يعتبر البحر الأحمر خصوصاً المنطقة جنوب خليج العقبة وعلى طول الساحل السعودي من المناطق التي لم يتم استكشافها بشكل كبير ولا تتوفر معلومات كافية عن مدى التنوع الحيوي فيها. لهذا يعتبر إنشاء جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية على شواطىء البحر الأحمر تحولاً كبير في مجال استكشاف أسرار بيئة البحر الأحمر وما تزخر به من كائنات بحرية فريدة. وبما أن المناطق الساحلية في البحر الأحمر تتطور بشكل متزايد في الآونة الأخيرة باعتبارها مورداً سياحياً هاماً ومتميزاً للمملكة في المستقبل، أصبح من المهم إعداد قائمة تصف التنوع الحيوي للنظام البحري في تلك المنطقة.  

يقول البروفيسور تيموثي رافاسي، أستاذ الهندسة الحيوية في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية: "أحد أهدافنا في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية هو استكشاف البحر الأحمر وتصنيف الكائنات الحية التي تتخذ منه موطناً". وأوضح أن ارتفاع درجة الملوحة ودرجة الحرارة في البحر الأحمر يمكن أن يساعد العلماء والباحثين على التنبؤ بالطرق التي ستتكيف بها الكائنات الحية المماثلة في المحيطات العالمية التي تشهد ارتفاعاً مستمراً في درجة الحرارة نتيجة ظاهرة تغيّر المناخ.

ولدعم هذا الهدف، انطلقت رحلة استكشافية استغرقت أسبوعاً كاملاً في البحر الأحمر في مايو من عام 2017 على متن قاربي أبحاث انطلقاً من منطقة الليث في المملكة العربية السعودية. وشارك في الرحلة 35 فرداً من طلبة وباحثي جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، فضلاً عن 10 علماء بحار من الولايات المتحدة واليابان والشرق الأوسط وأوروبا. وقد تم اختيار العلماء الدوليين بسبب خبرتهم في أنواع محددة من الحياة البحرية. وكان من بين الباحثين الزوار خبير اللافقاريات البروفسور كريج روس من معهد سكريبس لعلوم المحيطات (SIO) في جامعة كاليفورنيا في سان دييغو، الذي كان له دوراً كبيراً في فهرسة وتصنيف الكائنات الحية التي تم العثور عليها خلال الرحلة الاستكشافية.

وتعتبر هذه الرحلة الاستكشافية الأحدث في سلسلة من الرحلات البحرية التي توثق التنوع الحيوي للبحر الأحمر في جهد مشترك بين البروفيسور مايكل بيرومين، أستاذ العلوم البحرية في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية والبروفيسور تيموثي رافاسي والذي كانت بداياته منذ عام 2012، حيث ينظم بيرومين و رافاسي جهوداً بحثيه ميدانية متعددة كل عام في البحر الأحمر في السعودية.

وقد  تم جمع عينات من كائنات الشعاب المرجانية باستخدام مجموعة متنوعة من التقنيات. وجرى فحص العينات وتصويرها بالمجهر على متن القوارب قبل أن يتم حفظها لإجراء الدراسات الجزيئية في المختبر، كما تم جمع أكثر من 3000 عينة – واكتشاف أكثر من 50 نوعاً من الكائنات التي لم يسبق تسجيلها من قبل.

إن مواصلة عملية جمع بيانات التنوع الحيوي مهمة جداً كونها تساعد في تحديد تأثيرات التوسع العمراني والسياحي والتنموي وغيرها من الأنشطة البشرية على النظام البيئي لسواحل ومياه البحر الأحمر. يقول البروفيسور رافاسي "في الوقت الحالي، من السابق لأوانه تقديم تنبؤات دقيقة حول التأثير البشري على الحياة البحرية، وعلينا أن ننتظر لتحديد التأثير الشامل". ويشير البروفيسور بيرومين إلى أن هذا العمل شاق في طبيعته ويمثل تحدياً كبيراً في بعض الأحيان، ولكنه في نفس الوقت مهم جداً، ويقول: "نقوم بدراسة العينات التي تم جمعها والتي تذكرنا دائماً بروعة وتميز بيئة البحر الأحمر ذات التنوع الحيوي البحري الفريد والذي هو بلا شك أحد الموارد الطبيعية السعودية الأكثر قيمة".