Top

رحلة البروفيسور لورسن من الكاراتيه إلى الابتكار في مجال التقنية الحيوية في كاوست

كل الطرق تؤدي إلى كاوست. بالنسبة للبروفيسور كايل لورسن، الأستاذ المساعد في الهندسة الحيوية، بدأت رحلته إلى جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) مع رياضة الفنون القتالية الكاراتيه. نشأ لورسن في أونتاريو، كندا، حيث طور مهاراته في هذه الرياضة التي غرست فيه التركيز والمثابرة والشجاعة، وهي قيم أصبحت الآن جوهرية في عمله كباحث ومعلم. 

يقول لورسن "الدروس والثقة بالنفس في أثناء التحدث أمام الجمهور التي اكتسبتها كمدرب فنون قتالية ساعدتني على تقديم العروض العلمية بثقة وأريحية، وهو أمر مهم للغاية في هذا المجال"، وأضاف أن دور العالم لا يقتصر فقط على البحث والتجريب، بل يتضمن أيضًا التعليم، والتواصل، واكتساب مهارات جديدة "العمل البحثي بحد ذاته هو جهد تعليمي. نحن نتعلم وننمو باستمرار". 

وجزء من هذا التطور يعود إلى تجربته المبكرة كطالب ومعلم للكاراتيه، مما أهله للقبول في برنامج التعليم المتزامن بجامعة كوينز في كينغستون بعد المدرسة الثانوية. هذا البرنامج الذي يمتد لخمس سنوات مكنه من الحصول على درجتي البكالوريوس في العلوم والتعليم، بالإضافة إلى منحه فرصًا فريدة للبحث الميداني، بما في ذلك فصل صيفي في دراسة علم الطحالب القديمة في شرق كندا، وآخر في مجال العمل البيئي على طول الساحل الغربي للولايات المتحدة، وفصل صيفي ثالث في إدارة الأشجار داخل المستنبتات الزجاجية في الجامعة. 

يقول "من خلال هذه التجربة، تمكنت من دخول المختبر لمشروع أطروحة السنة الرابعة، والذي تضمن الكثير من البيولوجيا الجزيئية والهندسة الوراثية للأشجار، التي كنت مهتمًا بها. وعندما دخلت المختبر، كانت هناك أشجار صغيرة تنمو في صناديق بلاستيكية معقمة في وسط هلامي. كان الأمر رائعاً حقًا وكأنه شيء من الخيال العالمي وعصر الفضاء".  

وعلى الرغم من التزامه بإكمال برنامج البكالوريوس في التعليم، أدرك لورسن تدريجيًا أن مستقبله لن يكون كمدرس علوم في المدارس الثانوية، بل كعالم. لذلك انطلق في برنامج ماجستير لمدة عامين للعمل مع الأعشاب المعدلة وراثيًا (لمنع نمو بلورات الجليد)، وترك جامعة كوينز بعد سبع سنوات مع ثلاث درجات علمية. 

في عام 2011، دُعي من قبل تجمع طلبة الدراسات العليا للتقنية الحيوية الصناعية (CLIB-GC) لمتابعة درجة الدكتوراه في جامعة بيليفيلد في ألمانيا، حيث استخدم تقنية الطحالب الدقيقة لتطبيقات صناعية على نطاق واسع. خلال هذه الفترة، اكتشف عملية جديدة لإعادة برمجة جينات الطحالب لتحقيق تقنية حيوية مستدامة. يقول "انتقلت من الأشجار الكبيرة إلى الأعشاب الأصغر، ثم إلى الطحالب، وهي نباتات أحادية الخلية". 

حصلت ابتكاراته في الهندسة الوراثية على تمويل لمدة خمس سنوات كزميل ما بعد الدكتوراه في ألمانيا، مما عزز عمله العلمي، لكنه حد من تطور مسيرته المهنية بالبقاء في الجامعة نفسها. ولكن، من خلال سفره العالمي المكثف، ومشاريعه البحثية التعاونية، واللقاءات العشوائية، وخصوصًا مع باحثين من كاوست، وجد فرصة لمواصلة أبحاثه في الطحالب والاستقرار كأستاذ وباحث رئيسي في المملكة العربية السعودية.  

التقنية الحيوية المستدامة والتركيبية 

يركز مختبر لورسن "التقنية الحيوية المستدامة والتركيبية" في كاوست على استخدام مصادر الكربون غير التقليدية مثل ثاني أكسيد الكربون والنفايات الصناعية لدفع الابتكار في التقنيات الحيوية. يتخصص المختبر في العمليات الطحلبية المدعومة بعملية التمثيل الضوئي لتحويل الكربون والنفايات المغذية ومخلفات الطعام إلى مواد كيميائية حيوية قيمة في كتلة الطحالب، بما في ذلك البروتينات والدهون والأصباغ، مما يعزز الحلول المستدامة. 

يقول لورسن "نُجرب مسارات كيميائية جديدة وخاصة من النباتات — حيث نستخدم النباتات لإنتاج أدوية أو عطور — ونزرعها في الطحالب. وبذلك لا نحول النفايات إلى بروتينات وكربوهيدرات ودهون فقط؛ بل نصنع أيضًا أدوية وعطورًا ذات قيمة اقتصادية عالية". 

معلم متميز 

في نوفمبر 2024، حصل لورسن على جائزة التدريس المتميز من كاوست لنهجه المبتكر في تعليم الهندسة الحيوية وإرشاده وتفانيه في نجاح الطلبة. يعزو ذلك إلى خلفيته في فنون القتال وتدريبه المهني كمدرس.  

وأشار إلى أن برنامج الهندسة الحيوية كان حديث النشأة عندما انضم إلى كاوست، ولم يكن هناك مقرر مختبري للصف التمهيدي. وبصفته باحثًا رئيسيًا جديدًا، أخذ لورسن على عاتقه تحدي إنشاء مقرر دراسي يجمع بين المحاضرة والمختبر مع موضوع رئيسي. وقد نسق مع أساتذة آخرين لضمان أن تتضمن الدورة محاضرات ديناميكية مع مواد الوسائط المتعددة للحصول على تجربة تعليمية أكثر جاذبية.  

وبسبب جائحة كوفيد-19 واضطرابات العزل الصحي حينئذ، سجل لورسن مقاطع فيديو تعليمية للدورات المعملية، والتي أثبتت أنها إضافات قيّمة. والآن، تدمج كل دورة دراسية في المختبر كل من المكونات الشخصية والفيديو. كما أنه يدعو ضيوف الصناعة لإلقاء محاضرات لتوضيح وظائف التقنية الحيوية، ويدعم تدريب الطلبة على المهارات الشخصية.  

تطلعات المستقبل 

يأمل لورسن أن يساهم مختبره بشكل أكبر في تقديم حلول تعتمد على تقنيات الطحالب لمعالجة التحديات البيئية، وابتكار منتجات تحول المواد المهملة إلى سلع قيمة، يقول "هناك جوانب من العمليات الصناعية نسميها نفايات. لدينا فرصة لاستخلاص قيمتها باستخدام تقنيات الطحالب". 

وأشار إلى أن فرص التسويق التجاري للمواد الكيميائية المتخصصة في الطحالب وتطبيقاتها هائلة، وذلك بفضل تمويل كاوست ورؤيتها - وهو أساس لا يقل أهمية عن الانضباط والدقة في الكاراتيه والعلوم. يقول "أعتقد أن مختبرنا الصغير هو أفضل بنية تحتية للتقنية الحيوية للطحالب في جميع أنحاء العالم – وذلك بفضل الدعم المتميز الذي تقدمه كاوست لدعم الأبحاث والتقنيات الواعدة والمتميزة".