التحق بالجامعة
الانتقال إلى الجامعة
انضم إلينا
وظائف أعضاء هيئة التدريس
رؤيتنا
المجلة العلمية
ثول، المملكة العربية السعودية، 9 يناير 2025
تمثل الجداول الناتجة عن الأنهار الجليدية على قمم الجبال العالية كنزًا بيئيًا مليئًا بالكائنات الحية الدقيقة الفريدة، إلا أن هذه النظم البيئية ظلت لغزًا علميًا لفترة طويلة. وفي إطار مسعى لفهم هذا التنوع المجهول، قاد فريق من العلماء من المعهد التقني الفيدرالي السويسري في لوزان (EPFL)، بمشاركة باحثين من جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست)، دراسة شاملة وغير مسبوقة حول الميكروبيوم في جداول الأنهار الجليدية.
استغرقت الدراسة أكثر من خمس سنوات، شهدت جهودًا مكثفة من قبل العلماء، بمساعدة مرشدين جبليين وحمالين، لجمع وتحليل عينات من 170 جدولًا جليديًا حول العالم. شملت العينات مواقع متنوعة مثل نيوزيلندا، جبال الهيمالايا، القوقاز الروسية، تيان شان وبامير، جبال الألب الأوروبية والإسكندنافية، غرينلاند، ألاسكا، روينزوري في أوغندا، والأنديز في الإكوادور وتشيلي.
وقد أسفرت هذه الجهود عن أول مرجع عالمي متكامل للميكروبيوم في جداول الأنهار الجليدية، حيث نُشرت النتائج في المجلة العلمية المرموقة نيتشر (Nature)، مقدمةً رؤى غير مسبوقة حول هذه النظم البيئية المعقدة ودورها البيئي العالمي.
الجداول التي تغذيها الأنهار الجليدية هي أكثر النظم البيئية للمياه العذبة الطبيعية تطرفاً في العالم. وتقع معظم هذه الجداول على قمم الجبال، وتتميز بدرجات حرارة قريبة من الصفر وتركيزات منخفضة من العناصر الغذائية. كما أنها المصدر الأصلي للعديد من أكبر أنهارنا، وتعتبر "خزانات مياه" للعالم. ولهذا السبب، فإن أي تغير في هذه الجداول، والذي ينعكس على تغيرات في نُظمها البيئية وتنوعها البيولوجي، يمكن أن يكون له تأثيرات عميقة على إمدادات المياه. وأحد طرق قياس هذه التغيرات هي من خلال دراسة ميكروبيوم هذه الجداول.
وقالت الدكتورة رامونا ماراسكو، باحثة كاوست وأحد المشاركين في الدراسة "الجداول التي تغذيها الأنهار الجليدية معرضة بشدة لتغير المناخ. ولفهم معدل التغير في النظام البيئي الذي تستضيفه، نحتاج إلى تحديد قاعدة أساسية لميكروبيوماتها".
وأضاف البروفيسور دانييل دافونشيو من كاوست "الجهود الكبيرة في التسلسل الجيني التي نُفِّذَت في كاوست ساهمت في رسم صورة شاملة لهذه الميكروبيومات المهددة ".
ومن خلال التحليل، تمكن الباحثون الدوليون من إعداد أول أطلس عالمي للكائنات الدقيقة في الجداول التي تغذيها الأنهار الجليدية. وقد اكتشفوا أن هذه الجداول تحتوي على ميكروبيوم فريد – يختلف بجلاء عن أنظمة الغلاف الجليدي الأخرى، مثل الجبال الجليدية، التربة المتجمدة، والبحيرات المتجمدة. ومن اللافت أن العلماء وجدوا أن حوالي نصف أنواع البكتيريا في هذه الجداول مستوطنة في كل سلسلة جبلية معينة. وكان هذا أكثر وضوحًا في نيوزيلندا والإكوادور – وهي مناطق معروفة بالفعل بتنوعها البيولوجي العالي للنباتات والحيوانات المستوطنة. وينسب العلماء هذه الظاهرة إلى العزلة الجغرافية للجبال – التي تشبه عزلة الجزر – وإلى الانتقاء الطبيعي القوي على نحو خاص في البيئات القاسية مثل جداول الأنهار الجليدية.
أعلنت الأمم المتحدة أن عام 2025 سيكون العام الدولي للحفاظ على الأنهار الجليدية. ويشمل ذلك حماية الأنهار والجداول التي تتغذى منها الميكروبيومات. هذه المهمة تعتبر ضرورية؛ نظرًا للسرعة التي يذوب بها الجليد، لكنها بالتأكيد قابلة للتحقيق.
وأوضح البروفيسور توم باتين من المعهد التقني الفيدرالي السويسري في لوزان، والذي قاد هذه الدراسة "بعد أن قضيت السنوات الأخيرة في استكشاف قمم الجبال في مختلف أنحاء العالم، يمكنني بجلاء التأكيد أننا نفقد ميكروبيومات فريدة نتيجة لتراجع الأنهار الجليدية".