Top

كاوست تدعم جهود نيوم الرائدة في الحفاظ على الحياة البرية البحرية

تشتهر منطقة نيوم في شمال المملكة العربية السعودية بكونها منطقة مهمة للحيوانات البحرية الضخمة مثل الدلافين والسلاحف والأطوام (أبقار البحر) التي تتخذ من البحر الأحمر موطناً لها. وتلعب شركة المنارة للتطوير، وهي الذراع الاستشارية البيئية لجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) دورًا رئيسيًا في مساعدة نيوم على تعزيز فهم هذه الأنواع الفريدة وحماية.  

وفي هذا الإطار، يستخدم باحثون متخصصون تقنية الذكاء الاصطناعي لتحليل المسوحات المكثفة التي التقطتها الطائرات بدون طيار للمناطق البحرية المهمة للحيوانات البحرية الكبيرة، بهدف تمكين جهود الحماية المستهدفة والفعالة للحياة البحرية الفريدة في نيوم — بما في ذلك الدلافين الحدباء، والأطوام، والسلاحف الخضراء، والسلاحف صقرية المنقار، وأسماك القرش، وأسماك الراي (الرقيطة).  

 وقال الدكتور ديني بوريج، مدير عام الحياة البحرية في محمية نيوم الطبيعية "أردنا على نحو خاص فهم توزع الحيوانات الضخمة ووفرة أعدادها في المنطقة المحيطة بسندالة، حيث إننا ملتزمون بحماية الحياة البرية الخاصة مع تعزيز تجربة الزوار في هذا الجزء الجميل من محمية نيوم الطبيعية". وتُعد هذه البيانات أساسية لتقليل المخاطر على الحيوانات البحرية الكبيرة الناتجة عن حركة السفن والأنشطة البشرية الأخرى. 

وصرّح ويليام باترسون، كبير أخصائيي الحيوانات البحرية الضخمة في شركة المنارة للتطوير، عن مشروع المسح الذي أُجري بالنيابة عن محمية نيوم الطبيعية وبالتعاون مع خبراء عالميين من جامعة إديث كوان قائلاً "يمكن استخدام المسوحات هذه كمرجع لجهود مماثلة في المستقبل".   

يسلط هذا المشروع التعاوني الضوء على دور نيوم القيادي في تبني استراتيجيات مبتكرة للحفاظ على البيئة، حيث يستفيد من أحدث الأبحاث لبناء إدارة مستدامة للنظم البيئية، وهو ما أكده بوريج بقوله "إن استخدام تقنيات الطائرات بدون طيار والمراقبة باستخدام الذكاء الاصطناعي هو دليل على تركيز نيوم على الابتكار، وهو جزء لا يتجزأ من برامجنا".  

جهود مستمرة في المسوحات البحرية   

منذ يناير 2024، أجرت كاوست عبر شركة المنارة للتطوير سلسلة من المسوحات للحيوانات البحرية الضخمة. وبادرت محمية نيوم الطبيعية بتمويل هذه الأنشطة والإشراف عليها كجزء من استراتيجيتها الشاملة للمحافظة على البيئة، مستفيدةً من الموارد والخبرات والتقنيات المبتكرة. يشار إلى أن جزر سندالة تضم منتجعاً فاخراً، ونادي لليخوت العالمية، وهي واحدة من الأصول الرئيسية في مشروع نيوم العملاق.  

شمل الأسلوب الأساسي للمسح، الذي تم تنفيذه من يناير إلى يونيو، استخدام طائرات بدون طيار ثابتة الجناحين لجمع البيانات، مدعومة بجهود تعاونية وتقنيات متقدمة لدعم تخطيط النظام البيئي في نيوم، يقول باترسون "التقطنا أيضًا صورًا ومقاطع فيديو عالية الجودة باستخدام طائرات بدون طيار متعددة المراوح، مما أتاح التعرف على الأنواع وتحديد الصور، وهو أمر لم يكن دائمًا ممكنًا باستخدام المسوحات التقليدية".  

وأضاف "سنواصل إجراء المسوحات حتى نوفمبر 2024 على الأقل، ونأمل أن نستمر في العام المقبل، مما يمنحنا الفرصة لتطوير المزيد من البيانات حول التغيرات الموسمية، والتفكير في إمكانيات استخدام تقنيات الطائرات بدون طيار لتحقيق اكتشافات في الوقت الفعلي للثدييات البحرية ونقل بيانات مواقعها مباشرة إلى السفن التي تبحر في المنطقة".   

تقنيات مراقبة متقدمة 

اعتمد الباحثون إلى حد بعيد على نموذج ذكاء اصطناعي لمعالجة 180,000 صورة جُمعت خلال المرحلة الأولى من هذا الجهد المشترك بين كاوست ونيوم، مما يؤكد التزامهما المشترك بالحفاظ على البيئة البحرية. 

وقال باترسون "وصلنا الآن إلى نقطة يمكننا فيها تحديد الأطوام والسلاحف والدلافين وأسماك القرش وأسماك الراي بشكل موثوق". وأضاف "سنستمر في تحسين النموذج بناءً على البيانات التي جمعناها، والتي سنجمعها حتى نوفمبر من هذا العام. كما أجرينا مسوحات مراقبة الثدييات البحرية بالتزامن مع مسوحات الطائرات بدون طيار".   

وأشار ونستون كاوي، كبير مدراء الحفاظ على البيئة البحرية ومصايد الأسماك في نيوم، إلى أن الجمع بين المراقبة البحرية والجوية والبرية دعم هذا المسح الشامل، حيث غطى 19,839 كيلومترًا من المسوحات الجوية الدقيقة، و5,771 كيلومترًا من المسوحات البحرية باستخدام القوارب على مدار موسمي الصيف والشتاء، و55 يومًا من الرصد والمراقبة البرية. 

وقال باترسون إن الفِرق التي تعمل على متن السفن، وعلى اليابسة بحثت في المقام الأول عن الدلافين الحدباء في المحيط الهندي، وجمعت صورًا ومقاطع فيديو عالية الجودة باستخدام الطائرات بدون طيار، بينما التقطت فِرق القوارب صوراً فوتوغرافية مفصلة للتعرف على الدلافين الفردية، مما ساعد على تتبعها عبر فترات المسح وتحديد تعدادها في المنطقة.  

وأضاف "رصدنا مجموعات يصل حجمها الأقصى إلى 14 فردًا على نحو مباشر، لكن قد يصل العدد إلى 23 فردًا يمرون داخل وخارج أرخبيل سندالة في أي وقت. هذه الصور عالية الجودة تتيح عمل دراسات محتملة لتحديد وإعادة تحديد تعداد هذه المجموعات في المستقبل، مما يؤدي في نهاية المطاف إلى تقدير دقيق لوفرة الحيوانات في المنطقة".   

وأشار "أثبتنا أن هذه الحيوانات تتكاثر بالتأكيد في المنطقة. حيث رصدنا ثلاث أمهات مع صغارهن، مع تسجيل ولادة عجل واحد هذا العام في منطقة سندالة. ونحن نعلم أن هذه الحيوانات قد تكون مقيمة على مدار العام، وتستخدم المنطقة بشكل مؤكد".  

أهمية التنوع البيولوجي   

من الأنواع المستهدفة الأخرى في المسح الأطوم — وهو حيوان بحري كبير ينتمي إلى نفس رتبة أبقار البحر. استخدم الباحثون طائرات بدون طيار لإجراء عمليات بحث مركزة والحصول على صور عالية الجودة لتحديد أماكن تجمع هذه الكائنات بدقة من خلال العلامات الموجودة على زعانفها الذيلية، والندوب، وعلامات أخرى على أجسادها.  

وقال كاوي "استخدمنا نموذج ذكاء اصطناعي وصل إلى نقطة يمكنه فيها تحديد الأطوام، والسلاحف، والدلافين، وأسماك القرش والراي بدقة". وأضاف "البيانات التي جمعناها أُدخلت في هذا النموذج، وسنواصل تحسينه. وقد أكدنا بالفعل أن الأنواع المهددة، بما في ذلك الأطوم، والدلافين الحدباء في المحيط الهندي، والسلاحف الخضراء وصقرية المنقار، تتردد على المنطقة، وتعتبر أرخبيل سندالة موطنًا لها".  

يمكن لنيوم أن تستخدم تقييمات شاملة للمخاطر، ومسوحات رصد الثدييات البحرية باستخدام الطائرات بدون طيار، وتحليلات توزيع الحيوانات والتضاريس لتوجيه تدابير الحماية لهذه الأنواع البحرية. وأضاف باترسون "تُظهر هذه الأنواع قيمة التنوع البيولوجي لأرخبيل سندالة، ليس فقط من منظور قيمته البيئية، ولكن أيضًا لما سيشهده السياح من تجربة فريدة عندما تصبح المنطقة جاهزة للافتتاح".