أوضح الدكتور يوسف بلمبخوت عالم الأبحاث بجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية، وعضو فريق الدكتور محمد اداوودي لتصميم المواد الوظيفية واكتشافها وتطويرها (FMD3)، والذي يعد جزءًا من مركز أبحاث الأغشية المتقدمة والمواد المسامية المتطورة (AMPM) بجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية، قائلاً: " نحن نسعى دائما في فريق أبحاث الأستاذ الدكتور/محمد اداوودي لاكتشاف مواد وظيفية ذات بنية نانومترية جديدة لاستخدامها في تطبيقات محددة.

وأضاف الدكتور أسامة شيخة، كبير الباحثين العلميين في مجموعةFMD3 قائلاً بأن الفريق يقوم بالبحث عن المواد المناسبة لإزالة التركيزات المنخفضة و ترسبات غاز ثاني أكسيد الكربون باستخدام الامتصاص الفيزيائي. ستساهم هذه المواد في توفير الطاقة وخفض تكلفة إنتاج وتنقية وتخصيب بعض العناصر ذات القيمة العالية مثل CH4، وH2، وO2، وN2، وغيرها."

جديرٌ بالذكر أن كلاً من الدكتور شيخة والدكتور بلمبخوت وفريق من الباحثين من مجموعة الدكتور اداوودي قد قاموا مؤخرا باكتشاف و تجميع تركيبة من الاطر الفلزية العضوية المسامية من النحاس، مقاومة للرطوبة، و غير مكلفة ويمكن اعادة استخدامها اطلق عليها اسم SIFSIX-3-Cu . تتميز هذه التركيبة بقدرتها على امتصاص وفصل ترسبات غاز ثاني أكسيد الكربون بشكل انتقائي من خليط من الغازات المختلفة. وقد نُشرت النتائج التي توصلوا إليها في مجلة اتصالات الطبيعة Nature Communications في عددها بتاريخ 25/6/2014. DOI: 10.1038/ncomms5228

أوضح الدكتور اداوودي: تعتبر الأطر الفلزية العضوية نوع جديد واعد من المواد الصلبة الهجينة لفصل غاز ثاني أكسيد الكربون.: " يكمن تفردها في القدرة على التحكم في تكوينها وأداء وظائفها عند الطلب و هذه الميزة غير متوافرة في غيرها من المواد الصلبة."

وقد أثبت الباحثين للمرة الأولى أن الطبيعة الكيميائية البلورية للأطر الفلزية العضوية تسمح بتركيبة جديدة متماثلة التكوين من هكسافلوروسيليكيت (SIFSIX-3-Cu) ترتكز على النحاس بدلاً من الزنك. ويقول الدكتور شيخة: "من المتوقع أن يتفوق أداء هذه التقنية على التقنيات المطورة الحالية للامتصاص الفيزيائي لغاز ثاني أكسيد الكربون من حيث كفاءة الطاقة، كما أن المحددات الرئيسية لهذا الاكتشاف تتمثل في الحجم المسامي المناسب وكثافة الشحنة الكهربائية العالية المتجانسة في مسام الإطار الفلزّيّ العضوي."

قام الباحثون باستخدام الإطار الفلزّيّ العضوي المخلق حديثا لدراسة الحالات المرتبطة بفصل ثاني أكسيد الكربون من الهواء، وهي آلية لإزالة ثاني اكسيد الكربون من الهواء وخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بشكل موحد في جميع أنحاء العالم.

وصرح الباحثون ان عملية فصل ثاني اكسيد الكربون من الهواء أكثر صعوبة من فصله بعد الاحتراق، ولكنها قد تكون طريقة عملية إذا كانت متاحة فهي تمثل " امتصاص مناسب لثاني اكسيد الكربون يجمع بين الامتصاص الحركي الأمثل والنشط وخاصة في ترسبات ثاني أكسيد الكربون."

واكتشف الفريق أن انكماش مسام SIFSIX-3-Cu إلى 3.5 A يرفع كفاءة المواد ويجعلها قادرة على امتصاص كميات كبيرة نسبيًا من ثاني أكسيد الكربون بمعدل يزيد بمقدار 10-15 مرة عن المعادن العضوية الممتصة للزنك، مثل SIFSIX-3-Zn، حيث يكون حجم المسام هو 3.84 A.

وقد أوضح زيجي تشن طالب الدكتوراه وعضو فريق FMD3 والمؤلف المشارك:" قائلاً: "نعزو هذه الخاصية إلى الامتصاص الفيزيائي المطور من خلال التفاعلات الإلكتروستاتية الملائمة بين جزيئات ثاني أكسيد الكربون وذرات الفلورين الموجودة على سطح المادة الممتصة".

وقد أوضح د.فينسنت جويلرم زميل ما بعد الدكتوراه في فريق FMD3 ومؤلف مشارك في الورقة العلمية أيضا: "أن انكماش المسام يتيح امتصاص غاز ثاني أكسيد الكربون وبشكل خاص عند الضغوط الجزئية المنخفضة للغاية. وهذا يرتبط بفصل وازالة رواسب ثاني اوكسيد الكربون من الهواء."

وأضاف الدكتور كريم عادل، العالم البحثي في فريق FMD3و المؤلف المشارك في الورقة العلمية قائلاً: ان مركب SIFSIX-3-Cuيتيح خصائص امتصاص فيزيائية لغاز ثاني أوكسيد الكربون ، المادية وبشكل خاص في تيارات الغاز المخففة للغاية، وهذا التفاعل غير قابل للتحقيق في الأنواع الأخرى من المواد المسامية."

وقد أبدى الباحثون حماسهم الكبير حول النتائج التي توصلوا إليها في بحثهم، حيث وفرت لهم إمكانية لا تُستخدم فقط لفصل ثاني اوكسيد الكربون من الهواء ولكن أيضًا لغيرها من الاستخدامات المتعلقة بالطاقة والبيئة ومجال الرعاية الصحية. على سبيل المثال، فمن الممكن استخدام تركيبة SIFSIX-3-Cu لإزالة وإعادة تدوير ثاني أكسيد الكربون في الأماكن المغلقة، مثل الغواصات أو مكوك الفضاء، ويمكن أيضًا أن تُستخدم في أجهزة التخدير، والتي تتطلب مواد ماصة لثاني أكسيد الكربون بصورة تتسم بالكفاءة.

وقد صرح الدكتور شيخة: "مهمتنا تمهد الطريق للعلماء لتطوير عناصر فصل جديدة وملائمة لتحدي صعب يتعلق بالتنقية الفائقة لثاني أكسيد الكربون"، وأضاف: "دراستنا تعد أيضًا جزءًا من جهود هامة أكبر لتطوير طرق اقتصادية وعملية للحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون التراكمية التي تحفز تأثير الغازات غير المرغوب فيها المسببة للاحتباس الحراري."

وأكد بروفيسور اداوودي أن الأطر الفلزية العضوية تتيح خصائص فيزيائية مميزة لامتصاص غاز ثاني اكسيد الكربون في تيارات غاز مخففة للغاية بفضل قدرتها على تكيف أحجام المسام واحلال مركباتها العضوية - غير العضوية، في حين أن الأصناف الأخرى من المواد العادية لا يمكنها القيام بذلك."

في المستقبل، سوف يستمر فريقFMD3 بقيادة الأستاذ د.اداوودي في تطوير تركيبات مختلفة طبولوجيا وكيميائيا من الاطر الفلزية العضوية. وقد أوضح الدكتور الداوودي قائلاً: "نسعى لاستهداف تركيبات جديدة من الاطر الفلزية العضوية ذات حجم مسام مناسب وكثافة شحن عالية، وسوف نقوم بعد ذلك باستخدام هذه التركيبات للقيام بهذا العمل الهام لإزالة ترسبات والتركيزات المنخفضة والعالية لغاز ثاني أكسيد الكربون."