Top

مؤتمر كاوست للأبحاث : تحسين كفاءة الطاقة في الاقتصاد الدائري

 تتقدم جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) في مجال الاقتصاد الدائري، من خلال تحويل النفايات إلى مصادر دخل عبر إعادة استخدام المواد والطاقة في أنظمة مغلقة على نحو مستمر. ومن خلال الأبحاث المتطورة والتعاون والشراكات التي تدفع عجلة الابتكار، يركز الباحثون على كفاءة استخدام الموارد، وتقليل النفايات، وتعزيز الاستدامة. 

أشار البروفيسور ماني ساراثي، أستاذ الهندسة الكيميائية في كاوست، خلال مؤتمر كاوست للأبحاث (تحسين كفاءة الطاقة في الاقتصاد الدائري) الذي أقيم في الفترة من 17 إلى 19 فبراير، إلى أن إعادة استخدام المواد والطاقة لأقصى حد ممكن تعزز الانتقال نحو طاقة نظيفة ومستدامة. وأوضح أن الاقتصاد الدائري يعزز إنشاء أنظمة مغلقة تساهم في تحقيق أقصى قيمة للطاقة والمواد. 

وفي هذا السياق، أوضح "نركز على مجالات مثل احتجاز الكربون واستخدامه، وتطوير الوقود المستدام، وإعادة تدوير البلاستيك وأنواع النفايات الأخرى، بالإضافة إلى توظيف الذكاء الاصطناعي وتعليم الآلة لتسريع تبني مبادئ الاقتصاد الدائري". 

وأكد الدكتور جاناردانراج سوبوراج، الباحث العلمي في قسم العلوم والهندسة الفيزيائية ورئيس المؤتمر المشارك، على إسهامات كاوست في الحد من البصمة البيئية لأنظمة الطاقة، قائلاً "على عكس الاقتصاد الخطي التقليدي، يشجع الاقتصاد الدائري على عمليات مثل تحويل النفايات إلى طاقة، واحتجاز الكربون واستخدامه، وإعادة تدوير النفايات، مما يسهم في تقليل البصمة البيئية والاعتماد على الموارد غير المتجددة".  

وأشار إلى أن الأبحاث في كاوست تهدف إلى فهم ومحاكاة كيمياء الاحتراق للوقود التقليدي والبديل بهدف تعزيز الكفاءة وتقليل انبعاثات الملوثات، إلى جانب التركيز على إنتاج الهيدروجين النظيف واستخدامه كأحد المحاور الأساسية لهذه الأبحاث. 

تشمل مساهمات كاوست في الاقتصاد الدائري، ليس فقط تحسين عمليات تحويل النفايات إلى طاقة من خلال كيمياء الاحتراق المتقدمة، ولكن أيضًا تحويل النفايات الحيوية إلى مواد صناعية وأعلاف حيوانية قيمة، بالإضافة إلى دراسة تحويل ثاني أكسيد الكربون إلى وقود ومنتجات مستدامة. كما تسهم الجامعة في الحد من تكوّن الملوثات عبر تطوير نماذج تنبؤية تقلل من الانبعاثات، مما يعزز الاستدامة البيئية وكفاءة استخدام الموارد.  

وأضاف سوبوراج "الاقتصاد الدائري ضروري لتحقيق نمو مستدام على المدى الطويل، لأنه يقلل الاعتماد على الوقود الأحفوري، ويحد من انبعاثات الغازات الدفيئة، ويعزز أمن الطاقة".  

وخلال المؤتمر، ناقش الدكتور سوميترا ساكسينا، الباحث في الهندسة الميكانيكية ورئيس المؤتمر المشارك، سبل الاستفادة المستدامة من البلاستيك والنفايات الصلبة البلدية. وأكد أهمية إدارة المواد المضافة واللدائن الدقيقة والنفايات ضمن الحدود البيئية للكوكب، مشيرًا إلى أن منظومة الأبحاث والشراكات في كاوست توفر حلولًا قابلة للتطوير لتحديات النفايات البلاستيكية، وتوائم بين العلوم والسياسات والصناعة، وأكد أن "هذه أوقات حافلة بالفرص بالنسبة للعلماء المهتمين بهذا المجال". 

الريادة في الاستدامة 

وفقًا لساكسينا، تقود كاوست جهود البحث في مجال الاستدامة، حيث تساهم في تطوير الابتكارات التي تدعم الاقتصاد الدائري على المستويات المحلية والإقليمية والعالمية. ومن خلال مبادرات مثل منصة أبحاث الطاقة النظيفة (CERP)، ومراكز التميّز في الطاقة المتجددة وتقنيات التخزين، والأمن الغذائي المستدام، بالإضافة إلى التعاون مع أرامكو السعودية، ونيوم، والمؤسسات البحثية العالمية، تواصل الجامعة تطوير حلول تحويل النفايات إلى طاقة، واحتجاز الكربون، وإنتاج الوقود المستدام. 

وأضاف ساكسينا أن كاوست تعمل على تحسين استراتيجيات الاحتراق، واستكشاف تطبيقات التقنية العميقة في قطاع الطاقة، وتطوير تقنيات تقلل التأثير البيئي، بما يساهم في تحقيق أهداف رؤية السعودية 2030. وأوضح "تدعم هذه الأبحاث على نحو مباشر تحول المملكة نحو اقتصاد دائري ومنخفض الكربون، مما يضمن كفاءة الطاقة والاستدامة في قطاعي الصناعة والنقل بالمستقبل". 

فيما يتعلق بكيمياء احتراق الوقود والتقنيات المستدامة للطاقة، تعد منصة أبحاث الطاقة النظيفة (CERP) ركيزة أساسية لدور كاوست في تعزيز الاقتصاد الدائري. حيث أشار الدكتور ريبو غوتام، الباحث في قسم العلوم والهندسة الفيزيائية، إلى أن باحثي وأعضاء هيئة التدريس في (CERP) يعملون على تطوير تقنيات تشمل الوقود البديل ونمذجة الاحتراق المدعومة بالذكاء الاصطناعي، مما يسهم في تعزيز الكفاءة وتقليل الانبعاثات.  

يشار إلى أن شراكات كاوست مع القطاع الصناعي تساهم وبقوة بتعزيز تقنيات الوقود المستدام، مما يدعم حلول الطاقة النظيفة في مجالات النقل وتوليد الطاقة وغيرها من الأولويات الوطنية. وفي ختام كلمته، أكد ساكسينا أن هذه الفرص ستساهم في تعزيز التأثير العالمي لكاوست، ودفع التحول نحو حلول طاقة منخفضة الكربون وعالية الكفاءة.  

مؤتمر مؤثر يعزز دور كاوست في الاقتصاد الدائري 

يذكر أن المؤتمر شهد مشاركة فاعلة من أعضاء هيئة التدريس في كاوست الذين انضموا  إلى قائمة بارزة من المتحدثين في المؤتمر البحثي، حيث قدموا إسهاماتهم في تعزيز مفهوم الاقتصاد الدائري. وقد عرض الدكتور كايل لاورسن، الأستاذ المساعد في الهندسة الحيوية، موضوعًا حول أهمية التقنية الحيوية للطحالب في دعم الاستدامة. وأوضح كيف يعمل مختبره بالتعاون مع فريق ساراثي لتحديد طرق تحويل بقايا الكتلة الحيوية للطحالب إلى منتجات ثانوية مفيدة، أو استخدامها كفحم حيوي لتحسين جودة التربة.  

وقال لاورسن "يسعى مختبري في كاوست إلى استكشاف هذا المجال الهندسي متعدد الأبعاد"، مشيرًا إلى أن فريقه يجمع ويدرس ويهندس الطحالب لتحويل مدخلات النفايات إلى منتجات بيولوجية قيمة، بدءًا من المواد الكيميائية المتخصصة والعطور وصولًا إلى أعلاف الحيوانات المستدامة. وأضاف "توفر الطحالب العديد من الفرص الواعدة".  

من جانبه، تحدث الدكتور بيدرو كاستانيو، الأستاذ المشارك في الهندسة الكيميائية، عن المنصات التحليلية الكمية والجزيئية لتحويل النفايات إلى موارد قيمة، مؤكدًا على أهمية فهم التحولات الدقيقة للنفايات على المستوى الجزيئي قبل معالجتها. وطرح مفهوم "وايستوميكس " (wasteomics)، الذي يجمع بين المنصات التحليلية والحوسبية واسعة النطاق لفك شفرة مسارات تحويل النفايات.  

كما قدم الدكتور عزيز نشاش، الباحث العلمي في منصة أبحاث الطاقة النظيفة (CERP)، عرضًا حول دور المحللات الكهروكيميائية عالية الحرارة في تطوير إنتاج الهيدروجين والوقود الإلكتروني (e-fuel) في المملكة العربية السعودية.  

وخلال المؤتمر، استعرض الدكتور ساي سرينيفاس سريداهاران، مدير مشروع احتجاز الكربون بالتجميد في كاوست، جهود الجامعة في توسيع نطاق تقنيات احتجاز الكربون عبر تطبيق أنظمة التبريد لتجميد ثاني أكسيد الكربون، مما يضمن مرونة التكيف مع مختلف الصناعات. وأوضح أن هذه التقنية لا تقتصر على قطاع توليد الطاقة فقط، بل تمتد لتشمل قطاعات مثل الحديد والصلب، وأفران الأسمنت، والتطبيقات البحرية، في إطار التوجه نحو تحقيق الحياد الصفري للكربون. 

وأشار البروفيسور ماني ساراثي إلى أن المؤتمر، الذي استقطب عددًا كبيرًا من الخبراء العالميين، عزز مكانة كاوست كقائدة في مجال الاستدامة وكمركز بحثي يدعم جهود إزالة الكربون. وأضاف "من خلال تعزيز التعاون متعدد التخصصات والابتكار، وفر هذا المؤتمر منصة لمناقشات مؤثرة وحلول رائدة من شأنها تشكيل مستقبل أنظمة الطاقة المستدامة". 

وختم قائلًا "كان هدفنا من هذا المؤتمر هو فهم الإمكانات البحثية المتقدمة في الاقتصاد الدائري، خصوصًا في مجال الطاقة، ورؤية كيفية تسريع تطوير هذه التقنيات وتطبيقها في أرض الواقع".