التحق بالجامعة
الانتقال إلى الجامعة
انضم إلينا
وظائف أعضاء هيئة التدريس
رؤيتنا
المجلة العلمية
تظهر نتائج مسح عملية الإحصاء البصري لأسماك قرش الشعاب المرجانية الى أن تجمعات أسماك القرش تزدهر في المناطق التي تتم فيها إدارة مصايد الأسماك والمحميات الطبيعية والمناطق المغلقة، ولكنها تتناقص في المناطق ذات التعداد السكاني الكبير نتيجة ضعف الإدارة والصيد الجائر. المصدر: Global FinPrint.
يعتبر التوثيق تحت الماء من الوسائل الأساسية لجمع البيانات البحرية اليوم، وهو أيضاً من الوسائل التي تخضع لعملية تطوير مستمرة نظراً لأهميته الكبيرة للعلماء والباحثين في مجال دراسة البيئة البحرية، وفي هذا السياق، شارك علماء بحار في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (كاوست) في عملية إحصاء بصري لأسماك قرش الشعاب المرجانية (GlobalFinPrint) لتقييم حالتها وتجمعاتها في جميع أنحاء العالم، واستخدموا تقنيات متطورة لجمع هذه البيانات مثل نظام رصد وتصوير الفيديو عن بعد تحت الماء (BRUVS).
وتم نشر نتائج الدراسة في المجلة العلمية نيتشر في يوليو 2020، والتي بينت أن مجموعات أسماك قرش الشعاب المرجانية تنشط في المحميات والمواقع التي توجد فيها سياسات ولوائح صارمة لصيد الأسماك والحفاظ على البيئة البحرية، وفي الوقت نفسه، تقل في المناطق لا تخضع للمراقبة والتي تشهد زيادة كبيرة في عمليات الصيد الجائر.
كما تحدثت الدراسة عن غياب أسماك القرش فيما يقرب من 20 في المائة من مناطق الشعاب المرجانية التي تم مسحها والتي كان من المفترض ان تتكاثر فيها، وهذا يدل على حدوث نوع من الانقراض الوظيفي لهذه الأسماك، أي أن أنواعاً منها قد لا تزال موجودة في نظام بيئي معين، ولكن بأعداد قليلة جداً تجعل تأثيرها الوظيفي على ذلك النظام معدوم.
تعتبر أسماك قرش الشعاب المرجانية من الكائنات المفترسة في أعلى هرم السلسلة الغذائية، لذلك فهي مسؤولة عن المحافظة على إبقاء مستويات الأسماك الصغيرة تحت السيطرة وبالتالي المحافظة على توازن السلسلة الغذائية في البيئة، والتي يمكن أن تلعب دوراً كبيراً في بقاء الشعاب المرجانية، فمن خلال أسماك القرش نستطيع أن نحصل على معلومات مهمة حول شبكة الحياة الأخرى في أنظمة البيئة البحرية، ومع ذلك، فإنها عدد الدراسات حول هذه الأسماك قليل جداً.
صوراً تظهر سمكة قرش الشعاب المرجانية تقترب من الطعم في البحر الأحمر. تصوير: رويالي هاردينستين/كاوست
هو جهاز متطورة يستخدم كاميرات تصوير متصلة بجهاز يشبه الذراع مثبت على صندوق يحوي طعماً خاص لجذب أسماك القرش، يقوم الغواصون بوضع الجهاز في مكان آمن في قاع البحر، وتقوم الكاميرات بتسجيل 60 دقيقة من الحياة البحرية لكل جلسة مسح، وهذا النظام سهل البناء والتركيب باستخدام مواد شائعة ورخيصة نسبيًا بحيث يمكن لعلماء البحار في أي مكان تكييف النظام لتلبية الميزانيات المتنوعة وظروف السفر ومواقع التثبيت والمهارات الفنية اللازمة.
قدمت كاوست بيانات من 101 جهاز في منطقة البحر الأحمر في المملكة العربية السعودية، كما شاركت فرق بحثية من 58 دولة وإقليم في هذه الدراسة من مناطق أخرى، وتم إجراء 15000 مسح فردي وجمع أكثر من 20000 ساعة من الصور ومقاطع الفيديو من 400 منطقة للشعاب المرجانية حول العالم.
وعلى الرغم من أن نظام رصد وتصوير الفيديو عن بعد تحت الماء ليس جديداً على علوم البحار، إلا أن حجم هذه الدراسة كان كبيراً جداً وغير مسبوق، حيث قام المتعاونون في هذا المشروع البحثي بتطبيق نفس بروتوكول التثبيت والتسجيل والتعليقات التوضيحية على عمليات المسح المحلية الخاصة بهم لضمان إمكانية مقارنة النتائج من جميع أنحاء العالم.
A shark investigates bait at a BRUVS installation in the Red Sea. Photo: Royale Hardenstine / KAUST
وعلق الدكتور مايكل بيرومين، عالم البحار ومدير مركز أبحاث البحر الأحمر في كاوست، على أهمية عملية الإحصاء البصري لأسماك قرش الشعاب المرجانية:" هذه بحسب معرفتي أول دراسة عن أسماك قرش الشعاب المرجانية جمعت الكثير من البيانات من العديد من الأماكن باتباع منهج بحثي موحد ومشترك، وهي نوع من الدراسات التي يستحيل إجراءها بصورة فردية، وتعتبر وسيلة قوية لمساعدة الناس على فهم الظواهر التي تحدث في المحيطات والضغوطات البيئية التي تحدث على نطاق عالمي، ولتحسين استراتيجيات الإدارة البحرية على المستويات المحلية".
جاءت جميع ببيانات البحر الأحمر في هذه الدراسة من المناطق التي تم مسحها قبالة الساحل السعودي، وتبين أن أعداد أسماك قرش الشعاب المرجانية فيها كان أقل من المتوقع بكثير.
وقامت عالمة الأحياء البحرية رويالي هاردينستين ، وهي طالبة دكتوراه في مختبر بيئة الشعاب المرجانية في كاوست، بتنسيق استطلاعات المسح البحري والتصوير تحت الماء الخاصة بكاوست، خصوصاً في عملية وضع أجهزة التصوير والرصد في مواقع مختلفة للتعرف على مدى كثافة أسماك القرش ونشاطها ثم تحليل ومقارنة البيانات لكل منطقة، ووقع الاختيار على مواقع قبالة ساحل الجامعة ومنطقة الشعاب المرجانية القريبة من الليث جنوب البحر الأحمر ، وهي منطقة يتم مسحها بانتظام بواسطة علماء كاوست، تقول هاردينستين: " يوجد عدد قليل جدًا من المحميات البحرية على امتداد ساحل المملكة العربية السعودية، وهذه المحميات لا تخضع للرقابة الشديدة، الامر الذي عقد علينا عملية البحث عن مناطق بحرية مثالية لا تتعرض لضغوطات الصيد، لذلك قمنا بمسح الشعاب المرجانية والجزر البعيدة عن الساحل على أمل أن يكون ضغط الصيد فيها أقل نظراً لصعوبة الوصول اليها".
استمع إلى الدكتور بيرومين وطالبة الدكتوراه هاردينستين وزملائهم يتحدثون عن هذه الدراسة في بودكاست الحلقة 15 عن تصوير أسماك قرش الشعاب المرجانية BRUVS watching reef sharks
وتفيد هاردينستين أن هذه الدراسة شملت أيضًا الشعاب المرجانية التي سبق أن تم مسحها بواسطة الدكتورة جوليا سبايت، عالمة الأحياء البحرية السابقة في مختبر بيئة الشعاب المرجانية في كاوست، والتي حذرت من تناقص أعداد أسماك قرش الشعاب المرجانية في البحر الأحمر، كما قامت بجمع بينات كثيرة من عمليات المسح البحري لأسماك القرش قبل هذه الدراسة بما في ذلك زيارة أسواق السمك المحلية والتعرف على أسماك القرش والأنواع الأخرى التي يتم بيعها بصورة منتظمة.
وأشارت هاردينستين إلى أن الدول التي تستفيد من سياحة الغوص تتمتع بفوائد بيئية واقتصادية كثيرة، حيث تجذب أسماك القرش والشعاب المرجانية الجميلة الغواصين من مختلف أرجاء العالم للتمتع بمشاهدة هذه الكائنات الفريدة والنظم البيئية للشعاب المرجانية، لهذا تهتم هذه الدول بحماية هذه النظم البيئية تشجيعاً لسياحة الغوص، وأقرب مثال على ذلك السودان، الواقع في الضفة الغربية من البحر الأحمر، وعلى السواحل المقابلة للمملكة حيث يعتبر وجهة غوص شهيرة للغاية خصوصاً لعشاق أسماك قرش المطرقة التي تتواجد بكثرة على سواحله.
ويوضح الدكتور بيرومين أن انخفاض أعداد أسماك القرش في منطقة البحر الأحمر السعودية، وتناقصها في 20 في المائة من الأماكن الأخرى التي شملها المسح يعود لمجموعة متنوعة من العوامل وعلى رأسها الصيد الجائر وخصوصاً الصيد الذي لا يستهدف أسماك القرش فحسب بل بقية الأسماك الصغيرة التي تعتبر الطعام الذي تأكله أسماك القرش، هذا بالإضافة الى عوامل أخرى متعلق بالتدخل البشري في بيئة أسماك القرش مثل وضع شباك حول مناطق السباحة في الشواطئ السياحية.
وأكد كل من الدكتور بيرومين والطالبة هاردينستين على أهمية إعادة بناء تجمعات أسماك القرش من خلال المعرفة المحلية للمشاكل الخاصة في كل منطقة، والتي يمكن من خلالها التخفيف من الضغوطات التي تتعرض لها أسماك قرش الشعاب المرجانية وبالتالي الحد من انقراضها الوظيفي.