Top

ما الذي يجعل تكّات ساعة الشيخوخة تتقدم لدى الإنسان؟

البروفيسور خوان كارلوس إيزبيسوا بيلمونتي من معهد سالك للدراسات البيولوجية متحدثاً خلال برنامج الإثراء الشتوي 2019. عدسة: أندريا باخوفين-إخت.

-بقلمتانيا بيترسن، أخبار جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية

لا يزال حلم الحفاظ على الشباب لاطول فترة ممكنة يراود خيال البشر على مدار آلاف السنين، ولكن هل يمكننا ايقاف أو تأخير عملية الشيخوخة؟ إن التقدم في السن هي عملية متدرجة من النضج، والشيخوخة هي العملية التي تفقد فيها الخلايا قدرتها على الانقسام و قدرتها على النمو و أداء الوظائف مع مرور الوقت.

يعتقد البروفيسور خوان كارلوس إيزبيسوا بيلمونتي أننا في مرحلة من التطور البشري يمكننا فيها تغيير أحد وحدات التصنيف الحيوي الأساسية للنوع. وإذا كان بمقدور أحد  القول بذلك ، فمن أجدر من إيزبيسوا بيلمونتي  ذاته؟!

البروفيسور إيزبيسوا بيلمونتي، أستاذ كرسي روجر غويمين، والأستاذ في مختبر التعبير الجيني المرموق في معهد سالك للدراسات البيولوجية، يحظى باعتراف وتقدير عالميين لخبرته في علم بيولوجيا الخلايا الجذعية، وقد اختارته مجلة تايم  أخيراواحداً من أكثر الشخصيات تأثيراً في العالم في مجال الرعاية الصحية. ولقد عرض إيزبيسوا بيلمونتي بعضاً من أهم أبحاثه المتطورة خلال محاضرته التي ألقاها في 16 يناير في إطار برنامج الإثراء الشتوي 2019 في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (كاوست).

التعديل الجيني والخلايا الجذعية

قد يكون للشيخوخة فوائد عديدة، لكنها ليست جيدة لصحتنا. فبعد سن 45 تغدو جميع الأمراض الرئيسية، من قلب وكلى وسرطان وسكري، أكثر انتشاراً لدى البشر. هذا لأنّ الخلايا والأنسجة والأعضاء تبدأ بالتدهور، وتتوقف عن العمل كما كانت عندما كنا أصغر سناً. من خلال الجمع ما بين تقنيات التعديل الجيني والخلايا الجذعية، بادر إيزبيسوا بيلمونتي وفريقه إلى جعل بنكرياس وقلبٍ وعيني جرذ ينمو داخل فأر صغير. كما ولّد الباحثون الخلايا والأنسجة البشرية في أجنة الخنازير والأبقار، على الرغم من أنهم لم يتمكنوا بعد من  جعلالأعضاء البشرية تنمو بنفس الطريقة.

يعدّ البروفيسور خوان كارلوس إيزبيسوا بيلمونتي، الذي ألقى محاضرة في إطار برنامج الإثراء الشتوي 2019 في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، شخصية علمية مرموقة لخبرته في مجال البيولوجيا الجذعية. عدسة: أندريا باخوفين-إخت.

يوضح إيزبيسوا بيلمونتي: "حقنّا بضعة خلايابشرية في الكيسة الأريمية (عبارة عن كرة من الخلايا تنقسم سريعًا لتكون مجموعة الداخلية من الخلايا هي الجنين، والمجموعة الخارجية هي الخلايا التي تغذيه وتحميه) للخنازير، وبعد بضعة أيام أصبح لدينا ملايين الخلايا البشرية تنمو في الخنازير، لكن المشكلة حتى الآن هي أن هذه التجربة ليست بنفس كفاءة تجربة فأر الجرذان". ويقول: "لم نحصل أبداً على عضو كامل، لذا فإن الطريقة التي  تتواصل بها الخلايا البشرية مع خلايا الخنازير ليست بكفاءة  تواصل الجرذان مع خلايا الفأر".

يقول إيزبيسوا بيلمونتي: "إنّ استخدام أعضاء كائن من جنس ما، لزراعتها في جسد كائن من جنس آخر [زينوترانسبلنتيشن- Xenotransplantation هو مجالٌ بحثيٌّ نشأ منذ 40 عاماً، وأشعر أنه- مع تعديل الجينات- بات يتطور الآن بسرعة أكبر. لكننا ما زلنا بحاجة إلى فهم الكثير قبل أن تجلب هذه الفكرة حتى إلى مختبرك، ناهيك عن عيادتك".في جانب اخر يعمل فريق سالك أيضاً على تقنيات التعديل الجيني و ال "إيبيجينوم" Epigenomeوهو عدد كبير من المركبات الكيميائية التي تتحكم في التعبير عن الجينات، و تقدم التعليمات للجينوم عما يجب فعله- سواء مخبرياً أو عند ظهور المرض.ات، و تقدم التعليمات للجينوم عما يجب فعله- سواء مخبرياً أو عند ظهور المرض.

تحدث البروفيسور خوان كارلوس إيزبيسوا بيلمونتي، الأستاذ بمعهد سالك للدراسات البيولوجية في الولايات المتحدة، في الحرم الجامعي في 16 يناير كجزء من برنامج الإثراء الشتوي 2019 في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية. عدسة أندريا باخوفين-إخت.

 

طفرة في نبضات القلب

يقول إيزبيسوا بيلمونتي: "لا يمكننا تعديل الحمض النووي المُتقدّري  mitochondrial DNA (عضيات خلوية دقيقة تمتلك DNA وتورث من جهة الام فقط) فحسب، بل ويمكننا أيضاً تعديل الحمض النووي ضمن النواة nuclear DNA (يتوارث من الابوين مناصفة)، وفي العام الماضي أثبتنا مفهوم التحوّل أو الطفرة في الناس الذين يموتون موتاً مفاجئاً". ويشرح ذلك بقوله: "نراهم يوماً يركضون، في حالة صحية عالية، لكنهم في اليوم التالي يسقطون ويموتون. وذلك لحدوث طفرة تؤثّر في نبضات القلب. لذا، ما فعلناه هو أخذ الأجنة من هؤلاء الأفراد، وباستخدام تقنيات تعديل الجينات، تمكنّا مخبرياً من البرهان على أنّ بمقدورنا الآن تصحيح هذه الطفرة بعينها".

وفي مقارنة رائعة، فإنّ جينوم شخص قبل 100 سنة هو نفسه ولا يختلف عن جينوم الشخص الذي يعيش اليوم، ولكن هناك زيادة 25 عاماً في متوسط عمر الإنسان.

يلاحظ إيزبيسوا بيلمونتي: "إن الآثار المترتبة على ذلك هي أنه بغض النظر عن الطريقة التي نأتي بها من المصنع- بغض النظر عن ما قدمه لنا آباؤنا في الجينات- فإن تغيير ال "إيبيجينوم"  له تأثير كبير على آلية شيخوخة خلايانا. وبتغييرها  يمكننا تغيير تلك الآلية".

وثمّة مجال آخر من البحوث المتطورة يتضمن إعادة برمجة الإيقاعات اليومية على المستوى الخلوي، وذلك لتجديد شباب ساعات لجسم الانسان القديمة.

يعمل فريق سالك الآن مع جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية تحت إشراف بيير ماجستريتي، عميد قسم العلوم والهندسة البيولوجية والبيئية في الجامعة، لمحاولة تجديد الأعضاء باستخدام الأيضات الصغيرة التي ينتجها الجسم طبيعيّاً.

يتساءل إيزبيسوا بيلمونتي: "نستطيع مخبرياً إعادة كتابة ومحو الجينوم الخاص بنا وايضا ال"إيبيجينوم". ولكن، ما الذي سنفعله إذا  أصبحنا نعيش مرتين ضعف ما نعيشه حاليا، وكيف سيؤثر ذلك علينا؟". ويقول: "هذه بالتأكيد مواضيع رئيسية يجب علينا التعامل معها كمجتمع. التكنولوجيا قادمة، ونحن لسنا  في حالة أستعدادلحل العديد من الأسئلة التي نحتاج إلى معالجتها".