Top

استمرارية الشعاب المرجانية - النجاة من عصر الديناصورات والصمود في ظل الاحترار العالمي

صورة للنظام البيئي للشعاب المرجانية في البحر الأحمر. الصورة بعدسة سوزان روزباش.

تبيّن لفريق دولي من العلماء المتخصصين، أن العلاقة بين المرجان والطحالب الدقيقة، التي تمكنهم من بناء الشعاب المرجانية، أقدم بكثير وأكثر تنوعاً مما كان مفترضاً في السابق.

ويشير البحث الذي أجراه الفريق إلى أن العلاقة الطحلبية- المرجانية صمدت عبر تاريخها المديد أمام العديد من التغيرات المناخية، الأمر الذي يبعث الأمل بإمكانية صمود البعض منها أمام الاحترار العالمي الذي يشهده العصر الحديث.

 في هذا السياق يقول البرفيسور كريستيان فولسترا، المؤلف المشارك للبحث والأستاذ المشارك للعلوم البحرية في مركز أبحاث البحر الأحمر في كاوست: "تشير أبحاثنا إلى أن روابط العلاقة بين المرجان الحديث والطحالب، تضافرت منذ زمن الديناصورات قبل حوالي 160 مليون سنة، أي أكثر بنحو 100 مليون سنة مما كان يعتقد سابقاً. وواجه كل من المرجان والطحالب خلال فترة حياتهما الطويلة نوبات تغير بيئي عدة وشديدة، استطاعا الصمود والتعافي منها بفضل خصائصهما البيولوجية".

ووفقاً للبروفيسور فولسترا، فإن الطحالب الدقيقة، التي تعرف عادة بإسم زووكسانثلاي (zooxanthellae)، تعيش داخل خلايا المرجان، مما يسمح لها بالحصول على الطاقة من أشعة الشمس، وبناء تكوينات الشعاب المرجانية الضخمة، ذات الأثر الإقتصادي الكبير، والتي تعتمد عليها كائنات بحرية عديدة كموطن لها.

واستخدم الفريق في بحثه الأدلة الجينية، بما في ذلك تسلسل الحمض النووي، والتحليلات الوراثية الفيلوجينية (phylogenetic analyses) ومقارنات الجينوم لحساب العمر التقريبي للطحالب الدقيقة. كما استخدموا التقنيات المورفولوجية (morphological techniques) الكلاسيكية، التي قارنوا فيها الخصائص البصرية لهذه المتغيرات، باستخدام المجهر الضوئي والإلكتروني والنمذجة الحاسوبية وطرق أخرى لاكتشاف أن عائلة الطحالب، بالإضافة إلى كونها أكبر سناً، أكثر تنوعاً مما كان يُعتقد سابقاً. وقد نُشرت النتائج على الإنترنت في المجلة العلمية كارينت بيولوجي (Current Biology) في التاسع من أغسطس الماضي.

تضمّ الشعاب المرجانية آلاف وملايين السليلات (polyps) المتطابقة الوراثية، التي ينتجها الانقسام النسيلي (clonal division). وتبقى هذه السليلات متصلة ببعضها البعض لتخلق مستعمرات ضخمة، مثل هذه الأوربيسيلاّ Orbicella. الصورة بعدسة روبن تي سميث.

ومن ناحيته، قال الدكتور تود لاجونيس، الكاتب الرئيسي والأستاذ المشارك لعلم الأحياء في جامعة ولاية بنسلفانيا في الولايات المتحدة: "لقد استخدمنا التقنيات الوراثية في تطوير نظام تسميةٍ حديث، يوفر إطار عمل جديد للتعرف على مختلف أنواع التعايش لدى الطحالب الدقيقة".

وتابع لاجونيس: "يعدّ التصنيف الدقيق خطوة حاسمة في أي بحث بيولوجي. وهذا ينطبق بشكل خاص على الدراسات التي تحاول فهم العلاقة بين الشعاب المرجانية والطحالب الدقيقة، التي تعدّ ضرورية للبقاء والنمو، وكيفية تكيّفها مع التغيرات المناخية".

وأشار فولسترا إلى أن الفريق يعمل منذ ما يقرب من عقد من الزمان، لتحديث تصنيف الرموز المرجانية، وذلك من أجل تحسين التواصل بين العلماء، ودفع الأبحاث العلمية المستقبلية بشأن الشعاب المرجانيّة. وشدد على أن اكتشافات من هذا القبيل لا تغير واقع أن الشعاب المرجانية تواجه تهديداً وجودياً حقيقياً، إنْ لم تُتّخذ إجراءات كفيلة بتجنب تغير المناخ، ولكن المعرفة الجديدة ستعزز من جهود الحفاظ على البيئة.

وتشمل لائحة المؤلفين الآخرين لهذه الورقة البحثية كلٍ من جون باركنسون من جامعة ولاية أوريغون بالولايات المتحدة؛ وبول جابريلسون من جامعة نورث كارولينا في تشابل هيل بالولايات المتحدة؛ وهاي جين جيونغ من جامعة سيول الوطنية في كوريا الجنوبية؛ وسكوت سانتوس من جامعة أوبورن بالولايات المتحدة؛ وجيمس دافيس رايمر، من جامعة ريوكيو في اليابان.

والجدير بالذكر، أن هذا البحث أجري بدعم من مؤسسة العلوم الوطنية الأمريكية، وجامعة ولاية بنسلفانيا، واللجنة الأوقيانوغرافية الحكومية الدولية واليونسكو والبنك الدولي (IOC-UNESCO-World Bank)، وجمهورية كوريا، وجامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية(كاوست).