Top

تقنيات جديدة لتحقيق الأمن الغذائي

تدرس مجموعات البحوث الخاصة بالبروفيسور مارك تيستر (يظهر هنا في الصورة مع اثنين من طلبة الدكتوراه) والبروفيسور مجدي محفوظ من جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، تقنيات جديدة في زراعة وتهجين النباتات، التي من شأنها أن تسهم في تحقيق الأمن الغذائي العالمي. الصورة بعدسة سارة مُنشي.

دعا فريق دولي من العلماء، يضم علماء النبات من جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (كاوست)، إلى تطوير وتنظيم تقنيات جديدة في المجالات الزراعية، خاصة فيما يتعلق بالمحاصيل الزراعية، للمساهمة في تحقيق الأمن الغذائي العالمي.

وفي هذا السياق، يقول مارك تيستر، أستاذ علوم النبات في كاوست: "إن الأدوات والوسائل المتاحة اليوم بين أيدي المزارعين والعاملين في مجالات النباتات، تزداد على نحو مثير. فالتقدم السريع، وطرق النسل من بذرة واحدة، تقلل من دورة حياة المحاصيل من أجل إجراء البحوث في مجال حصاد الجينات المفيدة واختيارها وتحديدها. وتسهم هذه الأساليب الجديدة في تحسين العديد من محاصيل الحبوب، التي تستند حالياً على منهجيات اختيار سلالة أبطأ وأقل دقة، وهي المنهجيات التي سبق أن ميزت ما يسمّى بالثورة الخضراء التي شهدها القرن الماضي".

يبحث البروفيسور تيستر ومجموعته البحثيّة في التقنيات الجديدة لزراعة النباتات، مثل التعديل الجيني، من أجل إضافة المزيد من التحسين للمحاصيل. وقد تناولوا في ورقة بحثيّة نشروها مؤخراً في مجلة العلوم Science هذه التقنيات، وشرحوا كيف أنّها توفر طرقاً بديلة قوية لتحسين إنتاج الغذاء مقارنةً بالمحاصيل المعدلة وراثياً.

البروفيسور مجدي محفوظ (إلى اليسار)، الأستاذ المشارك في كاوست، يعمل مع مجموعته البحثية ضمن الحرم الجامعي على دراسة تقنيات جديدة في زراعة وتهجين النباتات. الصورة بعدسة سارة مُنشي.

 
ومن جهته، يقول البروفيسور مجدي محفوظ، الأستاذ المشارك في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية: "عملياً، برزت على وجه الخصوص تقنية كريسبر-كاس بوصفها واحدة من أهم نظم التعديل الجيني للمحاصيل، مع تطبيقات زراعية متزايدة بسرعة في الحبوب الرئيسية، مثل الأرز والقمح والذرة وغيرها والنباتات التي من شأنها تحقيق الأمن الغذائي، كالموز والكسافا، مع العديد من التطبيقات الممكنة في ما يسمّى المحاصيل اليتيمة". وتضطلع أيضاً المجموعة البحثية الخاصة بالدكتور محفوظ، بدور مركزيّ في تحسين هذه التقنية لاستخدامها في المحاصيل.

يستفيد الباحثون في علم النبات من كاوست من مرافق المستنبتات الزجاجية داخل الحرم الجامعي. الصورة بعدسة أنستازيا خرينوفا.

وتخضع المحاصيل المعدلة وراثياً إلى إجراءات تنظيمية كثيرة، بسبب استخدامها حمضاً نووياً أجنبياً. ومن هنا، فإنّ الأساليب الجديدة لتكاثر النباتات التي لا تستخدم جينات منقولة من مصدر مختلف، قد تؤدّي إلى خفض تكاليف الإجراءات التنظيمية وتسريع الابتكار وزيادة المنافسة في صناعة البذور، وجعل أسعار البذور المحسّنة في متناول يد عدد أكبر من المزارعين في البلدان النامية. ويرى العلماء أنّ نشر التقنيات الجديدة يجب أن يتمّ بعناية، لتجنب ارتكاب الأخطاء ذاتها التي عانت منها المحاصيل المعدلة وراثياً.

ويشير الباحثون إلى أن الشراكات بين القطاعين العام والخاص، يمكنها أن تكون وسيلة لتعزيز وتنفيذ التقنيات الجديدة في تكاثر النباتات. تعد هذه الشراكات واعدة بشكل خاص في البلدان النامية الأكثر تقدماً، التي تضم عدداً كبيراً من الناس الذين يعيشون في حالة فقر، ولكن يمتلك قسماً من أفرادها قوة اقتصادية تتيح لهم التفاوض بشأن المنافع المتبادلة مع الشركات الزراعية الخاصة.

أشار البروفيسور مارك تيستر، أستاذ علوم النبات في كاوست إلى إن الأدوات والوسائل المتاحة اليوم بين يدي المزارعين والعاملين في مجالات النباتات تزداد على نحو مثير ". صورة من الأرشيف.

ويمكن بعد ذلك إرسال المنتجات النباتية والبذور من هذه البلدان النامية الأكثر تقدماً إقليمياً، إلى البلدان المجاورة الأقل نمواً. وإلا، فلن تحظى البلدان الأقل نمواً إلا بفرصة ضئيلة لاستخدام التقنيات الجديدة، أو أنّه سيتعين عليها دفع أسعار أعلى بكثير. وتعدّ المبادرة الحالية ما بين الحكومات لتوفير بذور الأرز بلا حدود، خطوةً رئيسة في هذا الاتجاه حيث تسمح المبادرة بمشاركة بذور الأرز بين عدد من دول جنوب وجنوب شرق آسيا.

ويرى محفوظ وتيستر، وفريقهم من المتعاونين الدوليين، أن العديد من تطبيقات التعديل الجيني قد تصبح متاحة خلال السنوات الخمس المقبلة. فعلى سبيل المثال، يمكن لعدة أصناف من محاصيل الأمن الغذائي أن تستفيد فوراً من تقنيات التعديل الجيني الجديدة، لحل مشاكل الآفات والأمراض الرئيسية، وجعل النباتات أكثر مرونة وقدرة على مواجهة الإجهاد المناخي.

يعتقد البروفيسور مجدي محفوظ (الصورة)، الأستاذ المشارك في علوم النبات في كاوست، والبروفسور مارك تيستر، أن تقنيات التعديل الجيني للنباتات سوف تأتي بالعديد من التطبيقات المثيرة خلال السنوات الخمس المقبلة. صورة من الأرشيف.

إن نجاح القطاع العام أو الشراكة بين القطاعين العام والخاص، في تطوير أصناف المحاصيل ذات الصلة، يمكن أن يكون مثالاً لبناء الثقة وإظهار القدرات المحلية على استخدام التعديل بما يحقق المنافع المحلية.

وقد أظهرت بحوث الفريقين أن تحقيق الأمن الغذائي العالمي، يتطلب إطار عمل يستند على الدروس المستفادة من الماضي، وبيئة تدعم الابتكار. ومن المتوقع أن يمثّل التعديل الجينيّ إضافة قوية إلى جهود مكافحة الجوع والفقر، وتحقيق الأمن الغذائي العالمي.