Top

أبحاث كاوست في مجال تخزين الطاقة: شبكة طاقة تحوِّل نفايات الوقود الأحفوري إلى ثروة

يمكن أن يُشّكِل التعاون البنّاء كلمة السر في بناء شبكة كهرباء موثوقة تعمل بالطاقة المتجددة. 

وفي هذا الصدد، يتعاون البروفيسور حسام الشريف باحث مواد الطاقة في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) مع طالبته السابقة نهى الحبشي لتطوير تقنية بطاريات منخفضة التكلفة مُصمَمة لتخزين الكهرباء على نطاق الشبكة. وتُصنَّع البطارية من مواد النفايات المتوافرة بكثرة.

 

ويوضح الشريف "عندما نذكر كلمة نفايات الكربون تجد الكثير من الناس يتوقعون أننا نتحدث عن ثاني أكسيد الكربون وحده، ويغفلون عن أشكاله الأخرى". حيث ينتج عن حرق الوقود الأحفوري نفايات صلبة يُطلَق عليها الرماد المتطاير. ويؤكد الشريف "لقد تم التخلص من ملايين الأطنان من هذه المواد عبر دفنها في الصحراء، ولطالما حاولنا العثور على قيمة لهذا النوع من الكربون، لوضعه موضع الاستخدام العملي".  

سمع الشريف عن إمكانات الرماد المتطاير أثناء مناقشة الموضوعات المحتملة للتعاون البحثي مع طالبته السابقة نهى الحبشي، وهي الآن أستاذ مشارك في جامعة الملك عبد العزيز. ويقول الشريف: "لقد كانوا بالفعل يستكشفون إمكانيات الرماد المتطاير لاستخدامه في العديد من تطبيقات تخزين الطاقة". 

يمكن أن يساهم الرماد المتطاير في حل أحد أكبر تحديات إزالة الكربون من شبكة الكهرباء. فطاقة الرياح والطاقة الشمسية متقطعة الإنتاج، وبالتالي يجب الاستفادة منها عن طريق نظام لتخزين الطاقة. ولكن تتمثل المعضلة في ارتفاع تكلفة بطاريات أيونات الليثيوم حيث لا يمكن نشرها بالسعة اللازمة في شبكة كهرباء تعمل بالطاقة المتجددة بالكامل. 

تقول الحبشي "نركز الآن على بطاريات أيونات الصوديوم، حيث يُعتقد أنها أكثر أماناً وأقل تكلفة وأكثر نفعاً للبيئة من بطاريات أيونات الليثيوم". وإذا نجحنا في تصنيع الأقطاب الكهربائية الكربونية لبطاريات الصوديوم من مادة نفايات، مثل الرماد المتطاير، فإنه يمكننا تخفيض تكلفة البطاريات بشكل كبير. وتؤكد: "لقد جمعنا بعض الرماد المتطاير الذي تنتجه المصانع السعودية ودرسنا خصائصه الفيزيائية والكيميائية". 

ويُعقب الشريف "يتمتع شركاؤنا في جامعة الملك عبد العزيز بخبرة واسعة في التعامل مع هذه المادة، لذلك توافرت لدينا بالفعل بيانات حول بُنيتها والملوثات الموجودة داخلها مما ساعدنا على تطوير المواد الكيميائية اللازمة لتنقيتها". 

وتتمثل الخطوة الأساسية المزمعة في إزالة الملوثات المعدنية النزرة من الرماد المتطاير قبل استخدامه كمواد لصناعة الأقطاب الكهربائية. 

يقول الشريف "بمجرد الانتهاء من مرحلة تنقية الكربون، نستخدم المعالجة الحرارية لهندسة بنيته وهو ما نجيده كعلماء مواد. ولدينا في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية الأدوات والأشخاص المناسبين لتحقيق ذلك".  

تقول الحبشي "بالتعاون مع جامعة كاوست المعروفة بخبرتها العريضة في أبحاث تخزين الطاقة، نجحنا في معالجة الرماد المتطاير ونقيناه لتحسين موصليته وزيادة مساحة سطحه. ونجح الفريق في تطوير مادة لصنع الأقطاب الكهربائية الكربونية مشتقة من الرماد المتطاير. ويؤكد الشريف: "لدينا بالفعل بيانات مبشرة جداً تثبت أن هذا المنتج قادر بالفعل على المنافسة مع المنتجات الحالية في السوق". 

ويشير الشريف إلى أن هذه المواد الكربونية ليست مفيدة فقط للبطاريات. حيث يؤكد قائلاً "يمكن استخدامها بعد هندسة بنيتها في الكثير من التطبيقات، بدايةً من المكثفات الكهروكيميائية وحتى أجهزة حصاد الطاقة التناضحية، وهي نوع من بطاريات مياه البحر". 

تقول الحبشي "إن تطوير مصادر للطاقة المتجددة هو أحد ركائز رؤية السعودية لعام 2030. ونأمل أن يؤدي بحثنا إلى تعزيز أداء أدوات تخزين الطاقة الكهروكيميائية باستخدام المواد الكربونية المتوافرة بكثرة في المملكة العربية السعودية".  

ويقول الشريف إن العمل مع الحبشي وزميلها في جامعة الملك عبد العزيز، نعمان صلاح، ساهم في تسريع وتيرة المشروع بشكل كبير. ويضيف "يمكننا الجمع بين المهارات المختلفة عبر التواصل مع الجامعات الأخرى في المملكة والاستفادة من خبراتها، وهو ما يُيسر حل المشكلات بشكل أكثر فعالية. ونحتاج إلى المزيد من أمثال هذا التعاون لتكليل مساعينا بالنجاح".  

ويضيف "يعمل الكثير من خريجي كاوست الآن في مجال أبحاث البطاريات داخل المعاهد الأكاديمية في جميع أنحاء البلاد. وأود مواصلة العمل معهم ومساعدة فِرقهم البحثية على زيادة إسهاماتهم للمملكة".