يوجد ثلاثة أنواع شائعة من أسماك الدنيس في البحر الأحمر، وهي دنيس الحرير الذهبي (Acanthopagrus berda، والفسكر البحري ذو الخطين (Acanthopagrus bifasciatus)، والدنيس الأزرق (Rhabdosargus haffara). واليوم أضيف لهذه القائمة نوع جديد، وذلك بفضل نائب رئيس جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (كاوست)، البروفيسور دونال برادلي، الأستاذ المتميز في فيزياء المواد، والذي يصف نفسه بأنه خبير في معرفة أنواع الأسماك من خلال طرق صيدها.

يقول برادلي: " كنت أصطاد نوعين من أسماك الدنيس (معظمها من نوع دنيس الحرير الذهبي) بواسطة طُعم الروبيان وأحيانًا الحبار أو الخبز. ولاحظت أن بعض الأسماك التي اصطادها تتشابه في شكلها مع أسماك دنيس الحرير الذهبي ، الا أنها تتمتع ببعض السمات الفريدة والمغايرة بشكل واضح". 

تتميز "السمكة الجديدة" بمقدمة رأس أكثر انحدارًا، وبقعة سوداء مميزة على الحافة الخلفية لغطاء الخياشيم، وزعنفة صدرية أكثر اصفرارًا، ولون جسم باهت. وعلى الرغم من بحث برادلي في الكتب والمواقع الالكترونية المتخصصة في أنواع السمك، لم يجد أي معلومة عن سمكة بهذه السمات.  

وفي فبراير 2021، سأل برادلي البروفيسور مايك بيرومين، عالم البحار ومدير مركز أبحاث البحر الأحمر في كاوست، عن هذه السمكة وإذا كان يمكن أن تكون نوعًا جديدًا من أسماك الدنيس، وأرسل له جزءً من زعنفتها مع زعنفة أخرى من سمكة دنيس الحرير الذهبي للمقارنة.

أجرى فريق بيرومين تحليلًا جينيًا لزعنفة السمكة، وخرجوا بنتائج مفصلة ومثيرة للاهتمام، حتى أنهم راسلوا البروفيسور برادلي على الفور أملين ألا يكون قد تناول هذ السمكة حتى يتسنى لهم دراستها بالكامل. 

ولسوء الحظ، لم يتحقق مرادهم حيث انتهت السمكة كوجبة عشاء. مما استدعى البروفيسور برادلي لمضاعفة جهده في الصيد، على أمل التقاط سمكة أخرى مماثلة، يقول برادلي: "كان أمراً صعباً وأستغرق وقتاً طويلاً في محاولة صيد سمكة أخرى مماثلة، الامر الذي جعل ابنتي تعتقد أن والدها ربما وجد نوعًا جديداً من الأسماك وفي الوقت نفسه ساهم في انقراضها!". 

ومن بين الذين شاركوا برادلي في هذه المهمة كان كولين ويليامز، طالب الدكتوراه في كاوست، الذي كان وقتها نائب رئيس نادي الصيد في الجامعة.  وأخيراً اصطاد برادلي السمكة، واستخدم ويليامز، مع باحثين أخرين من مركز أبحاث البحر الأحمر، مصيدة خاصة على شاطئ الجامعة الشمالي لصيد المزيد منها. وتمكنوا من عمل دراسة تفصيلية وجينية لهذه العينات ومقارنتها ظاهرياً بأسماك الدنيس البحرية الأخرى في المنطقة والخليج العربي، فضلاً عن تلك الموجودة في سجلات الإنترنت.

نوع شائع من سمك الدنيس البحري في البحر الأحمر، (الفسكر البحري ذو الخطين) يتم اصطياده عن طريق طعم الروبيان. تصوير: دونال برادلي / © KAUST2022

أخيرًا، تم تحديد "السمكة الجديدة" لتكون نوعًا متميزًا مع أقرب أقربائها، وهو الدنيس البحري المتجول (A. vagus)، الذي يتواجد على طول ساحل المحيط الهندي في جنوب إفريقيا وموزمبيق.

ونظراً لأهمية هذا الاكتشاف العلمي، تم نشره في ورقة بحثية مؤخرًا في مجلة علمية متخصصة في بيولوجيا الأسماك، تحت عنوان (فسكر أوكونوري) نوع جديد من أسماك الدنيس في البحر الأحمر. يقول برادلي: "الاسم العلمي المقترح لهذا النوع هو (Acanthopagrus oconnorae)، فسكر أوكونوري، تكريماً لوالدتي (ني أوكونور) بمناسبة عيد ميلادها التسعين. أما الاسم العام المقترح، فهو سمكة (دنيس بيف برادلي) تكريماً لزوجتي (بيف). لم أتخيل أبدًا أنني سأكتشف نوعًا جديدًا من الأسماك عندما قررت ممارسة الصيد مرة أخرى في كاوست، بعد انقطاع طويل عن الصيد في المملكة المتحدة ".

يشار الى أن أولى الدراسات التي أجريت على أسماك الدنيس في المنطقة كانت منذ حوالي 250 عامًا. ولا توجد تقارير عن أي نوع جديد في أسواق الأسماك المحلية، مما يدل على أن السمكة الجديدة لم تكن ضمن قائمة السلع الأساسية للصيد التجاري. ويعتقد فريق مركز أبحاث البحر الأحمر أن هذه السمكة ربما تُفضل المياه الضحلة حول غابات المنغروف، التي لا تشهد في الغالب أي أنشطة صيد منتظمة أو عمليات غوص علمي.

يؤكد البروفيسور برادلي أنه لا يزال هناك الكثير لاستكشافه في البحر الأحمر من أسماك وكائنات بحرية متنوعة والتي ستُبقي علماء البحار وصيادي السمك في كاوست منشغلين في أوقات العمل وعطلات نهاية الأسبوع أيضاً.