Top

إجراءات كاوست الوقائية لمواجهة فيروس كورونا (Covid-19)



أعزائي أعضاء مجتمع كاوست،
 
أتوجه إليكم اليوم، للحديث عن فيروس كورونا الجديد (COVID-19).  لم يسبق أن مرّ عليّ في حياتي مثل فيروس كورونا الجديد.  فالعدو خفّي وأثاره وخيمة. لا يوجد علاج حتى الآن، والعلماء يبذلون كل مابوسعهم لمعرفة المزيد عنه.الأمر الذي يقلق العديد من سكان العالم. إن إنتشار الفيروس عالمي، ولا يميز بين عرق أو حدود جغرافية.  
بدأنا في كاوست بالتعامل مع هذا الفيروس منذ بداية يناير، حيث أنشأنا فريق عمل متخصص لمتابعة أزمة كورونا. ومنذ بداية عملنا، قمنا بإرسال 25 إعلان، بداية من نصيحتنا الأولية الخاصة بتقليص السفر، وصولا إلى سياستنا الأخيرة لإغلاق الحرم الجامعي أمام حركة المرور الداخلة والخارجة إلى كاوست. التدابير التي اتخذناها هي انعكاس للجهود المتسارعة، التي اتخذتها حكومة المملكة ودول العالم للتصدي لهذا الفيروس.
حتى اللحظة، تم تسجيل أكثر من 300 اصابة مؤكدة في مختلف أنحاء المملكة ، ولم تسجل أية اصابة بفيروس كورونا في كاوست، ونحن نعمل على قدم وساق للحؤول دون ذلك. إن استجابة حكومة المملكة وقيادتها الحاسمة للأزمة، كانت مثالا يحتذى به.
يتألف فريق عمل كاوست المتخصص لمتابعة أزمة كورونا، من اخصائيين متمرسين في مجالات الصحة والأمن وإدارة المرافق، وشؤون مجتمع كاوست والعلاقات الحكومية، وإدارة الموارد البشرية والشؤون المالية والمشتريات، والتواصل المؤسسي. كما يضم الفريق عددا من أعضاء هيئة التدريس والطلبة، جميعهم دأبوا في عملهم، وحرصوا على الإجتماع يومياً، لصياغة وتوزيع استجابتنا لأزمة كورونا.
كما أنشأنا فريق إدارة أزمة كورونا، برئاستي وعضوية جميع أعضاء قيادة كاوست العليا للإشراف على استراتيجية الرد، وإعداد السياسات اللازمة والموافقة عليها لمواجهة أزمة كورونا. واعتمدنا في عملنا على مبدأ التوازن بين حماية صحة مجتمعنا، والحد من أي خلل في نمط حياته اليومية. وتم اعتماد كل سياسة وقرار بعد مناقشته بعناية والأخذ بجميع الاعتبارات.  
ولا بد لي أن أعترف بتقديري لمستوى الاحتراف والتفاني، الذي اظهرته هاتين المجموعتين وكل من شارك من متطوعين من مجتمع كاوست وأعضاء الطاقم الطبي والأمن والسلامة، وفريق العمل الذين بذلوا مجهودا لوضع مختبراتنا في حالة "سبات منظم". بالإضافة إلى أعضاء هيئة التدريس وأساتذة مدارس كاوست، الذين نقلوا جميع فصولهم إلى الإنترنت، وجميع الطلبة الذين تأقلموا مع هذه المتغيرات المفاجئة. وأخيرا، أعضاء مجلس الأمناء اللذين دعمونا بمساعداتهم ونصائحهم.
إليكم جميعاً، أتوجه بالشكر. جميعكم ضحيتم، دون أن تعلموا متى سينتهي كل هذا، وتأكدوا أن هذه التضحيات لن تذهب سدى وأنها ستصب في مصلحة كاوست ومجتمعها. 
وبالرغم من كل استعدادتنا وجهودنا، تظهر التجارب في أماكن اخرى أن الأسوء لا يزال وارداً، ولكن لا يمكننا أن نتهاون. استطاع فيروس كورونا من التأثيرعلى حياتنا اليومية، حيث دفعتنا الأزمة لتقبل مفاهيم حياتية جديدة، كالتباعد الاجتماعي والعمل عن بعد، والإنكفاء عن أحباءنا وكل ماهو عزيز على قلوبنا. حتى باتت حياتنا في حالة ترقب وانتظار، وبتنا مجبورين لتقبل هذا الواقع الجديد. 
إذا كنتم تشعرون بالقلق، لا تيأسوا، لستم بمفردكم - فجميعنا في هذا الأمر سوياً.  
لعل أفضل نصيحة يمكنني أن أقدمها لكم، هي أن تستبقوا هذا الحالة. لذا واظبوا على الإعتناء بأنفسكم - تناولوا الطعام الصحي، ونالوا قسطا وافرا من النوم والراحة. لا تسافروا وتجنبوا التجمعات، وابقوا على مسافة اجتماعية من الأخرين، واغسلوا أيديكم بعد كل نشاط، وحاولوا آن تنجزوا اعمالكم من بعد قدر الامكان. استمتعوا بالهواء الطلق من خلال ممارسة التمارين الرياضية في الخارج من فترة إلى أخرى.
تفاءلوا وحافظوا على إيجابيتكم .
هذا تحديدا ما قمت به أنا! خلال الأسبوع الماضي، أقمت اجتماعتي عن طريق تطبيق Zoom ، وألغيت جميع رحلاتي الدولية والداخلية وتابعت أعمالي من المنزل. ومن حين إلى أخر ألعب مبارة "تنس" أو "غولف" – الرياضتان اللتان تتطلبان مسافة بين اللاعبين. ولم أخرج من الحرم الجامعي خلال الأسبوعين الماضيين. 


الأمر ليس بهذه الكآبة وهذا ليس نهاية العالم. لنتعامل مع الموضوع بإيجابية، ولنستفيد من الفرص التي تغيرت في حياتنا، كقضاء وقت أطول مع عائلتنا. فخلال جولاتي في الحرم الجامعي، أرى العديد من العائلات تتنزه أو على دراجتها الهوائية وغيرها من الأنشطة. 
أجبرتنا هذه الأزمة العالمية، على التواصل مع أصدقاءنا وعائلاتنا المتواجدين في مختلف أصقاع الأرض. وأثبتت أننا جميعنا نعاني من الأزمة نفسها، وأننا نواجه عدوا مشتركا ويتوجب علينا العمل سوياً للتغلب عليه.على سبيل المثال، شاركت كاوست سياساتها وحلولها مع عددا من الجامعات حول العالم. حيث تبادلنا الأفكار وتعلمنا أفضل الممارسات التي اتبعتها جامعات أخرى. وأتمنى أن يستمر هذا التعاون حتى بعد انقضاء هذه الأزمة. 
كجامعة للعلوم والتقنية، يتوجب علينا أن نقوم بدورنا لمحاربة هذه الأزمة العالمية. 
ويتبادر إلى ذهني قصة إسحاق نيوتن عندما اكتشف قانون الجاذبية، ووضع نظريات البصريات، وطوّر عمليات حساب التفاضل والتكامل، كل ذلك أثناء حجره المنزلي خلال أزمة الطاعون. لذا عمدت على تحفيز مجتمعنا البحثي، للتعمق في مجالاتهم العلمية لأيجاد الفرص المناسبة والأدوات والحلول والعلاج المناسب للفيروس. ولدينا عدد من العلماء الذين عملوا في مواضيع مماثلة، وإذا تبين أن أعمالهم ناجحة، سيكون أثر كاوست عالمياً. وأنا فخور بهم لخوض مثل هذا التحدي.


سأختم بالقول بأن أزمة كورونا ستنقضي، وسنتطلع إلى العام 2020 كسنة استثنائية، حيث تعطلت فيها حياتنا، وتغيرت مفاهيمنا وقيمنا، وتم اختبارنا جميعا - على مستوى أفراد ومجتمعات - في هذه الجامعة ومختلف أنحاء العالم. 
نعم - يجب علينا أن نتحد، ويجب علينا أن نحمي أنفسنا من هذا الخطر الغير مسبوق. ولكن أيضاً علينا أن نستغل الفرصة لنصبح أفضل مما كنا عليه بعد إنقضاء هذه الأزمة. 
أود أن أختم رسالتي برجاء بسيط - رجائي هو أن تقربنا "المسافة الإجتماعية" من بعضنا البعض كبشر، في مجتمع كاوست وخارجه، وأن تجعلنا أفضل بعد إنقضاء أزمة فيروس كورونا، كي نتذكر في المستقبل، أن عام 2020 كان العام الذي أكد لنا بأننا دائماً أقوى، عندما نكون موحدين. 
شكرا لكم ودمتم بخير.
توني تشان 
رئيس جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (كاوست)