Top

معهد التحول الوطني يترجم أبحاث كاوست إلى فرص تجارية واعدة تسهم في ازدهار الاقتصاد السعودي

تسعى جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) إلى تعزيز بيئة الابتكار في المملكة العربية السعودية من خلال معهد التحول الوطني الذي يديره عالم الكيمياء الحيوية الأسكتلندي الدكتور إيان كامبل الذي يحمل خبرة واسعة تمتد لأكثر من 25 عامًا في مجالات الشركات الناشئة وتوسيع نطاقها والاستشارات، قبل أن يتولى الإشراف على وكالة الابتكار في الحكومة البريطانية. 

وقال كامبل، الذي يشغل منصب نائب رئيس كاوست لمعهد التحول الوطني "عندما انضممت إلى كاوست قبل عامين ونصف، جئت إلى هنا لأعمل مديرًا تنفيذيًا للمشاريع الخاصة لمبادرة كاوست لإحياء الشعاب المرجانية التي تعد، لمن لا يعرفها، أكبر مشروع لاستعادة الشعاب المرجانية في العالم، حيث تهدف إلى زراعة مليوني شتلة مرجان على مدى خمس سنوات".

يشار إلى أن كامبل، قبل انتقاله إلى المملكة العربية السعودية، كان يشغل منصب الرئيس التنفيذي لـ"إنوفيت المملكة المتحدة"، وهي جزء من إدارة البحوث والابتكار الحكومية في المملكة المتحدة. وفي عام 2023، طلب رئيس كاوست من كامبل تولي ما وصفه بـ "امتياز عظيم" وهو قيادة معهد التحول الوطني في كاوست ضمن استراتيجية "أثر متسارع" في الجامعة، وفي هذا السياق يقول كامبل "تمتلك كاوست نخبة من العقول الرائعة التي تجتمع معاً لحل المشكلات الكبيرة. والفائدة غير المباشرة بالنسبة لي هي أننا نستمتع بفعل ذلك. فعند وقوع أخطاء، نحاول دومًا تصحيحها، ولدينا هدف حقيقي، ومغزى لكل ما نحاول القيام به".  

ويعمل معهد التحول الوطني في كاوست على تعزيز أهداف رؤية السعودية 2030 من خلال تيسير التعاون بين الحكومة والقطاع الصناعي والأوساط الأكاديمية، وخلق فرص عمل متميزة وتحويل الأبحاث إلى حلول عملية لمواجهة التغير المناخي وتعزيز الاستدامة وتنويع الاقتصاد. وأشار كامبل إلى أن ما يجذبه فعلًا هو التقدم السريع الذي تعيشه حاليًا المملكة وكاوست، مستشهداً بمبادرة كاوست الجارية لإحياء الشعاب المرجانية كمثال على ذلك. 

أوضح كامبل إنه في الظروف العادية، تأخذ مشاريع إحياء الشعاب المرجانية التي تنفذها المؤسسات غير الحكومية نحو 35 عامًا. ومع ذلك، فإن الطموح الكبير للمملكة يسهم في إنتاج معارف جديدة. وهذا يعني أننا نستكشف تقنيات مبتكرة، ونتبنى العلوم بشكل مبكر، ونسعى لتوسيع الحلول الناجحة. ولا شك في أن هذا يعزز من تطوير المواهب الجديدة والملكيات الفكرية، ويجذب العقول من مختلف أنحاء العالم للمساعدة. 

الريادة في صناعة التغيير  

أكثر ما جذب كامبل إلى كاوست ومنصبه الحالي هو التصميم الراسخ لقيادة المملكة لصناعة تغيير ملموس ومؤثر، ودعم المبادرات القابلة للتطوير مثل الاستخلاص المبرد للكربون، وإنتاج الهيدروجين، وإحياء الشعاب المرجانية، وتطوير الأعلاف الحيوانية المستدامة، وهي مشاريع تتماشى مع خلق فرص العمل والاستدامة، وتعكس أيضًا رسالة معهد التحول الوطني في كاوست. 

يوضح كامبل أن فريق معهد التحول الوطني، الذي يضم 230 عضوًا، يستفيد من خبرات كاوست لتحقيق تأثير إيجابي في المجتمع. يعمل المعهد بشكل وثيق مع أعضاء هيئة التدريس والمختبرات الأساسية بالجامعة وشركائها لتطوير المشاريع والاستشارات والمبادرات البحثية الأكاديمية. كما يركز المعهد على تعزيز الشراكات الخارجية، وتصميم برامج مبتكرة، وحل المشكلات الواقعية، وإعداد قوى عاملة ماهرة لمواجهة التحديات المستقبلية، يقول "يجب أن نُشرك الجميع لتحقيق النجاح. حيث يهدف معهد التحول الوطني إلى إحداث تأثير واسع النطاق يتجاوز ما وراء أسوار الجامعة، وذلك من خلال خلق فرص العمل، والتعاون مع المشاريع العملاقة، وتعزيز رؤية السعودية 2030، من خلال التواصل المباشر مع الوزارات الحكومية وقطاع الصناعة لضمان المضي قدمًا نحو تحقيق طموحات المملكة وأهدافها".  

التحول إلى نظام بيئي للابتكار وتبني المواهب 

وفقاً لكامبل، من أجل أن تصبح كاوست منظومة ابتكار متطورة تُترجم الأبحاث الأكاديمية إلى ثقافة الشركات الناشئة على النحو الأمثل، يتطلب ذلك أفكاراً عظيمة، وتمويلاً سخيًا، وملكية فكرية. ويحتاج أيضًا إلى أفراد ذوي كفاءة عالية وقدرة على تحويل الأفكار إلى منتجات تجارية. ويشير إلى أهمية وجود سلاسل إمداد وخدمات لوجستية، فضلاً عن ضرورة وجود عملاء. إن تنسيق ودمج كل هذه العناصر هو ما يسعى معهد التحول الوطني في كاوست لتحقيقه. 

يهدف معهد التحول الوطني إلى تسريع "الحلقة الإيجابية" كما وصفها كامبل، حيث تساهم أبحاث كاوست في إنشاء شركات جديدة بدعم من القطاعين الصناعي والحكومي، مما يعزز ثقافة ريادة الأعمال. رغم أن الجامعة تتبع نموذجًا عالميًا في البحث والتطوير، إلا أن رسالتها الأساسية تبقى في خلق المعرفة وتنمية رأس المال البشري من خلال تدريب الطلبة الموهوبين، ودعم الأبحاث المؤثرة، وبناء قوة عاملة مستدامة ذات أهداف محددة. ويشير إلى أن المملكة تنتج خريجين ممتازين، وأن كاوست محظوظة بوجود نخبة من هؤلاء في الدراسات العليا. ومن الواضح أنه لتنويع الاقتصاد في مجالات تتماشى مع ركائز البحث والتطوير والابتكار في المملكة، فإن هناك حاجة إلى مهارات متعلقة بذلك، بالإضافة إلى وجود لوائح تنظيمية، وصانعي سياسات، وقوى عاملة مؤهلة. 

تعزيز الشراكة مع الجهات المعنية  

عندما أصبح الدكتور إيان كامبل رئيسًا لمعهد التحول الوطني في كاوست، نقل العديد من أنشطة كاوست إلى العاصمة الرياض. كان الهدف من ذلك تعزيز التفاعل مع الجهات المعنية وأصحاب المصلحة الرئيسيين في المملكة. وقد أُقيمت ورش عمل تتماشى مع ركائز هيئة البحث والتطوير والابتكار في البلاد، حيث قُدِّمَت استراتيجية كاوست، ومعالجة التحديات الخارجية، وبناء شراكات مثمرة. 

وقد زاد هذا النهج من عدد أعضاء برنامج التعاون الصناعي لكاوست (KICP) وهو مبادرة تربط مجتمع البحث في كاوست مع الشركات والجهات الحكومية لتحفيز الابتكار. 

وقال كامبل "من أجل تطوير البحث، يجب أن نفهم أين تكمن احتياجاتنا. ما نحاول القيام به هو العمل مع قطاعات الصناعة والحكومة لفهم التحديات التي تواجهها. وبالتالي نبدأ في النظر في كيفية معالجة تلك التحديات من داخل كاوست ومع شركائنا أيضًا. وبعد ذلك، نطور المشاريع والبرامج والشراكات لتحديد الحلول".  

وأضاف أن التفاعل الخارجي في جميع أنحاء المملكة أمر أساسي مع توسع كاوست "ستكون الشراكات في صميم كل ما نقوم به لأنني لا أعتقد أن معهد التحول الوطني سيحقق النجاح المرجو إذا اقتصرت المشاركة فيه على كاوست فقط. لكي نكون قابلين للتوسع، نحتاج إلى خلق الفرص، والتعاون لحل المشكلات، وجعل أفكارنا ومبادراتنا متطورة وقابلة للتبني. نحتاج إلى تبني هذا النهج منذ البداية".