Top

إيقاظ "الحل السحري"

ماني ساراثي، أستاذ مشارك في الهندسة الكيميائية في قسم العلوم والهندسة الفيزيائية، وعُيّن مؤخراً مديراً مشاركاً لمركز أبحاث الاحتراق النظيف.

​​​
جرى مؤخراً تعيين ماني ساراثي، الأستاذ المشارك في الهندسة الكيميائية في قسم العلوم والهندسة الفيزيائية في الجامعة، مديراً مشاركاً لمركز أبحاث الاحتراق النظيف.

"أشعر بأنني محظوظ جداً لمنحي هذه الفرصة الجديدة كمدير مشارك في المركز. فهذا الموقع الجديد سيتيح لي فرصة التواصل مع أوساط أبحاث الاحتراق الأوسع نطاقاً، فضلاً عن العديد من الأفراد الموهوبين في المركز والجامعة".

ويرى ساراثي فرصة هائلة للتعلم والتطور الشخصي إلى جانب التفاعل مع أقرانه في المركز.
وأكدّ قائلاً: "يسير العمل في مركز أبحاث الاحتراق النظيف على قدم وساق، وذلك بفضل قيادة المدير المؤسس البروفيسور سوك هو شونغ والمدير الحالي البروفيسور وليام روبرتس. ويعمل فريق هيئتنا التدريسية معاً كما تعمل التروس المضبوطة بدقة في المحرك. ويتمثل هدفي الأول في توسيع ترجمة خبرات المركز مع الأطراف المعنية في الحكومة والقطاع، بحيث نتمكن من إحداث تأثير كبير في المملكة وخارجها".

وأضاف: "علاوة على ذلك، سأجعل من مركز الاحتراق النظيف محوراً لتوظيف طلبة متفوقين وتدريبهم ليصبحوا مهندسين ذوي مستويات عالمية. وأخيراً، سأسعى إلى وصل المركز مع مراكز الأبحاث الأخرى في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية على نحو يمكننا من التصدي لأكثر المشاكل التقنية الملحة بخبرات كبيرة متعددة المجالات. وأظن أن النقطة الأخيرة هي التي سترفع المركز وباقي مراكز الأبحاث في الجامعة إلى مستوى يفوق الامتياز".
 ​

شرارةٌ اللهب

بدأ حب ساراثي للعلوم والاحتراق منذ نشأته في مدينة الظهران في المملكة العربية السعودية، في عام 1993 تحديداً. خلال ذلك العام، افتتن فتى بعمر 13 عاماً بمقالة قرأها تصف خلية وقود الهيدروجين.
وقال ساراثي: "كانت [المقالة] تتحدث عن خلية وقود الهيدروجين، وهي تقنية ستقدم طاقة بكفاءة عالية دون انبعاثات، أي أنها (حل سحري)! يا للروعة، لقد سحرني ذلك، وحفزني على دراسة الهندسة كي أعمل في خلايا الوقود. ولكن تقنية وقود الهيدروجين لم تكن ناضجة عندما أنهيت دراستي الجامعية في 2004، وكانت أبحاثها تتلاشى. ودفعني شغفي بالعمل على تحسين أنظمة الطاقة إلى متابعة ميادين متعددة للطاقة البديلة. ولكنني اخترت الاحتراق لأنه مصدر مشاكلنا في مجال الطاقة، والموضع حاسم يحتاج إلى حلول. ينبغي أن نواجه هذا الإدمان على الوقود الأحفوري مواجهة مباشرة، وعلينا تحسين تقنيات الاحتراق وتخفيض تأثيرها على بيئتنا إلى الحد الأدنى، وأن نكفّ عن انتظار (حل سحري)".

وبالانتقال سريعاً إلى 2017، ما زال بإمكان ساراثي الذي يبلغ السابعة والثلاثين من العمر أن يرى مدى التعلق الذي يمكن للعلم أن يحدثه في عقل شاب. فهو يسعد برؤية الطلبة الشباب الذين يزورون الجامعة، وتحديداً طلبة برنامج جامعة الملك عبدالله للطلبة الموهوبين وطلبة المعهد السعودي للعلوم البحثية، ليستفيدوا من مرافق الجامعة المتعددة، وينهلوا من عقولها اللامعة بغية توسيع معارفهم وعلومهم.

"طلبة برنامج جامعة الملك عبدالله للطلبة الموهوبين رائعون ويمثلون مستقبل الجامعة والمملكة. ومن أكثر الأشياء المجزية هي رؤية طلبة المدرسة الثانوية للمعهد السعودي للعلوم البحثية، الذين كانوا في فريقي قبل أربعة أعوام، وقد أصبحوا حالياً طلبة في برنامج جامعة الملك عبدالله للطلبة الموهوبين يكملون شهاداتهم في أفضل الجامعات الأمريكية. ويضم فريقي حالياً بعض طلبة برنامج جامعة الملك عبدالله للطلبة الموهوبين الذين يكملون أبحاث الدكتوراه. سأشعر بالرضا عندما يكملون درجة الدكتوراه. ويوماً ما، سيصبحون قادة في المملكة وخارجها، ويسهمون في تطوير مجتمعاتهم تحقيقاً لرؤية الملك عبدالله (يرحمه الله) الطموحة".
 

ضرورة الاحتراق

تتمحور أبحاث ساراثي على التأثير البيئي للوقود التقليدي والبديل (الحيوي أو الاصطناعي ...إلخ) وأنظمة احتراقها. كما يضع ساراثي نماذج وتجارب كيميائية حركية أساسية للتنبؤ باحتراق الوقود وتشكّل الملوثات في أنظمة الطاقة. وساراثي مهتم أيضاً بتطبيق خبرته في الجوانب الحركية الكيميائية في دراسة مجموعة واسعة من الأنظمة الكيميائية الهندسية كتلوث الهواء الجوي وطاقة الكتلة الحيوية والحفز الكيميائي.

لقد كان اهتمام ساراثي بالتأثير البيئي السلبي للأنشطة الإنسانية، ولاسيما تشكل الملوثات، المحرك الرئيسي لعمله البحثي. ولا يخفى على أحد مدى ضرر نواتج الاحتراق وعملياته المختلفة. فقد تؤدي عملية الاحتراق بأنواعها المختلفة، كإحراق كميات كبيرة من الوقود وانبعاثات المصانع، إلى آثار بيئية حادة كتلوث المياه والتربة والهواء. وهذه الآثار البيئية هي الآثار التي ينوي ساراثي تخفيضها عن طريق دراسة عملية احتراق الوقود على المستوى الجزيئي.

​ ​
"الاحتراق معروف بآثاره البيئية السلبية، ولكن البشرية تعتمد عليه كثيراً لاستمرار الحياة. وهناك تحسينات كثيرة يمكن إجراؤها في مختلف تقنيات احتراق كمحركات الآليات وعنفات الطائرات ومحطات الطاقة الثابتة. ويمكننا تحسين الكفاءة وتخفيض الانبعاثات إلى حد كبير بفهم عمليات احتراق الوقود على المستوى الجزيئي، الذي يتحقق عن طريق النمذجة الحركية الكيميائية الأساسية التي تقترن بتجارب عالية الدقة".

التواصل العالمي في أبحاث الاحتراق

يتمخض الكثير من عمل ساراثي وفريقه عن نماذج حركية كيميائية لأنواع مختلفة من الوقود النفطي والبديل. ويطبق المهندسون والمعنيون في العالم بأسره نماذج الوقود الكيميائية ويستخدمونها كمدخلات لعمليات محاكاة متعددة لتصميم المحركات.

وأضاف: "يتيح لي عملي في كيمياء احتراق الوقود الاتصال بالباحثين أيضاً في مجالات احتراق أخرى عديدة، كالتشخيص والمحركات وآليات الكوانتم والحوسبة فائقة الأداء ...إلخ. وتمتاز فرصة التواصل هذه بأهمية كبيرة في حل مسائل معقدة".

وفي عام 2014، اكتشف فريقه فجوة في الأبحاث العالمية، وسعوا إلى تصحيحها من خلال إنشاء موقعهم الإلكتروني "Cloudflame". وهو منصة مجانية تتيح الوصول إلى بيانات الاحتراق التجريبية وأدوات محاكاة لجامعات ومعاهد وبلدان الأبحاث التي يتعذر عليها الوصول إلى مثل هذه البيانات والأدوات بسبب ارتفاع كلفة مرافق التجارب واشتراكات المجلات والمعدات الحاسوبية والبرمجيات.

"بات موقعنا الإلكتروني يحظى فعلاً بشعبية كبيرة، لدرجة أن عدد مرات الدخول فاق ألف مرة في الأسبوع. ويمكنك إجراء عمليات المحاكاة مباشرة من الموقع الإلكتروني، ويعتبر هذا سبيلاً لاطلاع الناس على الاحتراق. ويستخدم الموقع الإلكتروني من قبل الجامعات في أماكن مختلفة كالصين والإكوادور والهند وبولندا وفي أماكن يصعب فيها النفاذ إلى الخدمات الحاسوبية اللازمة لإجراء مثل عمليات وبرامج المحاكاة هذه. وفي الوقت الحالي، بات الأساتذة الجامعيون الراغبون في تعليم الاحتراق يستخدمون منصة موقعنا الإلكتروني، التي يمكن للطلبة الاستفادة والتعلم منها بسهولة. إنه أسلوبنا في تيسير الوصول الى الأبحاث من أي مكان. ومن شأن إحاطة عدد أكبر من الباحثين بتقنية الاحتراق بحيث يساعدهم على إدراك مدى تعقيد هذه الأنظمة... وربما يساعدهم على إمعان النظر بخيارات استهلاك الطاقة المتاحة".

مهد للأبحاث الديناميكية

يؤكد ساراثي أنه يتمتع بحرية إجراء أبحاث ديناميكية في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية. وهو يرغب، أكثر من أي شيء آخر، في أن يكون جزءاً من الأبحاث التعاونية المتنامية في الجامعة التي تجرى بين الأقسام لإنتاج المزيد من الأبحاث متعددة الاختصاصات الأكثر عمقاً وترابطاً.

"ما نصبو إليه حقاً هنا في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية هو الاستمرار في جمع المراكز معاً. فالجامعة زاخرة بالعقول الفذة. كما أن الطلبة والباحثين في فريقي متميزون، وأنا أتعلم منهم الكثير. وينطبق الأمر نفسه على الزملاء في مركز أبحاث الاحتراق النظيف. فقد عرفت عن الاحتراق أثناء السنوات الخمس الأخيرة في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية أكثر مما عرفته أثناء سبع سنوات من أبحاث الدكتوراه وما بعد الدكتوراه".

وشرح ذلك قائلاً: "وعلى نحو مشابه، فهيئة التدريس في الجامعة بأكملها مثيرة للإعجاب. ويمكنني أن ألتقي بالبروفيسور زينغ غاو​ في الصباح والتحدث معه عن التعلم من الآلة، ومن ثم إجراء تجربة حفز كيميائي مع البروفيسور كازوهيرو تاكانابي، وإجراء نقاش على مائدة الغداء مع البروفيسور بينت يوهانسون عن مستقبل المحركات، وتناول كوب من القهوة مع البروفيسور مانويل أراندا لمناقشة النظام الإيكولوجي والوراثة اللاجينية للشعاب المرجانية، ومن ثم حضور إحدى محاضرات البروفيسور تاد باتزيك عن موارد الأرض والاستدامة. ولم أتوقف عند هذا الحد، بل بدأت باستكشاف حركية أيض الدماغ إثر نقاش مع العميد البروفيسور بيير ماجيستريتي".

الحرية والأهداف المستقبلية

لدى ساراثي أهداف مستقبلية أيضاً على صعيد أبحاثه الشخصية.
قال: "يتسم حل المشاكل الرئيسية في أنظمة الطاقة والبيئة بصعوبة بالغة. وأرغب في تطوير خبرات ومعارف في مجالات متعددة لوصل الاحتراق بمجالات أبحاث أخرى كالكيمياء الجوية والحفز الكيميائي والتعلم من الآلة وهندسة البترول".
وأضاف مختتماً حديثه: "لقد منحتني جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية هدفاً في حياتي المهنية. ومن اللحظة الأولى التي سمعت فيها عن رؤية الملك عبدالله، شعرت بدافع داخلي شديد كي أكون جزءاً منها. وأتذكر كلمات نائب رئيس الجامعة للشؤون الأكاديمية الدكتور جيمس كالفن خلال مقابلتي، إذ قال إن نجاح أعضاء هيئة التدريس الشباب هو الذي يحدد نجاح الجامعة. لقد منحت، باعتباري أحد أعضاء هيئة التدريس في الجامعة، حرية كبيرة، وهذه الحرية تلهمني لتحقيق مزيد من النجاح".​



مواضيع ذات صلة: