Top

دلالات ارتفاع درجة الحرارة في البحر الأحمر بمعدل أسرع من المعدل العالمي

يعد البحر الأحمر أدفأ بحر في العالم، وارتفاع درجة حرارته بمعدل أسرع من المعدل العالمي يضع قدرة بقاء الكائنات الحية في البحر الأحمر على المحك.

إن أهمية البحر الأحمر لا تعود فقط لكونه أحد أهم طرق الملاحة الرئيسية في العالم منذ أكثر من ٣٥٠٠ سنة، إذ يربط بين قارات أفريقيا وآسيا وأوروبا، وإنما لتزايد أهميته الاقتصادية والبيئية لما له من سمات خاصة (درجات حرارة وملوحة مرتفعة) تميزه عن سائر البحار.

وفي خضم سعي العلماء حول العالم لفهم وتحليل ظاهرة الاحترار العالمي ووضع الحلول المناسبة لمواجهتها، وما للبيئة البحرية من أهمية في النظام البيئي بسبب دورها في تحقيق التوازن المناخي، عكف العلماء في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (كاوست) على إجراء العديد من الدراسات والأبحاث خاصة تلك المتعلقة بالبحر الاحمر. وفي ذلك تقول فيرونكا تشايدز، طالبة الدكتوراة في العلوم البحرية في كاوست: "ينطوي المعدل العالمي لاحترار المحيطات على عواقب كثيرة على الحياة على كوكب الأرض. وعلمنا مؤخراً أن معدل احترار البحر الأحمر أسرع من المعدل العالمي".

وتقدم التحليلات التي أجراها فريق متعدد الاختصاصات يضم باحثين من ثلاثة أقسام في كاوست، بيانات هامة تساعد على التنبؤ بمستقبل التنوع الحيوي البحري في البحر الأحمر عند تتويجها بأدلة ستجمع عن الحدود الحرارية للكائنات الحية المحلية.

وتظهر تحليلات بيانات الاستشعار من الأقمار الصناعية المأخوذة ما بين عامي ١٩٨٢ و٢٠١٥ أن درجات الحرارة السطحية الأعظمية للبحر الأحمر قد ازدادت بمعدل (٠.١٧ ± ٠.٠٧) درجة مئوية كل عشر سنوات متجاوزة المعدل العالمي لاحترار المحيطات البالغ (٠.١١) درجة مئوية كل عشر سنوات. وتوصلت الأبحاث إلى أن درجات الحرارة السطحية العظمى في البحر الأحمر تزداد من الشمال إلى الجنوب على طول حوض البحر الأحمر. فقد سجلت درجات الحرارة الأدنى في خليجي السويس والعقبة في أقصى الشمال، ولكن هذين الخليجين يتعرضان لأعلى معدلات التغير قياساً بباقي مناطق الحوض بمعدل (٠.٤٠–٠.٤٥) درجة مئوية كل عشر سنوات؛ أي أسرع بأربع مرات من المعدل الوسطي العالمي لاحترار المحيطات.

ويتعرض شمال البحر الأحمر لأعلى درجات الحرارة خلال يوليو، في حين أن ارتفاع درجات الحرارة الأقصى في الجنوب يحدث من أواخر يوليو حتى منتصف أغسطس. وبصورة مثيرة للاهتمام، وصلت درجات حرارة سطح البحر إلى قيمتها العظمى في منطقة على الشاطئ الشرقي للبحر الأحمر على بعد ٢٠٠ كم جنوب مدينة جدة، من منتصف أغسطس إلى مطلع سبتمبر. ولعل سبب هذا الشذوذ يكمن في نماذج الرياح الفريدة في هذه المنطقة. كما سجلت درجات الحرارة السطحية العظمى أيضاً خلال ربع يوم تقريباً كل عشر سنوات.

وتشدد تشاديز على أهمية الرصد المنهجي لتقييم آثار هذا الاحترار السريع على ابيضاض المرجان والموت الجماعي للكائنات الحية البحرية. ولا يجري مثل هذا الرصد في البحر الأحمر حالياً، ولكن تشاديز تختبر القدرات الحرارية لبعض نباتات وحيوانات الحوض في مختبرها. ويساعد نموذج يضم بيانات عن درجات الحرارة والحدود الحرارية للكائنات الحية وغيرها من بيانات التنوع الحيوي ذات الصلة على التنبؤ بآثار الاحترار على النظام البيئي المحلي.

وتشير الأدلة إلى أن درجات الحرارة الدافئة في البحر الأحمر تتحدى سلفاً قدرة كائناته الحية البحرية على التكيف والحياة. ومن المعروف أن الكائنات الحية البحرية عموماً تتكيف مع ارتفاع درجات حرارة المحيطات عن طريق الهجرة نحو القطبين. وهذه الهجرة ليست سهلة في البحر الأحمر لأنه حيز شبه مغلق، مما يضع كائناته الحية في دائرة الخطر.