Top

كاوست تطور تقنيات كيميائية خضراء كبديل عن البلاستيك

طور البروفيسوران إيف نانو ونيكولاوس هادجيكريستيديس في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، وزملاؤهما الباحثون، أول طريقة خالية من المعادن لصنع بوليكربونات أليفاتية قابلة للتحلل باستخدام ثاني أكسيد الكربون. تعد البوليكربونات الأليفاتية الخالية من المعدن، شفافة وشديدة المرونة. الصورة بعدسة: أشرف عبدالرحمن.

- بقلم سونيا توروسينسكي، أخبار جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية

بدءاً من التغليف بالبلاستيك ووصولاً إلى إطارات السيارات، نستخدم البلاستيك لما يتمتع به من صفات كالليونة والقوة والمرونة وقابلية إعادة التدوير. وبسبب هذه الصفات، يمكننا استخدام اللدائن البلاستيكية في مواد متنوعة وشاملة ومنتشرة في كل مكان تقريباً. ومع ذلك، فإن للإستخدامات المتنامية للبلاستيك آثاراً خطيرة على البيئة، خاصة على محيطات العالم وبحاره، إذ يتنبأبرنامج الأمم المتحدة للبيئة أن تحتوي بحار العالم ومحيطاته بحلول العام 2050 على كميات من البلاستيك تماثل كميات الأسماك الموجودة فيها.

"التلوث الأبيض" حول العالم

طرأ في الآونة الأخيرة تغيير في وعي الجمهور واهتمامه بالتلوث البلاستيكي، والذي يسمّى أيضاً "التلوث الأبيض" بسبب الكميات الوفيرة  من ثاني أكسيد الكربون التي تطلقها الدول المصنعة للبلاستيك إلى الغلاف الجوي، الأمر الذي يساهم في تعزيز ظاهرة الاحتباس الحراري. وعلى الرغم من تشجيع إعادة تدوير واستهلاك البلاستيك أمر أساسي للحد من التلوث، إلا أنه لا تزال معدلات التلوث البلاستيكي تسجل نموا متزايداً. لذا طور البروفيسور إيف نانو، نائب الرئيس المكلّف للشؤون الأكاديمية وأستاذ العلوم الكيميائية في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (كاوست)، بالتعاون مع البروفيسور نيكولاوس هادجيكريستيديس، أستاذ العلوم الكيميائية في الجامعة، أول طريقة خالية من المعادن لصنع بوليكربونات قابلة للتحلل باستخدام ثاني أكسيد الكربون. والجدير بالذكر أن إنجاز أول مركّب ناجح من البوليكربونات باستخدام ثاني أكسيد الكربون، كان في العام 1969 على يد مجموعة كيميائيين يابانيين في جامعة طوكيو. وعلى مدى العقود الخمسة الماضية، عمل الباحثون على تحسين العملية الحافزة لاقتران غاز الدفيئة بالإيبوكسيدات، باستخدام معادن انتقالية لصنع مواد بوليمرية. ولكن جهودهم لم تحقق سوى نجاح تجاري محدود.

يعمل الباحثون العاملون مع البروفيسورين إيف نانو ونيكولاوس هادجيكريستيديس في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، على تطوير مواد بوليمرية أكثر استدامة في مرحلة الإنتاج. الصورة بعدسة: أشرف عبدالرحمن.

في السنوات الأخيرة، تصدرت الصين إنتاج البوليكربونات المصنوعة من ثاني أكسيد الكربون على نطاق تجاري، والإستخدام في عدة تطبيقات كتغليف المواد الغذائية، وأكياس التسوق البلاستيكيةـ وأغشية الحماية الزراعية. ويعدّ الاستثمار الصناعي في إنتاج البوليكربونات باستخدام ثاني أكسيد الكربون، جزءاً من جهد منسق للحد من الانبعاثات. وكانت أرامكو السعودية قد استحوذت عام 2016 على شركة نوفومر Novomer الأمريكية، المتخصصة في إنتاج البوليكربونات باستخدام ثاني أكسيد الكربون والمحفزات القائمة على المعادن، مثل المصانع الصينية.

باحثون من جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية في المختبر، يقومون بعملياتهم الكيميائية الخضراء، التي تتخلّص من استخدام المعادن السامة لإنتاج البوليكربونات القابلة للتحلل باستخدام ثاني أكسيد الكربون. الصورة بعدسة: أشرف عبدالرحمن.

 ​

التخلص من المعادن

طور البروفيسور نانو وفريقه، طريقة كيميائية بديلة خضراء تتخلص من المعادن السامة لصالح اثنين من المواد المتفاعلة غير المعدنية، هي: مركب أمونيوم يساعد في تفاعل الاقتران بين ثاني أكسيد الكربون والإيبوكسيدات، ومركب آخر أساسه البورون، يمكنه أن ينشط المونومر الأخير.


إستخدمت طريقة تصنيع البوليكربونات التي طورها باحثو كاوست (الصورة أعلاه) ثاني أكسيد الكربون في عملية خالية من المعادن. الصورة تقدمة البروفيسور إيف نانو، التقطت في جامعة ماستريخت.

ويشرح نانو قائلاً: "تعدّ المحفزات القائمة على المعادن مواد إشكالية، لأنها قد تكون سامة وقد تلوّن المواد، الأمر المثير للقلق إذا ما كنا نصنع مركبات كربونية لتطبيقات غذائية. لذا يجب إزالة المعادن بشكل كلي، مما يعني أن عملية الإنتاج ستكلف طاقة وموارد أكثر كثافة".

وكانت اللجنة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ قد أصدرت في الآونة الأخيرة، تقريراً خاصاً ينص على ضرورة بقاء الاحترار العالمي ضمن حدود 1.5 درجة مئوية، لتجنب التغييرات الجذرية في نظامنا الإيكولوجي. وأضاف التقرير أن "صافي الانبعاثات العالمية التي يسببها الإنسان من ثاني أكسيد الكربون، يجب تخفيضه في 2030 بنحو 45 بالمئة عن مستويات 2010، ليصل إلى الصفر حوالي العام 2050".

KAUST Distinguished Professors Yves Gnanou (right) is shown here in the lab on campus working with a researcher. Photo by Asharaf AdulRahman.

 ​
ويقول نانو: "نحن في المكان المناسب لاستخدام ثاني أكسيد الكربون لصنع البوليمرات، وعلينا تسخير ثاني أكسيد الكربون كسلعة واستخدام المنتجات الضارة، كي لا تلحق الضرر ببيئتنا. و يبقى السؤال: لماذا لا تعمد بقية دول العالم على الاقتداء بالصين، واتخاذ إجراءات مماثلة؟".