيوية والبيئية البروفيسور خوسيه أنشيلو موران إن طاقم السفينة من الباحثين قام بتجميع عينات من مياه البحر من مستويات مختلفة على طول البحر الأحمر وإجراء تجارب من أجل تحسين المعرفة بمياه هذا البحر الذي يعد من أكثر البحار حرارة من بين الأحواض البحرية العميقة حول العالم.
إن درجات الحرارة القصوى تقابلها تركيز أبر للمغذيات غير العضوية في الجزء الجنوبي من البحر الأحمر، وهو الأمر المثير للاهتمام خاصة حيث أن هذا الجزء أقل دراسة من الوسط والشمال.
"إن المعلومات المتعلقة بتوزيع الكائنات الحية السطحية وأسماكها الدائمة وإنتاجيتها، بدءاً من البكتيريا العوالق والأسماك، على طول متدرج، ستكون ذات قيمة لا تقدر بثمن من أجل فهم أفضل لأداء هذا النظام البيئي الفريد. سنقوم بإنشاء مجموعات بيانات شاملة ومتجددة بطريقة منهجية على العديد من المتغيرات الفيزيائية والكيميائية والحيوية التي لم يتم أخذ عينات منها من قبل، بهدف تكرارها في فترات مختلفة من السنة."
عدد من أعضاء الفريق البحثي الذي كان على متن سفية “العزيزي” البحثية.
يقول أنديرس روستاد، عالم الأحياء البحرية من مركز أبحاث البحر الأحمر وقائد الفريق البحثي والمسؤول عن الأنشطة اليومية والتنظيمية على متن سفينة العزيزي: "كان عليّ بدوري أن أتأكد من أن الباحثين على متن السفينة راضون وأن الجميع يتواصلون فيما بينهم. توليت وضع الخطط ومحاولة التوصل إلى حلول لأي عقبات قد تحدث. قضيت الكثير من وقتي مع القبطان في تحديد الوجهة ورصد المعلومات العامة، بما فيها الطقس."
وأضاف روستاد، المتخصص في علوم الأسماك والعوالق الحيوانية، أن الجميع سعيد بالمعلومات التي تم جمعها وبالإنجاز الذي أسفرت عنه الرحلة البحثية. "كان التحدي الوحيد هو التعوّد على السفينة حيث أنها التجربة الأولى على متنها." استرسل روستاد ليتحدث على أهمية البحث المشترك وكيف أن من شأنه أن يعود بالفائدة على جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية وجامعة الملك عبدالعزيز. وقال ستقوم الجامعتان بالقيام برحلة أخرى مماثلة في مطلع العام القادم.
ويوفر البحر الأحمر العديد من الفرص كمختبر طبيعي بسبب التدرجات العديدة التي تحدث داخل هذه المجموعة الفريدة من المياه. هناك تدرج كبير في درجة الحرارة والملوحة، من الشمال إلى الجنوب. "نحن نستخدم هذا التدرج وقياس التغير في الحياة البحرية على طول كامل البحر الأحمر. سنحصل على مسح كامل للأحياء البحرية من البكتيريا وأصغر الحيوانات البحرية إلى أكبر الأسماك، ومن ثم مقارنة ذلك إلى الاختلاف في درجة الحرارة والملوحة والمغذيات والأكسجين."
"تعمل جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية مع جامعة الملك عبد العزيز لتكون القارب في قفص الاتهام هنا. وسيتاح للباحثين في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية الوصول إلى القارب، وسيتاح للباحثين في جامعة الملك عبد العزيز الوصول إلى مرافق المختبرات الأساسية للموارد الساحلية والبحرية. إنه مشروع كبير مركز أبحاث البحر الأحمر ويمكننا القول إن المختبر الأساسي للموارد الساحلية والبحرية كان عونا كبيرا ولم تكن هذه الرحلة ممكنة دونه."
لويد سميث إنه يأمل أن تكون هذه بداية للمزيد من التعاون بين الجامعتين. "نسعى لتيسير إجراءات التعاون لتمهيد الطريق لرحلات بحرية بحثية مشابهة في المستقبل...السبيل الوحيد لتحقيق الأهداف في البيئة الاقتصادية الراهنة هو العمل معاً."