التحق بالجامعة
الانتقال إلى الجامعة
انضم إلينا
وظائف أعضاء هيئة التدريس
رؤيتنا
المجلة العلمية
تقود شركة تيراكسي (Terraxy Inc) الناشئة من جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (كاوست) مبادرة السعودية الخضراء، والتي تهدف إلى زرع 10 مليار شجرة. حيث تسعى الشركة لتحويل صحاري المملكة العربية السعودية إلى أراضٍ خصبة باستخدام تقنيات مبتكرة مثل كاربوسويال (CarboSoil) وساندإكس (SandX).
تستخدم تقنية "كاربوسويال" الفحم الحيوي لتعديل التربة، والذي يعود أصله إلى "التربة السوداء" القديمة الموجودة في غابات الأمازون. كما أوضح أدير غالو جونيور، المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لشركة تيراكسي، فإن الفحم الحيوي قادر على تثبيت المواد العضوية في التربة لمدد طويلة تصل إلى قرون، مما يعزز جودة التربة، ويساعد على استصلاح الأراضي الصحراوية.
على الرغم من ذلك، يتطلب الفحم الحيوي معالجة خاصة ليتناسب مع التربة القلوية في المملكة. فالاستخدام غير المعالج للفحم قد يؤدي إلى زيادة حموضة التربة، مما يجعل تطبيق تقنية "كاربوسويال" غير ممكن. لذلك، تسعى شركة تيراكسي إلى معالجة الفحم الحيوي بحيث يُستفاد منه دون الإضرار بالتربة. علاوة على ذلك، تستعين الشركة بتقنية "ساندإكس" لتعزيز جهود التشجير واستصلاح الأراضي. تعمل هاتان التقنيتان (كاربوسويال وساندإكس) معًا على تحسين خصوبة التربة، والحفاظ على المياه، وتعزيز نمو النباتات، بما يتوافق مع الأهداف البيئية العالمية.
تشكل إعادة استخدام نفايات الدواجن جزءًا أساسيًا من استراتيجية تيراكسي. إذ تقوم صناعة الدواجن في السعودية بالتخلص من أكثر من 400 كيلو طن من السماد الطبيعي سنويًا في مكبات النفايات. تستفيد تيراكسي من هذه النفايات العضوية لتطوير منتج "كاربوسويال"، مما يساعد على تقليل تراكم النفايات ودعم جهود التشجير في الصحراء. وقد أكدت التجارب الميدانية التي أجرتها مع شركاء صناعيين مثل أرامكو للطاقة الخضراء وقطاع حماية الطبيعة في نيوم، نجاحها في زراعة أكثر من 60,000 نبتة محلية.
أوضح غالو أن التجارب الميدانية أظهرت أن منتج تيراكسي يحقق نتائج أولية مشابهة لتلك التي توفرها الطحالب الخثية (peat moss) التي تُعتبر "المعيار الذهبي" في تحسين جودة التربة. ورغم أن الطحالب تُطلق الكربون، فإن تأثير "الكاربوسويل" يدوم لفترة أطول بكثير.
قامت الشركة مؤخرًا بتنفيذ مشروع بحثي على مساحة 1,3 هكتار لزراعة الأشجار المحلية في منتزه وادي قديد الوطني. هذا المشروع هو تعاون بين كاوست والمركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر. حيث تهدف هذه التجارب إلى تقييم تأثير تقنيات الري وتعديل التربة المختلفة على نمو خمسة أنواع من الأشجار المحلية، مما سيوفر رؤى أساسية لدعم جهود تنمية الغطاء النباتي ضمن مبادرة السعودية الخضراء.
يقول غالو "إحدى النقاط التي نسعى دائمًا لتوضيحها هي الفرق بين الكاربوسويل والسماد العضوي والطحالب". ويضيف أن الكاربوسويل هو الأكثر استقرارًا في التربة، حيث يبقى لفترة طويلة ويرتبط بالمغذيات، مما يتيح توفير فوائد مستدامة. وهذا ما لا تتمتع به معززات التربة التقليدية مثل الطحالب أو السماد العضوي، لأنها تتحلل خلال سنة واحدة، وتطلق الكربون إلى الغلاف الجوي. كما أن ارتفاع درجة حرارة المنطقة يسرع من عملية التحلل.
بمعدل استخدام يصل إلى 50 طنًا لكل هكتار، يساعد الكاربوسويل في زيادة احتفاظ التربة الرملية بالمياه بنسبة 11% واحتباس العناصر الغذائية بنسبة 53%. ووفقًا لما ذكره غالو، سيظل 73% من الكاربوسويل فعالًا بعد مرور 100 عام، مما يبرز الفوائد الواضحة والمقنعة لهذا المنتج على المدى الطويل.
تستخدم تيراكسي عملية التحلل الحراري لإنتاج الكاربوسويل، حيث يُحَوَّل سماد الدواجن إلى فحم حيوي من خلال تسخينه في غياب الأكسجين. هذه العملية لا تنتج فقط الفحم، بل أيضاً الغاز الصناعي الذي يتكون من مزيج من الهيدروجين والهيدروكربونات، والذي تستخدمه الشركة لتشغيل نظامها، مما يعزز من قدرتها على الاعتماد الذاتي.
وخلال عامي 2023-2024، اختبرت تيراكسي العملية بشكل كامل، حيث تمكنت من إنتاج أكثر من 150 طنًا من الكاربوسويل، مما ساهم في منع 400 طن من نفايات الدجاج من الوصول إلى المكبات. حالياً، تسعى الشركة لتوسيع نطاق إنتاجها بشكل أكبر.
تساعد تقنية ساند إكس من تيراكسي، بجانب الكاربوسيل، في معالجة مشكلة ندرة المياه في المنطقة من خلال تقليل تبخر المياه من التربة السطحية بنسبة تصل إلى 80%. هذه التقنية تحافظ على رطوبة التربة لفترة أطول، مما يسهم في تعزيز بقاء الشتلات وصحة النباتات بشكل عام. عندما يجتمع الكاربوسيل وساند إكس، فإنهما يقدمان حلاً شاملاً ومستدامًا للمناطق الصحراوية، مما يعزز صحة التربة والنباتات في جميع أنحاء الشرق الأوسط.
أكد غالو أن "تحويل النفايات إلى موارد لا يحسن فقط من جودة التربة، بل يسهم أيضًا في بناء مستقبل مستدام لصحرائنا"، مشيرًا إلى رؤية تيراكسي لتحقيق مستقبل أخضر في السعودية من خلال منتجاتها المبتكرة.