Top

باحثات كاوست يلهمن أجيال المستقبل في العلوم والتقنية والهندسة والرياضيات

باحثة ما بعد الدكتوراه د. وجدان الغامدي (يمينًا)، وطالبة الدكتوراه أماني العمودي، والأستاذة في كاوست البروفيسورة لينا إبراهيم ، يجسدن نموذجًا للقيادة النسائية المتميزة في مجالات العلوم والتقنية والهندسة والرياضيات (ستيم).

تضم جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) نخبة متميزة من الباحثات اللاتي يتركن بصمة كبيرة وتأثير ملهم في ميادين العلوم، من خلال إسهاماتهم الفاعلة في دفع عجلة الاكتشافات عبر مختلف مراحل مسيرتهن الأكاديمية. ويمثل اليوم العالمي للمرأة مناسبة استثنائية لتسليط الضوء على قوة وطموح ونصائح هؤلاء الباحثات اللاتي يؤدين دورًا حيويًا في تشكيل ملامح مستقبل المملكة والعالم، متخطين حدود العلوم والمعرفة في مجالاتهن المختلفة، ومشكلين مصدر إلهام وقدوة للنساء والفتيات حول العالم لتحقيق أحلامهن وطموحاتهن. 

لنتعرف على ثلاث باحثات في كاوست، في مراحل مختلفة من حياتهن المهنية، واللواتي يُعتبرن مصدر إلهام حقيقي: 

لينا إبراهيم 

الفضول والشغف هما ركيزتان تحفيزيتان تعتقد لينا إبراهيم، الأستاذة المساعدة في العلوم البيولوجية، أن على الشابات - والشباب بشكل عام - الاستفادة منهما إذا ما أرادوا أن يزدهروا في مجالات العلوم والتقنية والهندسة والرياضيات (ستيم). وقالت "إذا وجهتي فضولك وشغفك بشكل صحيح، فسيؤديان بك إلى اكتشافات مذهلة. باختصار، لا تستسلمي أبدًا. وابحثي عن مرشدين جيدين يرشدونك ويربطونك بأشخاص يمكنهم إحداث فرق في حياتك. إذا كانت لديك الإرادة، فلا شيء يمنعك من تحقيق أحلامك".  

اكتشفت الباحثة الفلسطينية شغفها في أثناء دراستها الجامعية في العلوم الطبية الحيوية في جامعة دلهي الهندية. فأثناء دراستها للصرع، أدركت مدى ديناميكية الدماغ البشري، حيث تشارك مناطق مختلفة في وظائف متعددة وأنواع مختلفة من الخلايا العصبية، تقول "مجرد إدراك مدى تعقيد كل ذلك جذبني إلى هذا المجال. قررت أن أحصل على درجة الدكتوراه لأفهم هذا التعقيد".  

بعد حصولها على درجة الماجستير في علوم الحياة من جامعة جواهر لال نهرو في نيودلهي، انتقلت إلى جامعة جنوب كاليفورنيا في لوس أنجلوس للحصول على درجة الدكتوراه في علم الأعصاب. أجرت أبحاثها في مرحلة ما بعد الدكتوراه في جامعة نيويورك وكلية الطب بجامعة هارفارد، مع التركيز على علم الأعصاب. وفي عام 2021، انضمت إلى كاوست في منصبها الحالي، مدفوعة بالبنية التحتية للحرم الجامعي وقربها من عائلتها، تقول لينا "كاوست هي المكان المثالي بالنسبة لي".  

وتتمحور أبحاثها في الجامعة على فهم كيفية نشأة الإدراك الحسي عبر مراحل التطور. حيث تدرس كيف تؤثر تجارب الحياة المبكرة على المعالجة الحسية، وعلى وظائف الدماغ على المدى الطويل. ويتعمق عملها في دور الخلايا العصبية المثبطة في الطبقة الخارجية من القشرة الدماغية، ولا سيما كيفية تنظيمها لتدفق المعلومات الحسية وتشكيل الإدراك الحسي. 

وتهدف من خلال دراسة تطور هذه الدوائر ووظيفتها ومرونتها إلى الكشف عن كيفية مساهمة الاضطرابات في المعالجة الحسية في علاج أمراض النمو العصبي والاضطرابات النفسية، بما في ذلك التوحد. ومن خلال هذا البحث، تأمل لينا في تقديم رؤى حول كيفية تنبؤ الدماغ بالمدخلات الحسية وتفسيرها عبر مراحل الحياة المختلفة. 

رغم التحديات القليلة التي واجهتها كامرأة في مجال العمل، إلا أن الدعم والإرشاد القويين اللذين حصلت عليهما لينا لعبا دورًا حاسمًا في تشكيل مسيرتها المهنية. وقد زادا إصرارها على الالتزام بنفسها والسعي نحو التميز الأكاديمي. وأشارت إلى أنها كانت محظوظة بوجود العديد من القدوات، سواء من الزملاء والأقران، أو من الأساتذة الكبار، الذين أثبتوا لها أن هذه الرحلة ليست مستحيلة. 

وجدان الغامدي 

نشأت الدكتورة وجدان الغامدي في قرية سعودية صغيرة، وتطور شغفها بالفيزياء في سن مبكرة. وأثناء دراستها للبكالوريوس في جامعة الملك عبد العزيز في جدة، تمكنت من دراسة مقررات الفيزياء على مستوى الماجستير - والتي أحبتها كثيرًا. تعرفت وجدان على كاوست لأول مرة من خلال برنامج الإثراء الشتوي في الجامعة، وقررت متابعة الماجستير والدكتوراه فيها، وتخرجت منها في عام 2023. 

خلال دراساتها العليا، قالت الغامدي إنها تلقت "دعمًا كبيرًا" من الباحث الرئيسي والمرشد الأستاذ توماس أنثوبولوس. الآن، كزميلة ما بعد الدكتوراه في كاوست تحت إشراف الأستاذة دانا السليمان، تشيد وجدان بالعديد من القدوات، من النساء والرجال، الذين أرشدوها في رحلتها التعليمية والمهنية، قالت " كنت محظوظة بفريقي، ولم أشعر أبدًا بأي تحد مهني كوني امرأة"، مضيفة أن كاوست توفر بيئة فريدة للنساء في المملكة العربية السعودية. كما تثمن الدور الكبير الذي تقدمه المملكة في دعم النساء في مجالات العلوم والتقنية والهندسة والرياضيات (ستيم). 

تأمل وجدان أن تكون مصدر إلهام للنساء والفتيات، خاصةً القادمات من بيئات ريفية، وأن تظهر لهن أن تحقيق النجاح في العلوم والتقنية أمر ممكن. وتنصح الجميع بالعمل الجاد والمثابرة والمرونة والتكيف مع ظروف العمل المختلفة. 

وعلى المستوى المجتمعي، تعتقد وجدان أن غرس قيمة التعليم العلمي في سن مبكرة أمر مهم لضمان أن تتمكن الأجيال القادمة من النساء من تحقيق تطلعاتهن في العلوم والتقنية، تقول "ينبغي أن نبدأ من المراحل المبكرة، ربما على مستوى المدرسة أو مستوى البكالوريوس في الجامعة، لتحفيز الناس وتعظيم أهمية العلوم".  

أماني العمودي 

ترى مرشحة الدكتوراه في العلوم الحيوية أماني العمودي العديد من القدوات الملهمة لنساء حققن النجاح في المناصب القيادية في مجالي العلوم والتقنية. وقالت "نشهد في مملكتنا تحولًا مذهلًا – النساء يساهمن بنشاط في البحث العلمي والابتكار والمناصب القيادية، وهذا أمر مشجع بالنسبة لي".   

نشأت أماني في المملكة العربية السعودية، وتابعت شغفها بدراسة الكيمياء الحيوية في جامعة ساسكس بالمملكة المتحدة. بعد التخرج، عملت لمدة عامين في مجال الرعاية الصحية، حيث ركزت على تحديد الطفرات الجينية المسببة للأمراض النادرة. وخلال تلك الفترة، أدركت رغبتها في متابعة تعليمها العالي. 

وأضافت "قدّمت طلب التحاق بكاوست وتم قبولي كطالبة في برنامج الماجستير والدكتوراه في العلوم الحيوية. والآن، أركز في الجامعة بشكل أكبر على علم الأحياء الجزيئي والكيمياء الحيوية".  

أماني مهتمة بدراسة قدرة العلوم الحيوية على اكتشاف علاجات مستهدفة للأمراض الوراثية والتحديات الطبية الأخرى، تقول "تركزت رسالتي للدكتوراه على العلوم الأساسية، وتحديدًا آليات تكرار الحمض النووي (DNA). والهدف هو فهم هذه العمليات على مستوى عميق لتحديد الأمراض الناجمة عن الاضطرابات في هذه الأنظمة".  

قدمت كاوست دعمًا كبيرًا لأماني طوال دراستها العليا. ولديها اعتقاد راسخ بأنه مع كل جيل من النساء الناجحات في مجالات العلوم والتقنية والهندسة والرياضيات (ستيم)، تنشأ فرص جديدة، مما يسهل الطريق للجيل القادم من النساء لتحقيق أحلامهن، وهي ممتنة جدًا لذلك. 

وتؤكد أن الإصرار هو مفتاح النجاح في العلوم والحياة، لا سيما عند مواجهة الإخفاقات المتكررة في المختبر. وبالنسبة للنساء تحديدًا، فإن إدارة الوقت بفعالية تُعد عاملًا أساسيًا لتحقيق التوازن بين المسيرة المهنية والتعليم والحياة الأسرية. ومع ذلك، تؤمن أماني بأن النجاح في مجالات ستيم ممكن، وقالت "يجب أن يكون لديك الفضول، والشغف، والصبر. أعتقد أن هذه هي العوامل الثلاثة الأساسية التي تحتاجها للمضي قدمًا في العلوم".